• ×
admin

الأنشطة الترفيهية تحسِّن صورة الذات لدى المراهقين

الأنشطة الترفيهية تحسِّن صورة الذات لدى المراهقين
تساعدهم في التغلب على المشكلات النفسية

د. هاني رمزي عوض

أظهرت دراسة نفسية حديثة، لباحثين من جامعة ليفربول بالمملكة المتحدة، أن مشاركة المراهقين في الأنشطة الترفيهية المختلفة ترتبط بشكل وثيق بتحسين صورة الذات، كما تساعدهم في التغلب على المشكلات النفسية الأخرى، مثل الاكتئاب والقلق. ونُشرت الدراسة في نهاية شهر سبتمبر (أيلول) من العام الحالي، في مجلة بحوث الترفيه «the Journal of Leisure Research».

وأوضح الباحثون أن مرحلة المراهقة تُعد الفترة الأهم في حياة الإنسان، نتيجة للتغيرات الجسدية والنفسية الهائلة التي تحدث خلالها، لذلك يواجه المراهقون في الأغلب كثيراً من المشكلات النفسية بشكل عام، ومشكلات نفسية تتعلق بصورة الذات بشكل خاص؛ خصوصاً مع التقدم التكنولوجي، إذ يعاني المراهق من تراجع صورة الذات، نتيجة للمقارنة المستمرة مع الآخرين، مما يجعله يشعر بالاكتئاب والقلق، ويفقد ثقته في نفسه.

أنشطة ترفيهية

قام الباحثون بمراجعة بيانات ما يزيد على 12 ألف مراهق، أُخذت من دراسة كبيرة بدأت في مطلع الألفية الجديدة ومستمرة حتى الآن، وسميت بمجموعة الألفية (Millennium Cohort Study). وهذه الدراسة تتبعت نمو آلاف الأطفال الذين وُلدوا في المملكة المتحدة بداية من عام 2000، وشملت معلومات كاملة عن الصحة الجسدية والنفسية لهؤلاء الأطفال وأسرهم.

وقد عرَّف الباحثون الأنشطة الترفيهية، بكونها تلك التي تستهلك وقت الفراغ في المتعة والاسترخاء والمرح، وقالوا إن هذه الأنشطة يمكن أن تكون غير منظمة وبشكل فردي، مثل: قضاء الوقت على مواقع التواصل الاجتماعي، ومشاهدة التلفاز، والاستماع للموسيقى، والقراءة، وزيارة المتاحف، أو منظمة وبشكل جماعي، مثل: المشاركة مع الأقران في ممارسة رياضة معينة، أو الاشتراك في فرقة مسرحية، وأيضاً ممارسة الشعائر الدينية.

وحاولت الدراسة الحالية رصد الروابط بين ممارسة الأنشطة الترفيهية المختلفة في فترة المراهقة وبين التمتع بصحة نفسية جيدة، وتم تقييم هذه الروابط في بداية فترة المراهقة في سن الرابعة عشرة، وانعكاسها على المراهقين قرب نهايتها في سن السابعة عشرة، بما في ذلك التواصل الاجتماعي للمراهق، والسلوك الإيجابي، مثل مساعدة ودعم الآخرين.

وركزت الدراسة بشكل خاص على تقدير الذات، كدليل على التمتع بالاتزان والصحة النفسية، وتم تقييم مستوى التقدير الذاتي لكل مراهق، تبعاً لإجابة سؤال يتعلق بمدى الرضا عن النفس. وكانت الإجابات تتراوح بين: (غير راضٍ تماماً عن نفسي/ غير راضٍ/ في بعض الأحيان أشعر بالرضا/ راضٍ/ راضٍ تماماً).

ووجد الباحثون أن المراهقين الذين كانوا أكثر ممارسة للأنشطة الترفيهية في سن الرابعة عشرة؛ خصوصاً الأنشطة الترفيهية الجماعية، يتمتعون بتقدير أعلى للذات، مما يشير إلى الدور الكبير الذي يلعبه قضاء وقت لطيف في التقليل من المشكلات النفسية، وتحسين السلوك الاجتماعي الإيجابي؛ حيث تُسلط هذه النتائج الضوء على أهمية تشجيع المراهقين على ممارسة أنشطة هادفة خارج المدرسة.

وعلى الرغم من أن المراهقات انخرطن في ممارسة أنشطة ترفيهية أكثر خلال أوقات الفراغ، في المرحلة العمرية من 14 إلى 17 عاماً مقارنة بالذكور، وأيضاً تمتعن بعلاقات اجتماعية أفضل من الذكور، فإن المراهقين الذكور تمتعوا بمستوى أعلى من تقدير الذات في المرحلة العمرية نفسها، وكانت صحتهم النفسية أفضل مقارنة بالإناث.

مستوى التقدير الذاتي

وفي سن 14 عاماً، ارتبطت ممارسة مزيد من الأنشطة الترفيهية بمستوى أكبر من تقدير الذات، ومع ذلك، في سن 17 عاماً، كان الارتباط بين الأنشطة الترفيهية وتقدير الذات أقل وضوحاً، ولكن ارتبط بسلوك اجتماعي أفضل كثيراً.

وقال الباحثون إن وقت الفراغ ليس مجرد وقت للراحة فقط، أو الاستعداد للعمل القادم مثل التحضير لبعض الدروس، وأكدوا أن الاستمتاع بهذا الوقت، ربما يكون بالأهمية نفسها للوقت المنقضي في الدراسة؛ خصوصاً في حالة استثماره بشكل جيد في ممارسة نشاط ترفيهي، يمنح المراهق شعوراً بالقيمة والهوية، ما يعزز احترام الذات، ويدعم الصحة النفسية؛ بل ويشجع على اللطف تجاه الآخرين أيضاً.

ولعب عامل الوقت المنقضي في الأنشطة الترفيهية دوراً مهماً في الحفاظ على الصحة النفسية؛ حيث تبين أن تكرار ممارسة نشاط معين يزيد من تقدير الذات في المراهقين؛ خصوصاً الأنشطة التي يتم فيها بذل مجهود بدني، مثل الألعاب الرياضية المشتركة.

وانعكست ممارسة الأنشطة الترفيهية بالإيجاب على صحة المراهقين على كل المستويات، سواء المستوى النفسي (الشعور بالهوية وتقدير الذات)، أو المستوى البيولوجي (تنشيط المخ)، وأيضاً المستوى الاجتماعي (التواصل مع الآخرين)، والمستوى السلوكي (اكتساب عادات جديدة).

وأوضح الباحثون أن الالتزام بممارسة الأنشطة الترفيهية، كانت له فوائد إيجابية على المدى الطويل. وعلى سبيل المثال، ارتبطت المشاركة في أنشطة ترفيهية أكثر في سن الرابعة عشرة بسلوك اجتماعي إيجابي في سن السابعة عشرة، وارتبط ارتفاع مستوى تقدير الذات في سن الرابعة عشرة بانخفاض احتمالية حدوث مشكلات في الصحة النفسية، وأيضاً زيادة السلوك الاجتماعي الإيجابي.

وتبعاً لنتائج الدراسة، يمكن أن تكون المشاركة في الأنشطة الترفيهية بمنزلة الوقاية من حدوث مشكلات في الصحة النفسية للمراهقين لاحقاً، ولذلك تجب زيادة الوعي بأهمية قضاء أوقات الفراغ في الترفيه، حتى في أيام الدراسة، خلافاً لتصور الآباء؛ لأن ممارسة الأنشطة الترفيهية المختلفة المحببة للنفس، تنعكس بالإيجاب على المراهق، سواء في حياته العملية أو صحته النفسية.

ومن خلال إدراك الدور المزدوج للأنشطة الترفيهية، في تعزيز السلوك الاجتماعي والوقاية من مشكلات الصحة النفسية، يُمكن للمعلمين، والآباء، ومُختصي الرعاية الصحية، وضع سياسات عامة لاستفادة المراهقين من أوقات فراغهم.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  4