• ×
admin

أبناء فلسطين.. ثمانون عاماً من الصمود في مواجهة الصهيونية

أبناء فلسطين.. ثمانون عاماً من الصمود في مواجهة الصهيونية

د. إبراهيم النحاس

إذا كان الصمود التاريخي العظيم والدماء الطاهرة التي غذت أرض فلسطين التاريخية، تثبت عظمة أبناء فلسطين في مواجهة المليشيات الإرهابية الصهيونية، فإن الصمود الاستثنائي العظيم الذي عليه أبناء قطاع غزة مُنذ أكتوبر 2023م يؤكد صلابة وشرف أبناء فلسطين، وأصالة قضيتهم، وعروبة أرضهم، وعمق تاريخهم، وقرب تحقق تطلعاتهم بإقامة دولتهم المستقلة..

يُؤشر العام 1947م لبدايات السياسات العُنصرية التي تمارسها العصابات الصهيونية بأشكالها المُختلفة ومستوياتها المتعددة تجاه أبناء فلسطين في الأراضي الفلسطينية، فبعد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر في 29 نوفمبر 1947م، بدأت العصابات والمليشيات الإرهابية الصهيونية بتبني سياسات التطهير العرقي في معظم الأراضي الفلسطينية سعياً منها لتهجير أبناء فلسطين من مساكنهم القائمة وأرضهم التاريخية لتكون بعد ذلك جاهزة لإقامة الصهاينة المُهاجرين إليها من المُجتمعات البعيدة. نعم، لم يكن قرار التقسيم رقم 181 مقبولاً من المتطرفين الصهاينة الراغبين في الاستيلاء على جميع الأراضي الفلسطينية وليس جزءاً منها بحسب قرار التقسيم الذي قبل به نسبة من اليهود الصهاينة المُهاجرين لأرض فلسطين التاريخية. وإذا كانت سياسات التطهير العرقي الصهيونية تجاه أبناء فلسطين قد سبقت ذلك بعشرات السنين، وتعددت مواقعها داخل الأراضي الفلسطينية، وساهمت مساهمة كبيرة في إرهاب أبناء فلسطين، إلا أن مذبحة "دير ياسين" في 9 أبريل 1948م، التي راح ضحيتها أكثر من 107 من سكان القرى الفلسطينية بسبب الاعتداءات والهجمات التي قامت بها المليشيات الإرهابية الصُّهيونية، تأتي شاهداً على تجذر الإرهاب في الفكر الصهيوني والعقيدة الصهيونية التي أسست إسرائيل في 14 مايو 1948م.

وتأسيساً على هذه العقيدة الصهيونية القائمة على سياسات التطهير العرقي، واصلت إسرائيل سياساتها الإرهابية تجاه أبناء فلسطين عندما احتلت الضفة الغربية وقطاع غزة في يونيو 1967م. فبعد الاحتلال المباشر للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، مارست قوات الاحتلال الإسرائيلية سياسات التطهير العرقي تجاه أبناء فلسطين لإجبارهم على الهجرة ومغادرة مساكنهم وأرضهم لتتمكن من الاستيلاء عليها وإقامة مستوطنات للمهاجرين الصهاينة كما حدث في العام 1947م، إلا أن تلك التطلعات الإرهابية الصهيونية لم تتحقق كما خطط لها الصهاينة. نعم، لقد أدرك أبناء فلسطين أهمية الاستفادة من الدروس التاريخية للتعامل مع الأحداث السياسية والأمنية التي يُخطط لها وينفذها الصهاينة بهدف تهجيرهم من أرضهم والاستيلاء عليها لمنحها للصهاينة الجُدد من المستوطنين. نعم، لقد اتخذ أبناء فلسطين قرارات تاريخية ساهمت مساهمة عظيمة في الإبقاء على القضية الفلسطينية حاضرة في السياسة الدولية بعد أن قرروا البقاء في أرضهم والصمود في مواجهة سياسات التطهير العرقي، التي تمارسها تجاهمم المليشيات الإرهابية الصهيونية وقوات الاحتلال الإسرائيلية، حتى يتمكنوا من المحافظة عليها وتوريثها للأجيال القادمة من أبناء فلسطين.

نعم، إن القرارات المصيرية العظيمة التي اتخذها أبناء فلسطين بالصمود في سبيل المحافظة على أرضهم بالرغم من التحديات المتصاعدة التي تمارسها عليها قوات الاحتلال الإسرائيلية والمليشيات الإرهابية الصهيونية ساهمت مساهمة مباشرة في حفظ الحقوق المشروعة لجميع أبناء فلسطين التي أقرتها بعد ذلك هيئة الأمم المتحدة، وعملت على توحيد الجهود الفلسطينية حتى تمكن أبناء فلسطين من تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية عام 1964م التي اعترفت بها الأمم المتحدة كممثل شرعي وحيد للشعب الفلسطيني داخل وخارج فلسطين. وامتدادا لتلك النتائج العظيمة التي حققها صمود أبناء فلسطين في أرضهم والدفاع عن حقوقهم المشروعة، فقد تمكن أبناء فلسطين بعد إعلان استقلال فلسطين في نوفمبر 1988م من الحصول على اعترافات 78 دولة بالدولة الفلسطينية بنهاية العام 1988م، وليتصاعد ذلك العدد من الدول المعترفة بالدولة الفلسطينية ليصبح 160 دولة حتى أكتوبر 2025م.

وفي الختام من الأهمية القول إن الصمود التاريخي العظيم الذي عليه أبناء فلسطين مُنذ 1947م في مواجهة الإرهاب والإبادة الجماعية التي تمارسها عليهم قوات الاحتلال الصهيونية الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة مكنهم من المحافظة على أرضهم التاريخية والدفاع عن حقوقهم المشروعة التي أقرتها القوانين والقرارات الدولية. نعم، وإذا كان الصمود التاريخي العظيم، والدماء الطاهرة التي غذت أرض فلسطين التاريخية، تثبت عظمة أبناء فلسطين في مواجهة المليشيات الإرهابية الصهيونية، فإن الصمود الاستثنائي العظيم الذي عليه أبناء قطاع غزة مُنذ أكتوبر 2023م، يؤكد صلابة وشرف أبناء فلسطين، وأصالة قضيتهم، وعروبة أرضهم، وعمق تاريخهم، وقرب تحقق تطلعاتهم بإقامة دولتهم المستقلة.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  6