• ×
admin

شوقي أمير «الحب النبوي» شعرًا!!

شوقي أمير «الحب النبوي» شعرًا!!

أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

خصَّ أميرُ الشعراء أحمد شوقي -رحمه الله تعالى- حبيبنا رسولَ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بقصائدَ شعريَّة متعدِّدة، خصَّه بها ذكرًا وحبًّا، مدحًا وثناءً، ولا أظنَّ -فيما أعلم- أنَّ أحدًا في العصر الحديث بلغ ما بلغه شوقي في هذا الذكر والمديح، بل في ثنايا قصائده تلميح لسيرة المصطفى -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وتوضيح، عبَّر في كل ما ذكر من قصائد عن عميق حبِّه له -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- فهو في ما ذكر يُعدُّ أميرًا للحبِّ النبويِّ شعرًا، ولا غراوة في ذلك، فحبُّ رسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسَلَّمَ- من أقرب القُربات عند الله، بل إنَّه من أسس الإيمان، ومن أشهر ما جاء في ذلك الحديث الصحيح في قوله -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ-: «ثلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الإِيمَانِ -فذكر منها- أنْ يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليهِ ممَّا سِوَاهمَا».

إنَّ أحمد شوقي عبَّر عن حبِّه وشوقه لرسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- بمجموعةٍ كبيرة جدًّا من الأبيات التي تُعدُّ عميقة المعنى، وقوية المبنى في الحبِّ النبويِّ، فمثلًا في قصيدته الهمزيَّة التي مطلعها:

«وُلِدَ الهُدَى فَالكَائِنَاتُ ضِيَاءٌ

وَفَمُ الزَّمَانِ تَبَسُّمٌ وَثَنَاءُ»

سردٌ لسيرةِ الرسولِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- وتوضيح مكانته، وسمو أخلاقه، وعظيم وحيه، وطلب شفاعته، وكان مديحه فيها فائقًا مبررًا ذلك بأنَّ له مع رسول الله انتسابًا:

أَبَا الزَّهْرَاءِ قَدْ جَاوَزتُ قَدْرِي

بِمَدحِكَ بَيْدَ أنَّ لِيَّ انْتِسَابَا

فمَا عَرَفَ البَلاغةَ ذُو بَيانٍ

إِذَا لَمْ يتَّخذكَ لهُ كِتَابَا

مدحتُ المالكِينَ فَزدْتُ قَدْرًا

وَحِينَ مدحتُكَ اقتدتُ السَّحَابَا

وفي قصيدته نهج البردة التي هي الأُخرى مستودع من الحبِّ العاطفي لرسولِ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- يقول شوقي:

محمَّدٌ صفوةُ البَارِي وَرحْمَتُهُ

وَبُغيةُ اللهِ مِن خَلقٍ وَمِن نَسَمِ

إلى أنْ يقول:

إنَّ الشمائلَ إنْ رقَّت يكادُ بهَا

يُغْرِى الجمادَ ويُغرِى كلَّ ذِي نَسَمِ

إنَّ الحب النبوي ممارسة قلبيَّة تمدُّ الروح بالإيمان، وتسقي النفس بالاطمئنان، ويجب أنْ يكون هذا الحب عميقًا عند كل مسلم، فقد ورد في الصحيحين عن أنس -رضي اللهُ عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- قال: «وَالذِي نَفْسِي بِيدِهِ لَا يُؤمِنُ أحَدُكُم حتَّى أكونَ أحبَّ إليهِ مِن والدِهِ وولدِهِ والنَّاسِ أجمعِينَ» متفق عليه، ولا تصحُّ أيُّ محبَّة له -عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ- إلَّا بتحقيقِ إعلاء قدرهِ ومنزلته في القلب وبين الخلق، ومن أساسيَّات إعلاء قدره ورفعة منزلته اتِّباع سنته وما جاء في سيرته (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا).

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  11