• ×
admin

الصداع النصفي لدى الأطفال... ألم في الرأس وآخر في البطن

الصداع النصفي لدى الأطفال... ألم في الرأس وآخر في البطن
خلل وظيفي في بنية الدماغ لا ترصده وسائل التصوير التشخيصية

د. عبير مبارك

الصداع النصفي هو حالة تشمل لدى الكثيرين «صداع ألم الرأس»، بالإضافة إلى أعراض أخرى. ولكن في نفس الوقت، ثمة نوع آخر من الصداع النصفي الذي يُصيب الأطفال، وهو صداع «ألم البطن»، أو ما يُعرف طبياً باسم «الصداع النصفي البطني»، الذي قد يُعاني منه ما بين 5-8 في المائة من الأطفال.

الصداع النصفي لدى الأطفال

الصداع النصفي (صداع الشقيقة) Migraine بالعموم يمكن أن يصيب البالغين، والأطفال على حد سواء. وغالباً ما تبدأ نوبات الصداع النصفي خفيفة، ثم تتفاقم. ولكن لتوضيح أهمية مشكلة الصداع النصفي، وخاصة لدى الأطفال، فإن صداع الشقيقة يمكن أن يُعيق المُصابين به عن ممارسة الأنشطة اليومية. وفي الواقع، فإن صداع الشقيقة يُصنف بأنه ثاني أكبر مسبب للعجز عن أداء الأنشطة اليومية في جميع أنحاء العالم. ولا تقتصر أعراض هذا العجز على الألم فقط، ولكن أيضاً في الحساسية تجاه الضوء، والصوت، بالإضافة إلى الغثيان، والقيء.

> اختلاف الأعراض باختلاف الأعمار. وتختلف أعراض الصداع النصفي عند الأطفال باختلاف مقدار عمر الطفل. وللتوضيح، فإن الأعراض لدى الأطفال الصغار في عمر ما بين 1 إلى 3 سنوات (Toddlers) تشمل شحوباً مفاجئاً، وقلة النشاط، والتقيؤ. أما لدى الأطفال الأكبر سناً، يمكن أن تسبب نوبات الصداع النصفي الغثيان، والقيء، وآلاماً في البطن، أي «الصداع النصفي البطني» Abdominal Migraine، كما يمكن أن تجعل الأطفال حساسين للضوء، والضوضاء.

وغالباً ما يكون صداع الرأس النصفي نابضاً، ويمكن أن يؤثر على الرأس بأكمله، أو أجزاء منه فقط. وعلى سبيل المثال، فإنه قد يؤثر على الجبهة فقط، أو جانبي الرأس فقط. ولدى المراهقين الأكبر سناً، تميل الأعراض إلى أن تكون أشبه بأعراض البالغين. وعادةً ما يبدأ الصداع ببطء، وعادةً ما يؤثر على جانب واحد فقط من الرأس. ولكن لدى المراهقين الأصغر سناً، فغالباً ما يؤثر على جانبي الرأس. وبغض النظر عن العمر، يشعر معظم الأطفال بتحسن إذا استلقوا في غرفة هادئة، ومظلمة أثناء نوبة الصداع النصفي.

> هالة الصداع النصفي. ويعاني بعض الأطفال مما يُسمى «هالة» Aura الصداع النصفي. وهي أعراض أو شعور يظهر قبل أو أثناء نوبة الصداع النصفي. عادةً ما تستمر الهالة من بضع دقائق إلى ساعة ثم تختفي. وتختلف الهالة من طفل لآخر، ولكنها في معظم الحالات تؤثر على بصر الطفل. وخلال مرحلة الهالة قد يعاني الطفل مما يلي:

- رؤية أضواء وامضة، أو بقع ساطعة، أو خطوط متعرجة.

- فقدان جزء من بصره.

- الشعور بخدر، ووخز في الشفتين، وأسفل الوجه، وأصابع إحدى اليدين.

ويعاني العديد من الأطفال من أعراض الصداع النصفي التي تظهر قبل عدة ساعات، أو حتى يوم من الصداع. ويُطلق الأطباء على هذه الأعراض اسم «الأعراض الاستباقية». والأعراض الاستباقية الأكثر شيوعاً هي: التعب، والتهيج، وشحوب الوجه، والهالات السوداء تحت العينين.

وتصاب بعض المراهقات بنوبات صداع نصفي كل شهر، مع بداية الدورة الشهرية. تُسمى هذه النوبات «نوبات الصداع النصفي المصاحبة للدورة الشهرية».

التشخيص والعلاج

وكثيراً ما تسأل الأمهات: هل سيحتاج طفلي إلى فحوصات؟ ووفق ما تشير إليه المصادر الطبية، فإنه على الأرجح لا. ولكن غالباً ما يُجري طبيب الطفل فحصاً، ويسأله عن أعراضه. وعادةً ما يكون هذا كافياً لتحديد سبب صداع الطفل.

> الفحص التصويري. ولكن حينما يشتبه الطبيب في أن الطفل قد يُعاني من مشكلة خطيرة، فقد يطلب إجراء فحص تصويري، مثل التصوير بالرنين المغناطيسي، أو التصوير المقطعي المحوسب، لالتقاط صور لأجزاء داخل الرأس، مثل الدماغ، وتجويف العينين، ومنطقة الأذن، والرقبة، والحلق.

وقد يسأل البعض: لماذا لا تظهر أي علامات مميزة لصداع الشقيقة في التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ؟ وللإجابة، فإن الشقيقة بالأساس هي خلل وظيفي في بنية الدماغ الطبيعية. ويُظهِر التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يُجرى على الدماغ فقط بنية الدماغ، ولكنه يوضح القليل للغاية عن وظيفته. ولهذا السبب لا تظهر الشقيقة في التصوير بالرنين المغناطيسي. لأنها خلل وظيفي في البنية الطبيعية.

> أدوية العلاج. وعندما يتم تشخيص الصداع بأنه صداع نصفي عند الأطفال، فإن هناك العديد من الأدوية التي إما أن تحتاج إلى وصفة طبية، أو يُمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، ويُمكن أن تُخفف من ألم نوبات الصداع النصفي. كما أن هناك أيضاً أدوية تحتاج إلى وصفة طبية يُمكن أن تُساعد في منع حدوث نوبات الصداع النصفي. ويعتمد اختيار الدواء المناسب للطفل على مدى تكرار نوبات الصداع النصفي، وشدتها وللتوضيح، إذا كان الطفل يعاني من نوبات الصداع النصفي بشكل متكرر، فلا تجدر السيطرة عليه من تلقاء الوالدين باستخدام مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية. فالإفراط في إعطاء مسكنات الألم التي لا تستلزم وصفة طبية قد يسبب المزيد من الصداع لاحقاً، وهو ما يُسمى «الصداع الارتدادي». أي الصداع الناجم عن تكرار تناول أدوية تسكين ألم الصداع. وصحيح أنه قد تساعد بعض أنواع العلاج السلوكي في الوقاية من نوبات الصداع النصفي لدى بعض الأشخاص، مثل تمارين الاسترخاء، ولكن قد لا تساعد هذه التمارين الأطفال الصغار.

وحينما تسأل الأم: كيف يمكنني المساعدة عندما يُصاب طفلي بنوبة صداع نصفي؟ فإن الإجابة ببساطة أنه يُمكنها:

- اجعلي طفلك يرتاح في غرفة هادئة، ومظلمة، مع وضع قطعة قماش باردة على جبهته.

- شجعيه على النوم.

- أعطيه فقط الدواء، أو الأدوية التي تحدثت عنها مع طبيبه.

محفزات ومسببات الصداع

وأحياناً يجد بعض الأشخاص، من البالغين، وحتى الأطفال، أن نوبات الصداع النصفي لديهم تُحفزها عوامل مُعينة. ومن الأمثلة الشائعة: التوتر، والجوع نتيجة تفويت تناول الوجبات، وعدم شرب كمية كافية من السوائل، والنوم كثيراً أو قليلاً. وإذا استطاعت الأم تحديد مُسببات صداع لدى طفلها، فقد تُساعده على تجنّبها. ولمعرفة المُسببات المُحتملة، على الأم الاحتفاظ بـ«مفكرة» للصداع لطفلها. وتدوّن كل مرة يُصاب فيها بالصداع، مع ما يلي:

- أوقات بدايته وانتهائه.

- مكان الصداع في الرأس. على سبيل المثال، الجانب الأيسر، الجانب الأيمن، كلا الجانبين، أو خلف العينين.

- كيف كان الصداع؟ على سبيل المثال: «دقّات نابضة»، أو «حادة متواصلة».

- ما كان طفلك يأكله ويفعله قبل بدء الصداع.

- ماذا فعلت لمحاولة مساعدته؟ على سبيل المثال: اجعلي طفلك يرتاح في غرفة هادئة، ومظلمة.

- ما الدواء الذي أعطيته لطفلك، إن وُجد؟ مع ذكر اسمه وجرعته.

- أي أعراض أخرى ظهرت على طفلك مصاحبة للصداع. على سبيل المثال: رؤية أضواء وامضة.

وبعد تدوين المذكرات لفترة، تتحقق الأم مما إذا كانت هناك أي أطعمة أو أحداث قد تُسبب نوبة الصداع. ثم تحاول تجنب هذه المحفزات لمعرفة ما إذا كانت النوبات تحدث بشكل أقل تكراراً. وعليها مشاركة المذكرات مع طبيب طفلها، أو ممرضته. ويمكن أن يساعدهم ذلك على فهم صداع طفلها، واختيار العلاج الأنسب له. كما أن من الأساسي والمهم أن تتأكد الأم من أن طفلها لديه: عادات نوم جيدة، ومواعيد وجبات منتظمة، وممارسة الرياضة بانتظام. وعلى الأم كذلك ملاحظة ضرورة التواصل المباشر مع الطبيب، أو الحضور بالطفل إلى المستشفى (دون إعطاء أي دواء) في الحالات التالية:

- يُصاب بالصداع أكثر من مرة واحدة شهرياً.

- صداع يبدأ بعد إصابة في الرأس.

- صداع يوقظه من النوم.

- صداع مفاجئ وشديد.

- صداع يحدث مع أعراض أخرى، مثل: القيء، وألم، أو تصلب في الرقبة، وازدواج الرؤية، أو تغيرات في الرؤية، والارتباك الذهني، وفقدان التوازن، وحمى تصل إلى 38 درجة مئوية، أو أعلى، حيث قد تكون هذه الأعراض علامات على نوع أكثر خطورة من الصداع. ومع ذلك، يمكن أن يحدث الغثيان، والقيء وتغيرات في الرؤية مع نوبة الصداع النصفي العادية.

الصداع النصفي لدى الأطفال ومشكلات الجهاز الهضمي

لم يظهر مصطلح «الصداع النصفي البطني» إلّا في عام 1922. وأولى الإشارات الطبية إلى معاناة الأطفال منه كانت في عام 1933. ووفق ما تشير إليه المؤسسة الوطنية للصحة بالولايات المتحدة فإنه: «ورغم وجود معايير تشخيصية محددة بموجب معايير روما الرابعة، ومعايير التصنيف الدولي لاضطرابات الصداع (ICHD) III Criteria، فمن المرجح أن يتم تشخيص الصداع النصفي البطني بشكل أقل من اللازم في فئة الأطفال من قبل كل من أطباء الأطفال العامين، وأطباء الجهاز الهضمي للأطفال. وعند الأطفال، يعتبر الصداع النصفي البطني مصدراً لألم مزمن، ومتكرر في البطن يتعارض مع الأنشطة اليومية، ونوعية الحياة بشكل عام. ويُعرّف الصداع النصفي البطني حالياً بأنه نوبات تشنجية من ألم بطني حاد وشديد حول السرة، أو في خط الوسط، أو منتشر، وتستمر لمدة ساعة على الأقل، وتعيق الأنشطة اليومية. قد يصاحب الألم غثيان، وقيء، وصداع، وفقدان الشهية، ورهاب الضوء، وشحوب. وتفصل النوبات أسابيع، أو أشهر». وتفيد المصادر الطبية بأن لدى الأطفال الصغار ارتباطاً بين العديد من الحالات المرضية المسببة للأعراض الهضمية بصداع الشقيقة. ويمكن أن تؤدي هذه الحالات المرضية إلى نوبات قيء تُعرف بالقيء الدوري. أو قد تسبب ألم المعدة المعروف أيضاً باسم الشقيقة البطنية. ويقول المتخصصون الطبيون في مايوكلينيك: «قد تكون هناك علاقة بين الصداع والأمعاء. فغالباً ما تقترن الإصابة بالغثيان والقيء بنوبات الشقيقة (الصداع النصفي). وتشير الأبحاث إلى أن الأشخاص الذين يصابون بالصداع كثيراً يكونون أكثر عرضة للإصابة بحالات مَعدية مَعوية. كما أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يصابون بأعراض مثل الارتجاع، والإسهال، والإمساك، والغثيان يكونون أكثر عرضة للإصابة بالصداع مقارنةً بغيرهم». ويضيفون: «قد تكون مشكلات الجهاز الهضمي، مثل متلازمة القولون المتهيج IBS، مرتبطة بالشقيقة. ويمكن أن يساعد علاج تلك المشكلات في تقليل معدّل نوبات الشقيقة، أو تخفيف حدتها. ومع ذلك، ما زالت هناك حاجة لإجراء المزيد من الأبحاث لفهم العلاقة بين مشكلات الجهاز الهضمي والشقيقة». و«الشقيقة البطنية» هي نوع من الصداع النصفي يصيب الأطفال غالباً. وبدلاً من صداع ألم الرأس، يكون هناك ألم في البطن. ولا يعرف الأطباء تحديداً سبب «الصداع النصفي البطني». ولكنه أكثر شيوعاً لدى: - الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وعشر سنوات. - الفتيات. - الأطفال الذين يعانون من الصداع النصفي في عائلاتهم.وغالباً ما تكون نوبات الصداع النصفي البطني «متكررة»، أي إنها تحدث أكثر من مرة. ويتوقف معظم الأطفال عن الإصابة بالصداع النصفي البطني بمجرد بلوغهم سن المراهقة، ولكن لدى الكثيرين منهم يتحول الأمر إلى مشكلة الصداع النصفي المعروف بألم الرأس. والعرض الرئيس هو ألم البطن. يمكن أن يكون الألم في منتصف البطن، أو في جميع أنحاء البطن. يمكن أن يستمر لعدة ساعات، أو حتى بضعة أيام، إذا لم يُعالج. كما يعاني الأطفال المصابون بالصداع النصفي البطني أيضاً من عرضين أو أكثر من الأعراض التالية: فقدان الشهية، الغثيان، القيء، الشحوب الشديد.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  4