• ×
admin

جراحات السمنة ونمط الحياة

جراحات السمنة ونمط الحياة
لماذا يعود الوزن للزيادة بعد العملية؟

د. عبدالعزيز بن محمد العثمان

جراحات السمنة ليست الحل النهائي لعلاج السمنة، ولكنها الحل الأخير لإجراءات إنقاص الوزن، ومع هذا فقد يعود الشخص لزيادة الوزن مرة أخرى بعد العميلة فيضطر لإجرائها مرة أخرى أو الانتقال من التكميم إلى عمليات أكثر حدة مثل تحوير الأمعاء. ارتبطت جراحات السمنة بإنقاص الوزن، والحقيقة أن أساساً لعلاج حالات أخرى مثل إزالة أورام لمعدة (خبيثة أو حميدة) مثل سرطان المعدة، علاج قرحة المعدة المزمنة أو النزيف الحاد والتهابات المعدة أو عند وجود ثقوب في جدار المعدة لأي سبب كان أو وجود تكتلات غريبة داخل المعدة.

ولأن التكميم من أشهر عمليات السمنة فيكون تركيزنا على هذا النوع ولنبدأ بإعطاء معلومات مبسطة عنه. هناك ثلاثة أنواع لعملية تكميم المعدة: تكميم جزئي، يتم فيه استئصال جزء من المعدة غالباً يكون الجزء السفلي، وتكميم كلي ويتم فيه استئصال كامل المعدة، تكميم المعدة لإنقاص الوزن الذي يتضمن فقط استئصال الجزء الأيسر منها. من مميزات التكميم أنك لن تنحرم من تناول الطعام والمشروبات، إلا أنك ستحتاج بعد العملية إلى عدة تغييرات حياتية مهمة ومن أهمها تناول كميات قليلة جداً من الطعام في كل وجبة وتقليل الأغذية الغنية بالألياف والاكتفاء بالأغذية السائلة بالذات في الأسابيع الأولى، ولكن بعد أسابيع أو أشهر يجب مراعاة فحص الدم للتأكد من عدم وجود نقص في المعادن والفيتامينات، وإن وجدت لابد من تناول المكملات الغذائية المناسبة والتركيز على الأغذية الغنية بتلك العناصر الغذائية ومن أهمها الكالسيوم والحديد وفيتامين (ج) وفيتامين (د).

سوء التغذية من أكثر الأعراض انتشاراً بعد جرحات السمنة بعد أشهر أو سنوات، ويحدث نقص في واحد أو أكثر من العناصر الغذائية مثل المعادن والفيتامينات فتحدث آثار ذلك النقص على بعض أعضاء الجسم وتبدأ بالبشرة والشعر ولكن بعضها لا يمكن ملاحظته ولا بد من إجراء بعض التحاليل لمعرفته وعلاجه قبل حدوث تأثيرات سيئة على الجسم، وقد يحدث سوء تغذية في الأسهر الأولى بالذات مع حالات الإسهال والغثيان، لهذا يجب توعية المريض قبل العملية وتدريبه على نظام الأكل واختيار الأغذية الغنية بالعناصر الغذائية المهمة وتنظيم الوجبات من ناحية النوعية والكمية وووقت تناولها، ومن دون ذلك التنظيم فحدوث سوء تغذية ونقص في العناصر الغذائية وراد جداً.

جراحوا السمنة في المملكة من الكفاءات الطبية المتميزة، فهم لا يجرون العمليات إلا بعد تأكدهم من انطباق المعايير الخاصة بعمليات السمنة ومنها تجاوز مؤشر كتلة الجسم 40 % فأكثر أو 35 % مع وجود عوامل خطر أخرى مثل الإصابة ببعض الأمراض المزمنة والتي قد تودي بحياة المريض إذا لم يتم تخفيف الوزن مع فشل كافة الإجراءات الأخرى لتخفيف الوزن مثل التغذية الصحية المناسبة واللياقة البدنية وتعديل نمط الحياة وحتى الأدوية.

بعد العملية قد يشعر المريض ببعض الأعراض البسيطة مثل آلام وتغيّرات في الحالة المزاجية، والشعور بالإرهاق والتعب، وبرودة الأطراف وجفاف الجلد، وبعد عدة أسابيع ضعف في الشعر وتساقطه.ومن ضمن المضاعفات التي قد تحصل بعد العملية: ارتجاع المعدة المريئي قد يصاحبه غثيان وتقيؤ وحموضة وحرقة المعدة، الإسهال، متلازمة إغراق المعدة Dumping Syndrom، وجود عدوى أو التهاب الجرح وربما انتقاله إلى الصدر وصعوبات في التنفس، وقد يحدث جلطات أو نزيف داخلي أو خروج سوائل أو جزء من حمض المعدة من موضع الجرح، وقد يحدث انسداد في الأمعاء الدقيقة أو خرجات في بعض المناطق مثل الطحال أو حدوث حصوات المرارة. بعد العملية بعدة أسابيع أو أشهر قد يحدث نقص في الفيتامينات والمعادن وهذا شائع. من أشهر المضاعفات التي تحدث بعد العملية وتسبب تعباً للمريض هو التسريب سواء بعد العملية مباشرة أو ما يسمى بالتسريب المتأخر والذي قد يحدث بعد عدة أشهر وربما عدة سنوات وهي قليلة، ويمكن علاج التسريبات المباشرة بعد العملية من خلال عمليات لتصحيح الجراحة.

من المضاعفات التي لا ينتبه لها كثير من المرضى بعد العملية ألا وهي ترهلات الجلد، حيث يبدأ نقص الوزن من الجزء العلوي ثم تحدث الترهلات عندما لا يزاول المريض أنشطة بدنية مناسبة وتمارين مركزة لشد الجلد يومياً، وعندما يكون وزن الشخص عالياً جداً قبل العملية وهذا هو الأصل فتكون الترهلات كبيرة جداً قد لا يعالجها إلا عمليات إزالة أو استئصال تلك الترهلات.

لماذا يعود الوزن للزيادة

ليس كل المرضى تنقص أوزانهم بشكل مرضٍ، وقد أشارت بعض استطلاعات الرأي أن أكثر من ثلث المرضى الذين أجروا عمليات سمنة غير راضين عن نتائجها، وآخرون لم يتوقعوا مايحدث لهم ولم يخبروا به قبل العملية. عدد ممن أجروا تلك العمليات عادوا لأوزانهم السابقة بسبب تمدد المعدة لأن المريض لم يلتزم بخطة النظام الغذائي ولم يغير نمط حياته بتقليل الأغذية عالية السعرات ولم يتغير طبعه أو سلوكه تجاه الغذاء ولم يمارس اي نوع من الأنشطة البدنية، كما أنه يحدث لبعض المرضى نوع من حساسية الطعام وعدم تحمل بعض الأطعمة.

يتعرض كثير من المرضى لمشكلة عسر الهضم بالذات في الأشهر الأولى بعد العملية وقد يترافق معه سوء الهضم وتكرر الأسهال والإمساك، ومن الحالات الغريبة التي قد تحدث ما يسمى بالإدمان المنقول addiction transfer، حيث يكون سبب السمنة لديه مشاكل نفسية تجعله يكون شرهاً في الأكل فيتناول كميات كبيرة من الطعام وبعد تصغير المعدة لا يستطيع فعل ذلك فيلجأ إلى إدمان شيء آخر يشعر أنه يخفف مافيه من التوتر والقلق والاكتئاب، فبعضهم يدخن بشراهة وبعضهم يلجأ إلى شرب المسكرات وغيرها من السلوكيات المنحرفة التي يرى فيها الخروج مما هو فيه من الضغوط النفسية.

حمية ما بعد عمليات جراحات المعدة والأمعاء

بعد عملية السمنة يتم عمل برنامج غذائي من قبل أخصائي/ة التغذية العلاجية، والذي يستمر لمدة أربعة أشهر على الأقل، حيث يتم إطعام المريض بوجبات صغيرة جداً جداً ومكررة وموزعة على اليوم، وتدرج على خمس أو ست مراحل وهي على النحو التالي:-

اليوم الأول بعد العملية: تناول الماء والسوائل صافية فقط وبكميات قليلة جداً 50-90 مل في المرة الواحدة أي بقدر نصف كوب البلاستيك المعروف أو بيالة الشاي العادية. هناك مشروبات جاهزة تصلح لليوم الأول، ويمكن عمل مشروبات في المنزل بحيث لا يكون فيها أي ألياف.

اليوم الثاني بعد العملية: يمكن تناول السوائل غير الصافية مثل الحليب منزوع الدسم، والشوربات الصافية والشاي أو القهوة من دون كافيين والعصائر من دون سكر.

عندما يستطيع المريض تناول الأغذية السابقة بلا مشاكل يمكن أن ينتقل في الأيام التالية والتي تمتد إلى أسبوعين إلى الأغذية شبه السائلة والناعمة والمهروسة هرساً تاماً أي ألا تحتوي على أي قطع مهما كانت صغيرة من الغذاء. ويمكن عملها باستخدام خلاطات مناسبة، حيث يهرس البيض أو الجبن أو اللحم والسمك أو الفواكه والخضار قليلة الألياف من دون قشور هرساً تاماً لتكون سائلة بإضافة الماء إليها، مع الاستمرار على تناول السابق سواء الماء أو الشوربات أو الحليب والعصائر المهم ألا يكون فيها تكتلات وقطع صغيرة. لا يسمح بشرب الماء أو السوائل الأخرى إلا بعد الوجبة بنصف ساعة على الأقل. مهم جداً تجنب أي أغذية تسبب الغازات بما فيها الحليب ومنتجاته لدى البعض، كذلك يجب تجنب كل البهارات والأغذية الجديدة التي لم يتعود عليها المريض. مهم جداً التدرج البطيء في إضافة أغذية جديدة، ويجب عدم الاستعجال في الانتقال لمراحل أخرى قبل تجاوز المرحلة السابقة تماماً.
بعد أسبوعين على الأقل عندما يتجاوز المريض هذه المرحلة بلا مضاعفات يمكن الانتقال للمرحلة التالية، وهي الأغذية اللينة وهي أغذية مهروسة، ولكن يمكن أن أن يكون فيها قطع صغيرة سهلة الهضم، يمكن تناول الأغذية المسموحة سابقاً ويراعى تجنب ماسبق ذكره وهي الأغذية عالية السكر أو الأغذية عالية الألياف إلا في حالات مرضية معينة سنتطرق إليها. يمكن هرس البيض واللحوم والفواكه والخضار، ولكن بعد إزالة القشور.

المرحلة الأخيرة تبدأ بعد ثمانية أسابيع من العملية في حالة تجاوز المراحلة السابقة بسهولة فيمكن الآن تناول الأغذية الصلبة بالتدريج، ولا بد من تجنب الأغذية القاسية أو قشور الفواكه والخضار أو ما يتوقع أن يكون مروره صعباً في مضيق المعدة، وينصح بتناول الأغذية المعتادة وتجنب أي غذاء جديد بالإضافة لتجنب السكر والبهارات والأغذية الحريفة مثل الفلفل والشطة. في هذه المرحلة وفي كل المراحل يتجنب المكسرات بكل أنواعها والبوب كرون والفواكه المجففة والمشروبات الغازية والعصائر المصنعة والأغذية عالية الألياف مثل الخضار الورقية والفواكه المجففة واللحوم القاسية مثل لحم الحاشي أو الأغنام كبيرة السن، الأغذية المثلية بكل أنواعها والخبز والمخبوزات والمعجنات من الدقيق الأبيض.

-بعد الأسبوع الثاني عشر إلى الرابع عشر يمكن للشخص تناول الأغذية بشكل اعتيادي، ولكن تكون الكميات صغيرة جداً ومكررة وتدريجية من ناحية الصلابة. وفي كل الأحوال تكون صحية، فالأغذية عالية السعرات والأغذية المقلية أو المرتفعة في الدهون يجب تجنبها تماماً حتى الوصول للوزن المثالي، وبعده يمكن التسامح أحياناً إذا دعت الضرورة، ولكن لا ننسى أن العمليات ليست علاجاً نهائياً وإنما هي وسيلة فعالة لإنقاص الوزن وتعويد الشخص على نمط الحياة الصحية السليمة.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  234