• ×
admin

آلام الصدر؟

آلام الصدر؟
يجب أخذها على محمل الجد حتى يثبت العكس


إعداد: د. خـالد عبد الله النمر

هناك مفاهيم خاطئة يتدأولها البعض عن آلام الصدر، ومن المهم تصحيحها؛ لأن لها تأثير كبير على صحة القلب مستقبلاً، وسنعرض لشيء منها في هذا المقام:

أولها أنه إذا جاءت الجلطة -لا سمح الله- فهناك وقت تستطيع العلاج بالأسبرين في أقرب مستشفى، ولذلك لا داعي للفحوصات الوقائية؟ والحقيقة أن حوالي 40 % من جلطات القلب تحدث على شكل وفاة مفاجئة، أو ما يسمى موت الفجأة، وهذا لا يعطي فرصة كافية للذهاب إلى المستشفى، فمن الممكن أن تحدث أثناء النوم أو في المسجد أو السوق أو أثناء الأكل أو في مواقف السيارات ..إلخ، والمحظوظ منهم من يكون بقربه شخص لديه وعي بالإنعاش القلبي الرئوي وبقربه صاعق كهربائي أو يستطيع استدعاء الإسعاف في الوقت المناسب.

أما ثاني هذه المفاهيم هو أنه إذا ما معك ألم في الصدر.. فما معك جلطة؟؟ والحقيقة: إن الألم أحد أعراض الجلطة المتأخرة، فالجلطة تبدأ بانسداد الشريان، ثم تغير انبساط القلب، ثم تغير انقباضه، ثم تغيرات التخطيط، ثم الألم، وكثير من المرضى تصيبهم الجلطة، وهم لا يحسون بألم، وهم يشكلون 30 % من مجموع الجلطات مثل كبار السن والنساء ومرضى السكري وقصور الكلى، وقد تكون أعراض الجلطة ضيقاً بالنفس أو إغماء أو خفقاناً أو من دون أعراض يتذكرها المريض خصوصاً إذا كانت محدودة.

وثالثها أنه إذا كنت تستطيع طلوع الدرج من غير ألم فما معك جلطة!

والحقيقة أن ذلك كله يعتمد على حدة الجلطة وشدة تضيق الشرايين، ولكن غالبية مرضى الجلطات الحادة يستطيعون المشي وطلوع الدرج.. فالجهد في حد ذاته ليس شرطاً ينفي الجلطة من عدمه، أو يثبتها في حال وجوده.

أما رابعها فمن يعتقد أن ألم الظهر...أو الأبهر... يعني أنه من أعراض القلب؟ والحقيقة أن الأبهر علمياً كما هو معروف الشريان الكبير الذي يأخذ الدم من البطين الأيسر إلى باقي أنحاء الجسم... ولكن عند العامة يعني الألم الذي بين لوحي الكتف، وهو في الغالب ألم عضلات، ومن النادر أن يكون بسبب تضيق شرايين القلب.

وخامسها من يعتقد أن نغزات الصدر التي تنتقل من محل إلى آخر في ثوانٍ بسيطة من القلب؟ والحقيقة أن النغزات يقصد بها ألم لثوانٍ في القفص الصدري، وينتقل من محل لآخر، وهو ليس من القلب، حيث إن الغالبية العظمى منها إما من عضلات الصدر أو ارتجاع المريء أو القلق النفسي، وطريقة التشخيص بوصف المريض أولاً، وثانياً بفحصه، وثالثاً بعمل الفحوصات اللازمة التي تنفي وجود أمراض عضوية في القلب.

وسادسها من يقول: إذا أحسست بألم الجلطة فمن الأفضل أن تسوق سيارتك لأقرب طوارئ؟ والحقيقة أن الدراسات العلمية المحلية التي أجريناها أوضحت أن حوالي 90 % من مرضى الجلطات القلبية الحادة لدينا يأتون إلى الطوارئ على سياراتهم أو سيارة أحد الأقارب أو الأصدقاء !؟ والأسوأ من ذلك كله أن يأتوا بقيادة سياراتهم على الرغم من أن بعضهم توجد مراكز الإسعاف "الهلال الأحمر" جوار بيوتهم!!! وهم بلا شك عندهم وجهة نظر أن الإسعاف يتأخر في الوصول حوالي 15 دقيقة.. بينما السائق في 6 دقائق يصل لأقرب إسعاف.. وفي المقابل يجب أن يعرفوا أن المهم هو سرعة وصول الصاعق الكهربائي إلى المريض بغض النظر ما الطريقة التي وصل فيها المريض، بالإضافة إلى خطورة ذلك على المريض؛ حيث إن واحداً من كل ثلاث مئة حالة تستخدم هذه الطريقة يتوقف قلب المريض فيها أثناء قيادة المركبة في الطريق مما يسبب ضرراً لنفسه ولمستخدمي الطريق الآخرين، وفاجعة من يسوق بالمريض من أخ أو صديق قد تؤدي به إلى سرعة مفرطة يضر بها نفسه والآخرين، وفي نفس الوقت لم يساعد المريض.... وقد رأيت من أوقفه المرور لرعونة قيادته رغم أنه كان مصاباً بالجلطة.. ولم يخطئ أفراد المرور البتة في ذلك، حيث حافظوا على حياته وحياة الآخرين، وهذا يختلف تماماً عندما يكون المريض في سيارة إسعاف مجهزة بأشخاص يمكنهم التعامل مع مثل هذه الحالات، وفي نفس الوقت لا تسبب الضرر لمستخدمي الطريق الآخرين، والنقطة الأهم في ذلك أنه قد يبدأ الأشخاص المدربون في الإسعاف مذيبات الجلطة قبل الوصول إلى المستشفى مما يقلل من مضاعفات الجلطة المحتملة.

ومن تلك المفاهيم الخاطئة أنه إذا أحسست بألم فاصبر ساعة أو ساعتين إذا ما راح... روح للإسعاف!! والصحيح أنه يجب ألا يتأخر ويتردد المريض في استدعاء الإسعاف، حيث إنه في العالم أجمع يتأخر مرضى الجلطات في استدعاء الإسعاف. وهذا خطأ، فقد رأينا بعض حالات الجلطات يأتي بعد 12 ساعة أو يوم أو يومين، وهو يكابد الألم لعله يذهب!! أو ( يستحيي أن يذهب للطوارئ ويطلع ما فيه شيء) كما قال لي أحد المرضى.. والصحيح أن تستدعي الإسعاف وتترك للمختصين الحكم.. فإن تخطئ في استدعاء الإسعاف لألم ليس من القلب أهون بكثير من أن تخطئ في عدم استدعاء سيارة الإسعاف وأنت تعاني من الجلطة.

والخلاصه: إن آلام الصدر يجب ألا يستهان بها، وتؤخذ على محمل الجد حتى يثبت عكس ذلك.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  544