• ×
admin

مشكلة لها ثلاثة وجوه

مشكلة لها ثلاثة وجوه


د. ميسرة طاهر

الأطفال مفرطو النشاط يمثلون لأهليهم مشكلة ذات ثلاثة وجوه، وجهها الأول كثرة الحركة، ووجهها الثاني ضعف الانتباه، والوجه الثالث سوء العلاقة مع الآخرين. وخلال الأسبوع الماضي وصلتني رسائل كثيرة يطلب أصحابها طرقا عملية لمساعدتهم في معرفة أفضل الطرق للتعامل مع هؤلاء الأطفال، وسيتناول هذا المقال بعض أهم هذه الطرق.. أولا: يحتاج الأبوان أو المربون بصفة عامة إلى الثبات في التعامل مع هؤلاء الأطفال، واستخدام كلمات وجمل تؤكد ثباتهم وحزمهم، مع التأكيد على أهمية أن يضعوا حدودا ونظاما للنشاط اليومي للطفل، وعند تعليم الطفل فإنه يحتاج أن نضرب له المثل لكل ما نريده منه، كما يحتاج منا إلى تدريب على الأشياء التي نريد أن نعلمها له، ونظرا لكثرة اللوم الذي يتعرض له هؤلاء الأطفال فإن صورتهم عن أنفسهم تضطرب ويشعرون أن لا أحد يحبهم، لذا فإن المربين بحاجة ماسة لإشعارهم بأنهم جزء مهم من الأسرة وذلك من خلال إخبارهم قبل وقت معقول بمشاريع الأسرة، وعدم مفاجأتهم بالذهاب إلى السوق أو الحديقة أو المطعم، ومن الحكمة مشاورتهم في بعض الأمور كي يشعروا أنهم مهمون عند الكبار،وينصح المربون أيضا بالابتعاد عن إلقاء المحاضرات على أمثال هؤلاء الأطفال لأن ذلك لن يجدي بسبب قصر فترة الانتباه وتشتته في بعض الأحيان، وحين نتعامل مع هؤلاء الأطفال يفضل أن نفترض أنهم لن يفهمونا ولن يقبلوا المناقشة وهم مضطربون أو غاضبون، لذا هم بحاجة في حالة الاضطراب إلى أن يكون هناك ما يهدئهم كأن يعطى أحدهم فترة هدنة بعد ثورة الغضب أو الاضطراب التي صدرت عنه قبل أن تبدأ مناقشته، وإذا ما أصبح مضطربا أو من الصعب السيطرة عليه داخل جماعة من الجماعات فينبغي إيجاد مكان آخر له أكثر هدوء كي يجد فيه نفسه، أما عن التهديد الذي يكثر صدوره من المربين فينبغي التقليل منه أو إلغاؤه لأن الذاكرة غالبا ما تكون قصيرة وسينسى الطفل هذه التهديدات سريعا، كما ينصح المربون بعدم معاقبة الطفل عبر وضعه في سريره رغما عنه، لأن ذلك سيزيد من قلقه وقلة نومه لاسيما أنه قليل النوم أساسا، ومن الأخطاء الشائعة لدى الكثير من المربين وبالتحديد الوالدين قولهم للطفل بأنهم لا يحبونه حين يعاقبونه، وهذا السلوك خطير جدا ينبغي تجنبه، لأن الطفل أساسا يتعرض لملامة الآخرين من أقرانه، وهو بالتالي كما قلنا يحمل في نفسه عن نفسه فكرة أنه غير محبوب، وحين يسمع عبارات من الوالدين تؤكد عدم حبهما له يصبح على يقين من أنه غير محبوب مما يزيد من سوء وتدني الصورة التي يحملها عن نفسه، وهذا بالتالي يسير به باتجاه غير محمود، وينبغي التأكيد على أن تحقير الطفل وتعنيفه بصوت مرتفع من السلوكيات الواجب تجنبها أيضا، لأنه يحتاج حاجة ماسة إلى توثيق الصداقة معه بدلا من عقابه بأي صورة من صور العقاب، وهذه الصداقة ستطمئنه وستحسن مفهومه عن نفسه، ونظرا لأن أمثال هؤلاء الأطفال يملكون ذاكرة قصيرة فهم بحاجة ماسة للتنبيه قبل 5 دقائق حين نريد منهم أن يتموا أي فعل، كأن ننبهم إلى أن الطعام سيوضع بعد ربع ساعة لذا عليهم مثلا أن يجمعوا ألعابهم خلالها، ثم بعد خمس دقائق أخرى نعيد عليهم التنبيه وهكذا، وقياسا على ذلك فلا أنصح المربين بالإكثار من الشرح والتفسير بخاصة مع الأطفال مفرطي النشاط الصغار جدا، لأن ذلك سيربكهم، كل ما يحتاجونه هو أن يسمعوا منا ما يجب أن يفعلوه، والابتعاد عن قول ما يجب عليهم أن لا يفعلوه، كأن نقول للطفل: البس حذاء الرياضة، ولا نقل له: لا تلبس الحذاء الأسود، بهذه الطرق يسهل على المربين التعامل مع الأطفال مفرطي النشاط، فيتحسن سلوكهم الاجتماعي ويتحسن انتباههم، ويزداد ضبطهم لسلوكهم مفرط النشاط.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1301