القلب.. مصدر جميع الأوجاع
القلب.. مصدر جميع الأوجاع
د. أيمن بدر كريّم
القلب مركز الرُّوح، وما من عمل روحيٍّ أو فكرٍ سامٍ إلَّا ويصدر عن قلبٍ نابضٍ بالحياة الرُّوحيَّة، متطلِّعٍ للارتقاء، مفعمٍ بالإيمان. ومن أجل أنْ يستقبل القلب نور الهداية والإيمان الحقيقيَّ، يرى (تولستوي) أنَّ الهدوء والوحدة من أهم الشروط، فليس هناك حاجة إلى معابد مزخرفةٍ، ولا لزينةٍ، ولا لإنشاد، ولا لتجمُّع عدد كبير من النَّاس.
ويرى عالم النفس (كارل يونغ)، أنَّ المعرفة القلبيَّة تمنح بصيرة أعمق.. وهي ليست مسطورةً في كتاب، ولا يعلِّمها المدرسُون، لكنَّها تخرج من القلب كالبذرة الخضراء من الأرض العاتمة. وبنكهةٍ صوفيَّةٍ يقول الشيخ (محمد الغزالي): «وقد رأيتُ في تجاربي أنَّ الفرق بين تديُّن الشَّكل وتديُّن الموضوع، هو قسوةُ القلبِ أو رقَّتهُ».. وأهل التصوُّف يرونَ أنَّ القلب السليم لا يتعلَّق بشيء سوى الله، سليم من حبِّ الدنيا والشَّهوات، بريء من الحقد والحسد والغل، ولا يحمل إلَّا الرَّحمة للمخلوقات جميعًا.
وفي السياق نفسه، يرى الفيلسوف (فريدريك لونوار) أنَّ المعنى الحقيقيَّ للقانون الدينيِّ هو تثقيف قلب الإنسان ليُحب، وعندما نغفل عن ذلك، تكبِّلنا قيود خارجيَّة تدنِّس صفاء القلوب.
يقول المتصوِّف الكبير (سهل التستري): «مَن أسلمَ قلبُه للهِ، تولَّى اللهُ جوارحَهُ».. كما كان يرى أنَّ القلب لا يشمُّ رائحة اليقين، إلَّا إذا سكن لله وحده. والصوفيَّة ترى أنَّ للقلب طبقاتٍ وحُجبًا لا تنكشف إلَّا بالمجاهدة والتزكية، فكلَّما ارتقى القلب، اقترب من كشف الحقيقة الكامنة في سر الوجود.
أمَّا فيلسوف العدم (سيوران)، فيؤكِّد على أنَّ «القلب هو العضو الأكثر عبثًا، فهو لا يتوقَّف عن النَّزيف من أجل ما لا يستحق»، وأنَّ «كلَّ عذاب يبدأ من خلل في القلب»، فالقلب -في رأيه- مصدر كل الأوجاع.
وأمَّا الفيلسوف الوجودي (كيركجارد)، فيرى أنَّه حين يتعطَّل القلب عن الاهتمام، تصبح الأشياء بلا قيمة على الإطلاق، وهذه حالة وجوديَّة تصف انكسارًا في بنية القلب، وانقطاعًا في سلك داخليٍّ يصل الذات بالعالم.. فالأشياء تستمرُّ في الوجود، لكنَّها لا تصبح ذات أهميَّة للقلب المكسور، إنَّها حالة تعيسة للغاية.. إنَّه العطب والتعطُّل الانفعاليُّ اللذان يصيبان القلب في مقتل.
يقول (روسو) في اعترافاتِهِ: «أمَّا قلبي الحسَّاس الذي ورثته عن والدِي، فقد أضحى لي منبعَ جميعِ شقاوات حياتي».
المدينة
د. أيمن بدر كريّم
القلب مركز الرُّوح، وما من عمل روحيٍّ أو فكرٍ سامٍ إلَّا ويصدر عن قلبٍ نابضٍ بالحياة الرُّوحيَّة، متطلِّعٍ للارتقاء، مفعمٍ بالإيمان. ومن أجل أنْ يستقبل القلب نور الهداية والإيمان الحقيقيَّ، يرى (تولستوي) أنَّ الهدوء والوحدة من أهم الشروط، فليس هناك حاجة إلى معابد مزخرفةٍ، ولا لزينةٍ، ولا لإنشاد، ولا لتجمُّع عدد كبير من النَّاس.
ويرى عالم النفس (كارل يونغ)، أنَّ المعرفة القلبيَّة تمنح بصيرة أعمق.. وهي ليست مسطورةً في كتاب، ولا يعلِّمها المدرسُون، لكنَّها تخرج من القلب كالبذرة الخضراء من الأرض العاتمة. وبنكهةٍ صوفيَّةٍ يقول الشيخ (محمد الغزالي): «وقد رأيتُ في تجاربي أنَّ الفرق بين تديُّن الشَّكل وتديُّن الموضوع، هو قسوةُ القلبِ أو رقَّتهُ».. وأهل التصوُّف يرونَ أنَّ القلب السليم لا يتعلَّق بشيء سوى الله، سليم من حبِّ الدنيا والشَّهوات، بريء من الحقد والحسد والغل، ولا يحمل إلَّا الرَّحمة للمخلوقات جميعًا.
وفي السياق نفسه، يرى الفيلسوف (فريدريك لونوار) أنَّ المعنى الحقيقيَّ للقانون الدينيِّ هو تثقيف قلب الإنسان ليُحب، وعندما نغفل عن ذلك، تكبِّلنا قيود خارجيَّة تدنِّس صفاء القلوب.
يقول المتصوِّف الكبير (سهل التستري): «مَن أسلمَ قلبُه للهِ، تولَّى اللهُ جوارحَهُ».. كما كان يرى أنَّ القلب لا يشمُّ رائحة اليقين، إلَّا إذا سكن لله وحده. والصوفيَّة ترى أنَّ للقلب طبقاتٍ وحُجبًا لا تنكشف إلَّا بالمجاهدة والتزكية، فكلَّما ارتقى القلب، اقترب من كشف الحقيقة الكامنة في سر الوجود.
أمَّا فيلسوف العدم (سيوران)، فيؤكِّد على أنَّ «القلب هو العضو الأكثر عبثًا، فهو لا يتوقَّف عن النَّزيف من أجل ما لا يستحق»، وأنَّ «كلَّ عذاب يبدأ من خلل في القلب»، فالقلب -في رأيه- مصدر كل الأوجاع.
وأمَّا الفيلسوف الوجودي (كيركجارد)، فيرى أنَّه حين يتعطَّل القلب عن الاهتمام، تصبح الأشياء بلا قيمة على الإطلاق، وهذه حالة وجوديَّة تصف انكسارًا في بنية القلب، وانقطاعًا في سلك داخليٍّ يصل الذات بالعالم.. فالأشياء تستمرُّ في الوجود، لكنَّها لا تصبح ذات أهميَّة للقلب المكسور، إنَّها حالة تعيسة للغاية.. إنَّه العطب والتعطُّل الانفعاليُّ اللذان يصيبان القلب في مقتل.
يقول (روسو) في اعترافاتِهِ: «أمَّا قلبي الحسَّاس الذي ورثته عن والدِي، فقد أضحى لي منبعَ جميعِ شقاوات حياتي».
المدينة