• ×
admin

إلى متى هذه الأمراض؟

إلى متى هذه الأمراض؟


أ. د. طلال علي زارع

غزت أمراض غامضة متتابعة بيئتنا لم نعرفها من قبل مثل حمى الوادي المتصدع والحمى القلاعية إلى التدويد وغيرها.. وخير شاهد على ذلك ما تتعرض له منطقة جازان بشكل متكرر من أضرار بيئية تنتج عنها أمراض غامضة. ومن هذه الأمراض ظهر في جدة مرض يعرف بحمى (الضنك). وتنتقل فيروسات هذا المرض من شخص إلى آخر بواسطة نوع من البعوض يسمى ايدس إجبتي Ades aegypty عند امتصاصه دم إنسان مصاب. وتشبه إعراض هذا المرض إلى حد كبير أعراض الإنفلونزا, ويبدأ المرض بارتفاع في درجة الحرارة وآلام في الجسم, إضافة إلى بعض البقع التي تظهر على الجلد في بعض الأحيان. وتعيش البعوضة الناقلة للمرض وتتكاثر في المياه الراكدة الحلوة ومصانع الطوب التي تستخدم فيها المياه بكثرة وخزانات المياه المملوءة في المباني تحت الإنشاء.

فلماذا كثرت هذه النوعية من الأمراض في هذه الأيام? فمنذ القدم والإنسان يسعى لسد احتياجاته من الطعام والشراب والسكن والملبس.. واستخدم الكثير من المواد الأولية المتوفرة في البيئة لتحقيق ذلك.. ومع مرور الزمن ازداد عدد السكان ورافق ذلك أعباء على البيئة. ومكن التقدم العلمي الإنسان من اختراع واستعمال الأجهزة والآلات ووسائل المواصلات المختلفة, وإنشاء المصانع والمعامل وشق الطرق وبناء الجسور والمباني وغيرها لجلب الراحة والرفاهية, إلا ان هذه الأشياء لها مخلفات كثيرة متعددة لا يمكن تجاهلها تسببت في تلوث البيئة. وهذه المخلفات لها آثار ضارة على صحة وحياة الإنسان مثل الغازات السامة ونواتج الصرف الصحي والنفايات الصناعية والمنزلية مما ساهم أيضا في تكاثر الحيوانات الضارة والجراثيم الممرضة. ويدفع سكان المدن الصناعية ضريبة سكنهم في هذه المدن فهم أكثر عرضة من غيرهم للأمراض الجلدية والتنفسية والقلبية, ويرجع السبب إلى عوادم المصانع والشاحنات وغيرها, وقد كونت هذه العوادم سحباً من الأدخنة تبدو واضحة للعيان.

وكثيراً من أشكال التلوث سببها عدم وعي الكثيرين, فعندما يصبح الفرد عدواً لنفسه بما يلحقه من أضرار لبيئته, فلا تندهش عندما ترى أكواماً من النفايات مبعثرة خارج الحاويات الخاصة بها وكأن هذه الحاويات وضعت للزينة والفرجة, وكثيراً ما ترى القطط والمتخلفات يبحثون عن رزقهن فيها, أو تشاهد الفئران والصراصير تتسابق على بقايا الطعام والشراب على الكورنيش, أو حينما تزكم أنفك روائح كريهة مصدرها مياه المجاري المنتشرة في كثير من الأحياء التي لم تصلها خدمة المجاري, ولم يحرص أصحابها على شفطها تاركين المستنقعات تتكون في شوارعهم لتتكاثر فيها الحشرات والجراثيم.

ولما كان التلوث هو المتهم الأول في حدوث هذه الأمراض. فكيف نقلل من الإصابة بهذه الأمراض وما هي الإجراءات الكفيلة بإصحاح البيئة? فمن الضروري التعاون الوثيق والتنسيق الدائم بين الجهات المسؤولة كالأمانة ووزارات الصحة والزراعة والمياه للقضاء على كل مسببات هذه الأمراض. ومن أهمها مكافحة الحشرات من بعوض وذباب وغيرها على مدار العام. وعدم السماح بوجود تراكمات للقمائم والمياه الراكدة والمستنقعات في أي مكان. والاستفادة من معلومات الأرصاد وحماية البيئة عن الظواهر الجوية المتوقعة للاستعداد الملائم بالكوادر البشرية والمعدات والأجهزة والأدوية والمبيدات لمواجهة أخطار السيول والأمطار والعواصف. وفرض غرامة مالية على من يساهم في الإضرار بالبيئة بأي شكل من الأشكال, ويجب أن تكون هناك توعية بيئية مكثفة من جميع الجهات المسؤولة للمواطن. وقبل كل شيء على كل فرد أن يرتقي بوعيه في المحافظة على بيئته ونظافتها كما حثنا على ذلك ديننا الحنيف.

المصدر: صحيفة عكاظ
9 سبتمبر 2003- العدد 12527
بواسطة : admin
 0  0  14632