• ×
admin

متلازمة انضغاط الأعصاب.. علامات تحذيرية من أخطارها

متلازمة انضغاط الأعصاب.. علامات تحذيرية من أخطارها
حالة شائعة تختلف طرق التعافي منها

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة

قد يصحو أحدنا من نومه غير قادر على تحريك إحدى ذراعيه بسبب الألم والتنميل الذي انتابها، ولحسن الحظ فإنه يتلاشى بعد لحظات. بينما قد يشكو آخر من ألم في الظهر أو تيبس بالرقبة أو خدر وتنميل في الذراع والساق، ويستمر ذلك لأيام أو أسابيع، وقد يتعافى منه تلقائيا بالراحة أو بعلاجات تحفظية وفي بعض الحالات قد يحتاج لإجراء جراحي. فما الفرق بين هذه وتلك؟ وما هي الأسباب؟ وكيف يتم التعافي والوقاية؟


انضغاط الأعصاب

تسمى هذه الحالة «متلازمة انضغاط العصب Nerve Compression Syndrome» أو متلازمة انحباس العصب، ضغط الاعتلال العصبي، اعتلال العصب المحاصر Pinched (Compressed) Nerve. وأبسط هذه الحالات، انضغاط عصب في الذراع بسبب النوم عليه. فالنوم ورأسك على معصمك أو في وضع يضغط باستمرار على مرفقك يمكن أن يسبب انضغاط العصب. والعصب المتوسط (median nerve) في المعصم والعصب الزندي (ulnar nerve) في الكوع هما أكثر عرضة لخطر الانضغاط نظراً لقربهما من السطح في هذه المواقع.

أما أخطر الحالات، فهو ما يحدث بسبب انضغاط العصب من قبل الأنسجة المحيطة به الموجودة في العمود الفقري وأجزاء أخرى من الجسم، مثل العظام أو الغضاريف أو العضلات أو الأوتار، مما يسبب الشعور بالألم أو الوخز أو الخدر أو الضعف. فعلى سبيل المثال، يؤدي انضغاط العصب في الرسغ إلى الشعور بالألم والخدر في اليد والأصابع (متلازمة النفق الرسغي). وعلى نحو مماثل، قد يضغط قرص منفتق في أسفل العمود الفقري على جذر أحد الأعصاب، مسببا ألماً يمتد إلى أسفل الجزء الخلفي من الساق. وغالباً ما تحدث هذه المتلازمة بسبب الإصابات المتكررة، ويمكن أن تلعب الحالات الطبية مثل التهاب المفاصل الروماتويدي أو مرض السكري أو قصور الغدة الدرقية دوراً أيضاً.

انضغاط الأعصاب أمر شائع، يتأثر به حوالي 85 من كل 100 ألف بالغ في الولايات المتحدة كل عام (وفقاً لتقارير كليفلاند كلينيك). ويمكن أن يعاني منه الأشخاص في أي عمر، ولكن من المرجح أن يصاب به من بلغ من العمر 50 عاماً أو أكثر بسبب التهاب المفاصل وتنكس العمود الفقري وأجزاء أخرى من الجسم.

من هم المعرضون لخطر انضغاط الأعصاب؟

- العمر، البالغون الذين تزيد أعمارهم عن 30 - 50 عاماً.

- الجنس، النساء أكثر عرضة للإصابة بأنواع معينة من متلازمة ضغط العصب، بما في ذلك النفق الرسغي.

- المهنة، فالأنواع التي تحتاج لتكرار حركات معينة تزيد من احتمالية الإصابة كالذين يستخدمون أجهزة الكومبيوتر لفترات طويلة من الزمن، والذين يقومون بأعمال يدوية متكررة.

- الأمراض التي تؤثر على الدورة الدموية أو وظيفة الأعصاب.


الأسباب والأعراض

> ما الذي يسبب متلازمة انضغاط الأعصاب؟

- إصابات العمل، بسبب الحركات المتكررة المتعلقة بواجبات الوظيفة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التمدد المفرط للمعصم أثناء الكتابة على لوحة المفاتيح أو استخدام الماوس أو العزف على البيانو إلى متلازمة النفق الرسغي.

- الحوادث، مثل الالتواء وكسور العظام يمكن أن تتسبب في الإصابة بمتلازمة انضغاط الأعصاب.

- بعض الحالات الطبية، بسبب انخفاض تدفق الدم إلى العصب، أو تورم في العصب والهياكل المحيطة، أو تلف غطاء المايلين للعصب، مما يؤثر سلبا على قدرة العصب على إرسال واستقبال الرسائل، مسببا أعراضاً مثل الألم والتنميل وضعف الوظيفة. ومن ذلك: داء السكري - اضطرابات المناعة الذاتية كالتهاب المفاصل الروماتويدي - ضعف الغدة الدرقية - ضغط دم مرتفع - الأورام والخراجات - الحمل – البدانة - العيوب الخلقية - الاضطرابات العصبية.

- الشيخوخة، بمرور الوقت، يمكن أن تفقد أقراص العمود الفقري محتوى الماء وتتسطح وتشعف، فتقترب الفقرات من بعضها، واستجابة لذلك يشكل الجسم نمو نتوءات عظمية يمكنها أن تضغط على الأعصاب.

> الأعراض. كقاعدة عامة، وفقاً للدكتور هاسكالوفيتشي Hascalovici J. healthline، 2021، فإن الأعصاب المضغوطة تسبب ألما وخدرا يختلف عن إصابات الأنسجة الرخوة وإجهاد العضلات. فالإحساس بالوخز والإبر الذي نشعر به عند النوم مع الضغط على عصب لليد أو القدم هو نتيجة ضغط عصبي خفيف يختلف تماماً عن العضلات المؤلمة. وعلى النقيض من ذلك، وهو الأكثر خطورة، يمكن لأعراض انضغاط العصب في الرقبة أو الظهر أن يسبب أيضاً إحساساً بالوخز مع الشعور بألم حاد طاعن أو إحساس بالحرق ينطلق إلى أعلى وأسفل الأطراف أو الظهر. كما يمكن أن تعاني المنطقة أيضاً من تقلصات عضلية والشعور بضعف شديد. في بعض الأحيان، قد يكون هناك شعور وكأنك مخدر وعديم الإحساس، خدر، تنميل، احتراق، طعن، دبابيس وإبر، كهرباء. وهذه أمثلة لتأثير انضغاط العصب في مناطق من الجسم:

- اعتلال الأعصاب العنقية، يسبب تيبساً في الرقبة، ويمكن أن يؤثر الألم والخدر على الكتف والذراع.

- اعتلال الأعصاب الصدرية، يسبب ألماً في منطقة الصدر، ويفضل أخذ الاستشارة الطبية مبكرا.

- اعتلال الأعصاب القطنية، يسبب ألما في أسفل الظهر والوركين والأرداف والساقين.

- الألم والخدر وضعف العضلات والوخز والشعور بالتنميل، أعراض مشتركة في معظم الحالات.


علامات تحذيرية

قد تتسبب الأعصاب المضغوطة في الكثير من الألم وعدم الراحة وقد تكون لها تبعات خطيرة في بعض الحالات. معهد العمود الفقري في تكساس يورد (8) علامات تحذيرية مهمة لوجود عصب مضغوط، وهي:

> ألم أو حرقان في الساق. عرق النسا هو نوع شائع من آلام أسفل الظهر يحدث عندما يتم ضغط العصب الوركي (sciatic nerve) عند خروجه من أسفل العمود الفقري متفرعا عبر الأرداف وصولاً إلى الساق، يسبب الشعور بالألم أو بالحرقان في أي مكان على طول مسار العصب.

> ألم يمتد من الرقبة إلى أسفل الذراع. نتيجة انضغاط أحد الأعصاب في الرقبة أو عندما يتفرع من العمود الفقري إلى الذراعين أو إلى الكتفين، مسببا تهيج العصب العنقي وألماً في أي مكان على طول مسار العصب، بما في ذلك الكتفين، والجزء العلوي من الظهر، والذراعين، وحتى اليدين.

> ضعف في الساقين. عند المشي أو استخدام الساقين، ترسل الأعصاب الموجودة في الساقين المعلومات بسرعة البرق إلى الدماغ، مما يحفز بدوره العضلات على الاستجابة بطرق محددة. فإذا تم ضغط العصب الوركي أو أي عصب آخر في الساق، يحدث تداخل مع هذه الإشارات. نتيجة لذلك، يتم الشعور بضعف في الساقين أو صعوبة في أداء حركات معينة (حتى المشي).

> انخفاض قوة القبضة. تلعب أعصاب اليد دوراً كبيراً في القدرة على إمساك الأشياء، حيث تزود الدماغ بالمعلومات الحسية حول الأشياء التي نلمسها فيتمكن الدماغ من إخبار العضلات بكيفية رد الفعل. عندما يتهيج أحد الأعصاب الموجودة في فقرات العنق أو يضغط عليه، فقد لا يكون قادراً على نقل البيانات إلى الدماغ. وهذا يعني أن العضلات لن تكون قادرة على الأداء كما ينبغي، مما يؤدي إلى ضعف قوة القبضة أو صعوبة الكتابة أو أداء المهام الحركية الصغيرة الأخرى.

* الخدر. يؤدي ضغط الأعصاب بشكل أساسي إلى إيقاف الاتصال بين الأعصاب في الساقين أو الذراعين أو مناطق أخرى من الجسم، وبالتالي لا يستطيع الدماغ الشعور في تلك المناطق. نتيجة لذلك، قد يتم الشعور بالخدر أو قد يحدث نقص كامل في الإحساس، كما هو الحال عندما تنام وذراعك في وضع غير معتاد.

* الإحساس بالدبابيس والإبر (تنميل). يحدث التنميل (أحاسيس شائكة) عند ضغط العصب أو تهيجه. لا يتم حظر الإشارات بين العصب والدماغ تماماً، ولكن يتم التدخل فيها بما يكفي للتسبب في هذه الأعراض المزعجة. والتنميل هو مؤشر مبكر شائع لمتلازمة النفق الرسغي.

> سلس الأمعاء أو المثانة. لا تقتصر وظيفة الأعصاب الموجودة في الظهر على تحريك الساقين والقدمين فقط، بل إنها تتحكم في المثانة والأمعاء. عندما يتعرض أحد الأعصاب في أسفل الظهر للضغط بشدة، فقد تتسرب حركة البول أو الأمعاء، أو قد تحدث مشكلات أخرى في هذه الوظائف.

> تغير الألم عند تحريك الجسم. بالنسبة للعديد من المصابين بعرق النسا، على سبيل المثال، يمكن أن يخف الألم عند الانحناء للأمام من وضعية الجلوس، أو عند الاستلقاء على الظهر تماماً. ومع ذلك، فعند الاستلقاء على الجانب، غالباً ما يزداد الأمر سوءاً. وهذا هو سبب صعوبة النوم مع وجود عصب مضغوط في الظهر.


التشخيص والعلاج

كيف يتم تشخيص متلازمة انضغاط الأعصاب؟ يجب استشارة الطبيب إذا استمرت أو ساءت الأعراض أو لم تتحسن. وللتوصل إلى مصدر العصب المضغوط، يتم عمل التالي وفق مجلة التصوير بالموجات فوق الصوتية usg، 2015):

> أولا: الفحص الإكلينيكي، للرقبة والذراعين والكتفين والرسغين واليدين. فحص ضعف العضلات، والتغيير في ردود الفعل والأحاسيس المختلفة.

> ثانيا: اختبارات التصوير، ومنها:

- الأشعة السينية: لرؤية التضيق والتغيير إن وجد بمحاذاة الحبل الشوكي والكسور.

- التصوير المقطعي المحوسب (CT): يظهر صوراً ثلاثية الأبعاد وتفاصيل أكثر للعمود الفقري.

- التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI): يظهر ما إذا كان تلف الأنسجة الرخوة يتسبب في ضغط العصب، أو إذا كان هناك تلف في الحبل الشوكي.

- تخطيط كهربائية العضلات (EMG): تحديد ما إذا كان العصب يعمل بشكل طبيعي، ومعرفة ما إذا كانت الأعراض ناتجة عن الضغط على جذور الأعصاب الشوكية، أو إذا كان تلف الأعصاب ناتجاً عن حالة أخرى مثل مرض السكري.


كيف يتم علاج العصب المضغوط؟

> أولا: إجراءات غير جراحية، تشمل:

- الراحة واستخدام كمادات باردة وحارة: غالبا يزول معها الألم في غضون أيام أو أسابيع قليلة.

- مسكنات الألم: مثل أسيتامينوفين ومضادات الالتهاب غير الستيرويدية (إيبوبروفين، نابروكسين).

- الجبائر والأطواق (للمعصم واليد والرقبة): لفترة قصيرة للحد من الحركة أثناء التعافي.

- الستيرويدات القشرية: وهي مضادة للالتهابات قوية مثل بريدنيزون، عن طريق الفم أو الحقن المباشر في المنطقة المصابة.

- العلاج الطبيعي: تمارين الإطالة الخفيفة لتخفيف الألم والضغط على الأعصاب.

* ثانيا: إجراءات جراحية. وهي الخيار الأخير لإزالة الضغط عن العصب، وتوقعات الشفاء التام ممتازة. وفقاً لدراسة فيرنانديز بيناس (Fernández - de - las - Peñas) وزملائه في 2017 والتي نشرت في مجلة العظام والرياضة والعلاج الطبيعي (jospt، 2017) وهذه 3 أمثلة شائعة:

- استئصال القرص العنقي الأمامي والاندماج (ACDF): إزالة النتوءات العظمية أو القرصية الضاغطة على الأعصاب، ثم تثبيت العمود الفقري من خلال الاندماج.

- استبدال القرص الصناعي (ADR): إزالة القرص المصاب من العمود الفقري واستبدال آخر اصطناعي به، وكذلك استبدال الركبة أو الورك.

- جراحة متلازمة النفق الرسغي: إما بالجراحة المفتوحة أو بالمنظار لتخفيف الضغط على العصب في النفق الرسغي.


الوقاية

يمكن تقليل مخاطر انضغاط الأعصاب بالتدابير الآتية:

- الحفاظ على وزن صحي ووضعية جيدة للجسم.

- ممارسة تمارين إطالة العضلات للحفاظ على قوتها ومرونتها.

لا تجلس أو تستلق في وضع واحد أو تضع رجليك فوق بعضها لفترة طويلة لتفادي انضغاط العصب في الساق.

- حاول الحد من الحركات المتكررة (مثل الكتابة) وأخذ فترات راحة. استخدم مساند المعصم أثناء العمل باستخدام لوحة المفاتيح.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  51