• ×
admin

التنقية البريتونية.. أكثر راحة للمريض وأقل تكلفة

التنقية البريتونية.. أكثر راحة للمريض وأقل تكلفة
اختيار الأغذية يحتاج متخصصاً في التغذية العلاجية لمرضى الكلى

إعداد: د. عبدالعزيز بن محمد العثمان

عند فشل الكليتين عن تنقية الدم من المواد السامة بحيث ينخفض معدل الترشيح الكبيبي إلى 10-15 % من قدرتها الطبيعيّة والتي تعني الوصول إلى المرحلة النهائيّة من مرض الكلى المزمن والذي يسمى بالإنجليزية Chronic kidney disease)) تكون التنقية الصناعية أو مايسمى (الديلزة) أو الاسم المشهور (غسيل الكلى) هو الخيار الأفضل حتى يتم إيجاد متبرع بالكلى لهذا المريض.

ويشكل مرضي السكري، وارتفاع ضغط الدم 80 % من مسببات الفشل الكلوي المزمن بسبب عدم التحكم بمضاعفاتهما والتي لم تم التحكم بهما من خلال التغذية السليمة واتباع نمط صحي مناسب بالإضافة للانضباط في تناول الدواء لانخفضت تلك النسبة بشكل هائل.

وهناك أمراض أخرى تسبب الفشل الكلوي المزمن مثل التهاب كبيبات الكلى(Glomerulonephritis) ومرض الكلى المتعدد الكيسات (Polycystic kidney disease) وبعض الأمراض المناعيّة، مثل الذئبة (Lupus). أو الأورام أوانسداد مجرى البول نتيجة الإصابة بحصوات الكلى، أو تضخّم البروستات لدى الرجال.

الطريقة المشهور في تنقية الدم هي التنقية (الديلزة) الدمويّة وهي الطريقة المعروفة والتي يتم من خلالها عمل جراحة بسيطة لتوسيع أحد أوردة الذراع لتسهيل إدخال أنبوب القسطرة الذي يتمّ من خلاله تمرير الدم لتصفيته من المواد التي لا يحتاجها الجسم عبر جهاز خاص مزود بمرشحات خاصة لتصفية الدم، ويحتاج مرضى الغسيل الكلوي بالديلزة الدموية لثلاث أو أربع جلسات في الأسبوع تستمر كل جلسة حوالي 3 إلى 4 ساعات في اليوم اعتماداً على مدى كفاءة عمل الكلى، وكميّة السوائل التي تراكمت بين جلسات الغسيل الكلوي. هذه الطريقة طريقة فعالة ولكن لها بعض العيوب ومنها تكلفتها العالية وارتباط المريض بعملها عدة مرات في الأسبوع وهذا يسبب لها تغييراً كبيراً في حياته وعمله وقلة حريته في التحرك والانتقال والسفر والقيام بالأعمال بالاضافة إلى أن تراكم السموم في جسمه تؤثر سلبياً على نفسيته وصحته ويحدث لبعض المرضى انخفاض في الضغط أو التهابات في الأوردة القريبة من دخول الإنبوب للوريد، كما أن بعض المرضى قد تنتقل لهم عدوى التهاب الكبد الوبائي أو ضعف المناعة المكتسب المسببة لمرض (الإيدز) إذا وقع خطأ في استخدام جهاز مخصص لؤلئك المرضى لمريض ليس لديه تلك الأمراض.

الخيار الثاني لتنقية الدم هي التنقية البريتونية (Peritoneal dialysis)، ويتم خلالها إدخال أنبوب لداخل التجويف البريتونيّ للبطن المحيط بالأمعاء من خلال انبوب يتم تثبيته بشكل تام يضمن عدم تحرك الأنبوب الذي قد يسبب البتهابات لو تحرك، ويتم غلق فتحة الانبوب لحين استخدام التنقية، حيث يحقن حوالي لترين من سائل معقم منخفض جداً في الأملاح وغني بالمعادن والجلوكوز داخل ذلك التجويف ويترك لعدة ساعات ليمكن ترشيح الفضلات الموجودة في الشعيرات الدموية عن طريق الخاصيّة الأسموزيّة أو التناضح ثم يخرج ذلك السائل مرة أخرى عن طريق الأنبوب نفسه، ويتم تدريب المريض عليها بحيث يعملها في المنزل ولا يحتاج مراجعة المستشفى أو مركز غسيل الكلى، وربما يحتاج لمراجعة الطبيب مرة كل شهر أو شهرين لمتابعة حالته، ولهذه التنقية عدة طرق حسب حالة المريض بعضها يحتاج تنقية مستمرة أو مايسمى بالتنقية البريتونية الدوارة المتواصلة (continuous ambulatory peritoneal dialysis) أو مايعرف اختصار بـ (CAPD) عندما تكون حالته متقدمة وتحتاج لتنقية قوية ويتم فيها إدخال المحلول من الكيس البلاستكي الخاص به والذي يشبه كيس ما نسميه (المغذي) وعد عدة ساعات يخرج السائل وقد سحب معه المواد السامة من الجسم ثم يعاد الحقتن مرة أخرى وهكذا طوال اليوم وفي الغالب لا يحتاج لمضخة بل يكفي تعليق كيس المحلول أعلى من مستوى الجسم، وهناك طريقة أخرى أسمها التنقية البريتونية الآلية (Automated Peritoneal Dialysis (APD) ) وتعرف باختصار (APD) ويتم استخدامها لعدة ساعات في اليوم وعادة تعمل عندما يأوي المريض إلى فراشه في الليل ويتم التحكم بدخول وخروج السائل عن طريقة مضخة خارجية صغيرة اللذان يصرفهما له المستشفى، ويفصل الجهاز في الصباح ويتوجه لدراسته أو عمله ويمارس حياته العادية بلا أية مشاكل ولكن من عيوبها احتمال زيادة الإصابة بالعدوى في موقع القسطرة أو المناطق المحيطة بها في التجويف البطني مثل التهاب الصفاق وضعف عضلات البطن والفتاق، وارتفاع نسبة السكّر في الدم، وزيادة الوزن.

بالعموم تظل هذه الطريقة افضل وأسهل وأرخص من التنقية الدموية وهناك مرضى يجب أن تستخدم لهم هذه الطريقة وليس التنقية الدموية مثل المرضى الذين يعانون من ضعف في عضلة القلب أو انخفاض في ضغط الدم أو قصور الشريان التاجي الشديد أو مرضى السكر الشديد، أما الحالات التي يمنع فيها استخدام التنقية البريتونية فهي حالات الاستسقاء البطني والفتق البطني.

فاعلية التنقية البريتونية لا تقل كثيراً عن التنقية الدموية وفي نفس الوقت تعطي المريض مجالاً للحركة ومزاولة حياته وعمله وهذا شيء مهم جداً لأولئك المرضى الذين قد تستمر معهم التنقية لعدة سنوات حتى ييسر الله لهم كلية من متبرع قريب أو متوفى دماغياً ممن كتب الله لهم الجر بالتبرع بالأعضاء.

تغذية مرضى الكلى

اختيار الأغذية لمرضى الكلى مهمة جداً وتحتاج متخصصاً في التغذية العلاجية في التخصص الدقيق لمرضى الكلى سواء في التنقية الدموية أو التنقية البيرتونية وكذلك الحال بالنسبة لفريق التمريض فهؤلاء المرضى يحتاجون لفريق متخصص يعمل بالتكامل بين التخصصات، وعندما تحدث مضاعفات لأولئك المرضى فالسبب في الغالب عدم تكامل الفريق بكل تخصصاته، والمضاعفات تبدأ من الالتهابات في منطقة القسطرة أو دخول الأنبوب للجسم سواء في الوريد أو في البطن وهذه تحتاج تدريب المريض ليراقب نفسه ويبلغ الطبيب مباشرة بوجود احمرار أو انتفاخ أو ألم في المنطقة، ولكن من المضاعفات التي لا يمكن ملاحظتها إلا بتحليل الدم هي انخفاض أو ارتفاع بعض العناصر الغذائية أو مكونات الدم وتبعات تلك المضاعفات كثيرة وسيئة على حالة المريض، ولهذا تؤكّد جميع المنظمات الطبية على تكامل الفريق الطبي وتدريبه ليكون متخصصاً في تلك التخصصات مع اتباع نظام (بروتوكول) صارم لمتابعة المريض لتجنيبه تلك المضاعفات الخطيرة.

في التنقية الدموية يتم إخراج الدم من جسم المريض لجهاز التنقية بعملية مستمرة وتنقية الدم من خلال مرشحات اسموزية خاصة وإعادة الدم مرة أخرى للجسم ولهذا ترتفع أهمية ضبط العناصر الغذائية ومكونات الدم وحساسية استخدام الجهاز والمحاليل المناسبة للمريض، بينما في التنقية البريتونية لا يدخل المحلول للدم ولا يخرج الدم خارج الجسم بل يتم عمل التنقية من خلال الترشيح الطبيعي بين السائل في منطقة البطن بين الأمعاء والأوعية الدموية الصغيرة بحيث تخرج المواد السامة وغير المرغوبة للمحلول وتمتص منه العناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، ولو افترضنا زادات تراكيز العناصر الغذائية قليلاً في المحلول فلن يكون تأثيرها خطيراً على المريض لأن الجسم يستطيع أخذ حاجته من المحلول والتخلص من المواد السامة بطريقة فسيولوجية.

العناصر الغذائية المهم ضبطها لمرضى الفشل الكلوي المزمن وتختلف حسب حالته الصحية وطريقة التنقية المستخدمة هي: البروتين – الماء – الكالسيوم – الفسفور – البوتاسيوم – الصوديوم - فيتامين د، وفيتامين ج، مع ضمان إعطاء سعرات حرارية من الكربوهيدات لمن تحويلها من البروتين.

ولضبط تلك العناصر نحتاج تقنيات معينة يجب حسابها بدقة من قبل اختصاصي التغذية العلاجية المتخصص في تلك الأمراض، مثلاً يحتاج المريض كمية كافية من الكالسيوم وكمية قليلة ومحددة من الفوسفور، ولكن مصادرهما واحدة تقريباً مثلاً الحليب ومنتجاته أو التونة وبعض الخضار والفواكه لكون هذين العنصرين مرتبطان ببعضهما، فكيف يمكننا زيادة الكالسيوم وخفض الفوسفور؟ نستطيع تحقيق ذلك باتباع بعض الأساليب مثل اعطاء المريض مكملات كالسيوم في غير وقت الوجبات الرئيسية واعطائة بعض المركبات والتي منها الكالسيوم والتي تمنع امتصاص الفوسفور وقت الوجبات، وأيضاً البوتاسيوم يجب معرفة الاغذية الغنية بالبوتاسيوم ومنعها عن المريض وتوضيحها له بالصور لكون بعض المرضى قد لا يكون متعلماً أو من يعد له الطعام يكون غير متعلما أو لا يعرف اللغة العربية فلهذا كانت الرسومات أو الصور أفضل في ضمان وصول التعلميات بكل مناسب ومن خلال المتابعة وتحاليل الدم يمكن التأكد من أن المريض اتبع النظام أم تساهل فيه.

من أمثلة الأغذية عالية البوتاسيوم والتي يجب الامتناع عنها تماماً: بعض البقوليات والبطاطس والسبانخ والقرع الأصفر، والتمر والطماطم والشمام والموز والكيوي والتين والبرتقال واليوسفي ويأتي بعدها والتي تحتوي أقل كمية ولكن لا يفضل للمريض تناولها: من الخضار البروكلي والجزر والفجل والزهرة والباذنجان والبطاطا الحلوة والذرة والمشروم والبصل والبازيلا، ومن الفواكه المشمش والخوخ والكرز والعنب والجريب فروت والمانجو والبخارى والماندرين (يشبه اليوسفي) والاناناس والزبيب والفراولة والبطيخ.

ويحتاج المريض الذي يعمل التنقية الدموية (الغسيل الكلوي) إلى تقليل البوتاسيوم والصوديوم بحيث لا يزيد نسبة أي منهماعن 2-3 جم في اليوم بينما في التنقية البريتونية فيمكن ان تكون بين 3-4 جم في اليوم، بمعنى أن مريض الغسيل الكلوي يحتاج لضبط أكثر للبوتاسيوم والصوديوم.

بالنسبة للفسفور لابد ألا يزيد على 800 – 1200 ملجم/ في اليوم (حسب وضع المريض) لدى مرضى الغسيل الكلوي أما التنقية البريتونية فيمكن أن يكون في حدود 1200 ملجم في اليوم.

والكالسيوم يحتاج مريض الغسيل الكلوي والتنقية البريتونية الى 1 – 1.8 جم من الكالسيوم على هيئة مكملات.

ويبقى عنصرين مهمين جداً ويحتاجان لضبط قوي وهما الماء والبروتين، فمرضى الغسيل الكلوي يحتاجون إلى الإقلال من الماء بحيث لا يزيد على 500 مل إلى 1000 مل في اليوم بالإضافة إلى كمية البول فلو كانت كمية البول 500 مل أي نصف لتر أي بمقدار ملء علبة ماء صغيرة فإن المريض يحتاج إلى 500 مل + 500 مل ماء إلى 500 مل + 1000 مل ماء (حسب حالة المريض).

أما في التنقية البريتونية فإنه لا حاجة لتقليل الماء فيحتاج الشخص إلى لترين إلى 3 لترات ماء في اليوم.

والعنصر الثاني المهم هو البروتين، ففي الوقت الذي يجب تقليله جداً جداً للمرضى الذين لا يعملون أي نوع من الغسيل أو التنقية إلى 0.6 جم لكل كيلو جرام وزن جسم، فإن مرضى الغسيل الكلوي يحتاجون كمية أكبر من البروتين عالي القيمة الحيوية أي من المصادر الحيوانية بكمية تصل إلى 1.2 – 1.3 جم لكل كيلو جرام وزن جسم وتزاد هذه الكمية لتصل إلى 1.4 جم لكل كيلو جرام وزن جسم لمرضى التنقية البريتونية.

وأكد على اختلاف احتياجات المرضى ولهذا كما قرأتم كميات مختلفة لبعض العناصر الغذائية لأن من يقرر تلك الكميات هم الفريق الطبي المعالج استشاري الكلى واختصاصي/ة التغذية العلاجية بناء على التحاليل الطبية بالذات ماقبل الغسيل أو التنقية الحيوية.

*هل يحتاج مريض التنقية الدموية أو البريتونية إلى مكملات غذائية ؟

في الغالب لا يحتاج إلا إلى الكالسيوم وفيتامين د وفيتامين ج، وبناء على التحاليل يمكن أن يحتاج بعض المرضى إلى مجموعة فيتامين ب ومنها حمض الفوليك والبيوتين والنياسين. أما فيتايمنات (أ، هـ، ك) فلا يحتاج لها عادة.

كيف نعرف أن المريض اتبع النظام الغذائي أو الحمية أم لا ؟

يجرى للمريض تحليلان أحدهما قبل التنقية والآخر بعدها بالذات التنقية الدموية (الغسيل الكلوي)، فالفروقات بين مركبات الدم في التحليل بين الحليل القبلي والبعدي يعطي فكرة عن فعالية التنقية هل هي كافية أم لا، أما مقارنة التحليل البعدي مع التحليل القبلي للجلسة القادمة (بعد يومين مثلاً)، فإنه يعطينا فكرة عن اتباع المريض للبرنامج الغذائي فإذا تناول أغذية عالية البوتاسيوم مثلاً مثل التمر والشمام والقرع والبطاطس فإن ذلك سيتضح في التحليل فيجب تنبيهه إلى تجنب تلك الأغذية .

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  588