• ×
admin

البراكين هل هي ضرورية للحياة؟!

البراكين هل هي ضرورية للحياة؟!

د. أحمد عبد القادر المهندس

البراكين من الظواهر الطبيعية الفريدة التي شدت انتباه الإنسان منذ القدم. وتتميز البراكين بأنها أماكن في القشرة الأرضية تنبعث منها المواد الصهيرية الحارة مع الغازات والرماد والأبخرة المصاحبة لها. وتتخذ البراكين أشكالاً متعددة مثل الفوهات والشقوق، حيث تتراكم المواد الصهيرية (الحمم أو اللابة) أو تنساب حسب نوعها، فمنها ما يوجد على شكل التلال المخروطية أو الجبال البركانية العالية.

وهناك ما لا يقل عن 500 مليون إنسان يعيشون تحت تهديد النشاط البركاني، ومنذ عام 1980م تسببت ثورات البراكين في مقتل أكثر من ثلاثين ألف شخص بالإضافة إلى عدد كبير من المصابين والنازحين والخسائر المادية التي يمكن أن تنجم عنها.

ومع ذلك فإن البراكين تمس حياتنا، كما أنها أثرت على وجود الأرض كما نعرفها حالياً، فقبل حوالي مئتي مليون سنة كانت قارتا أفريقيا وأمريكا الشمالية متلاصقتين بحيث لم يكن هناك وجود للمحيط الأطلسي، لكن القارتين ابتعدتا رويداً رويداً وتفجرت بينهما براكين يمكن أن يلاحظها الباحثون في الأجراف العالية على امتداد الضفة الغربية لنهر هدسون في ولايتي نيويورك ونيوجرسي. وما زالت المسافة الفاصلة تتسع بضعة سنتيمترات كل عام بسبب استمرار تدفق الحمم (اللابة) من صدع عميق تحت قاع وسط المحيط، والذي يعرف بجرف الأطلسي الأوسط. وتفيد نظرية الألواح التكتونية في أن الحرارة الناتجة من داخل الأرض هي التي تسير حركة القارات، وتؤدي إلى الثورات البركانية. وتوجد القارات فوق أجزاء من القشرة الأرضية فيما يعرف بالألواح التكتونية التي توجد فوق طبقة من مواد شبة ذائبة في جوف الأرض على عمق يقارب 100 كيلو متر.

ولذلك فإن معظم المناطق المتاخمة للمحيط الهادي والتي تسمى (حلقة النار) هي عرضة للهزات الأرضية وثوران البراكين وتكون الجبال.

وبالرغم من ذلك، فإن ما يحدث هو الذي يجعل الأرض حية وفي حركة دينامية، ولو خلت الأرض من البراكين وغيرها من القوى التي تبنى الجبال، لتسبب الطقس في تآكل اليابسة وانجرافها. وإذا خلا العالم من غاز ثاني أكسيد الكربون فإن كل شيء سيبرد على سطح الأرض وسيبدأ عصر جليدي آخر!! لكن البراكين تطلق كميات كبيرة من غازي ثاني أكسيد الكربون وكبريتيد الهيدروجين مما يؤدي إلى ظاهرة الدفيئة وزيادة حرارة الأرض.

إن البراكين ضرورية جداً للأرض، كما أن لثوران البراكين أهمية كبيرة لدى المزارعين، فعلى الرغم من احتمال الأخطار فإن البراكين مازالت تجتذب المزارعين لأن المحاصيل الزراعية تنمو بشكل رائع في التربة البركانية الغنية بالعناصر المغذية للنباتات.

كما أن كثيراً من البراكين تحفل بكثير من المعادن، فعندما ذهب المنقبون إلى كلورادو من أجل الذهب، وإلى نيفادا من أجل الفضة، وإلى أريزونا من أجل النحاس لم يكونوا مدركين أن تلك المعادن هي نتاج البراكين.

كما أن أنابيب الكمبرلايت في سيبيريا وجنوب أفريقيا هي مستودعات أساسية للماس الناتج من الكربون المضغوط عند جذور البراكين..

وتحصل بعض المناطق في العالم على جزء من طاقتها من خلال مصادر جيوحرارية مثل كاليفورنيا وأيسلندا وغيرها..

وبالرغم من خطر البراكين إلا أن كثيراً من الناس يعيشون عند سفوحها لخصوبة تربتها، ويكفي أن نشير إلى جزيرة جاوه بإندونيسيا التي تشتهر ببراكينها النشطة والثائرة. ومع ذلك نجد أن هذه الجزيرة تغص بالسكان فهي من أكثف جهات العالم الزراعية بالنسبة لعدد سكانها، حيث يعيش على أرضها أكثر من 75 مليون شخص، لخصوبة تربتها البركانية. وقد أنشأت الحكومة فيها مصلحة للبراكين وظيفتها الأساسية التنبؤ بحدوث الانفجارات البركانية، وتحذير السكان قبل تلك الثورات العاتية. ومع ذلك فإن السكان يجدون أن هذه البراكين ضرورية جداً لحياتهم..!!.

وهكذا فإن البراكين ضرورية جدا للحياة وهي مصدر مهم من مصادر الطاقة.. بالاضافة الى اسهامها في خصوبة التربة الزراعية واستخراج المعادن.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  14727