• ×
admin

لا بحر في جدة


لا بحر في جدة

عبده خال

لا بحر في بيروت، عنوان مجموعة قصصية للرائعة غادة السمان، وهو العنوان البكائي لمن يفقد سمة المكان فكيف إذا فقدت مدينة بحرية بحرها؟.
وغادة السمان حين نفت عن بيروت البحر كان نفيا مجازيا للتدليل على فقد الحياة، وحين أقول فقد الحياة ليس من باب التهويل، فأي مكان يفقد تضاريسه الأساس لا يعود منتميا إلى طبيعته، بل يتحول أو ينسلخ إلى طبيعة مغايرة لوجوده..
وإن كانت غادة تشير إلى الحروب التي سرقت بحر بيروت، فنحن نبكي سرقة بحر جدة بسبب تجاهل النداءات المتوالية لما نشاهده من اختطاف زرقة البحر في ظل صمت مطبق.
ومع الاعتراف بهذا الاختطاف اكتفينا جميعا بترديد لا بحر في جدة .. وصمتنا!.
بحر جدة أخذ في ظل يقظتنا جميعا، لكنها يقظة من يشاهد عربة تسير بسرعة قصوى وتدهس وتمضي فلا يملك حيال هذا المشهد سوى الصراخ..
هذا الصراخ بدأ مبكرا ومع كل اختطاف نصرخ ونصمت.
قبل سنوات سور جزء من الكورنيش، فضج محبو جدة، وخرج ضجيجهم على هيئة أسئلة، كلها تمحورت حول شكوى أنه لم يعد لدينا بحر، يومها خرج علينا من يقول إن هذا الجزء تم اقتطاعه لذوي الدخل المحدود ليكون منتجعا لهم، ومع انتهاء المشروع لم يدخله أحد من ذوي الدخل المحدود!!.
والآن يمتد سور زنكي على طول الكورنيش يقف أمامه أهل جدة متسائلين:
هل حان الوقت لتحويل الكورنيش كاملا إلى (سكك) تطرد العابر من رؤية أي جزء من البحر؟.
والسؤال مشروع، كون الكورنيش تحول إلى طرق تبعدك عن أي التفاتة توصلك لمياه البحر، وكل المشاريع التي اختطفت البحر بدأت بأسوار زنكية انتهت بمنعك من الدخول إلى البحر ..
وحيال حيرة أهل جدة نطالب معالي أمين أمانتها أو المتحدث الرسمي بها أن يخرج علينا ويخبرنا عما يحدث، ليقول لنا مثلا إنه مشروع آخر لذوي الدخل المحدود حتى نصمت للأبد.
ويا ليت في حديثه يخبرنا عن سر سياسة الأمانة في بدء مشاريعها على الكورنيش مع الإجازات؟.
ولأننا نطمع في كرمه يا ليت أيضا يخبرنا عن بقية المشاريع المقامة على الكورنيش في جهات أخرى، وهل هي أيضا لذوي الدخل المحدود، وبالمرة يخبرنا عن متى ستنتهي الكباري والجسور، ومتى ستتم سفلتة الشوارع وتغيب الحفر، ومتى ستفتح مجاري الأودية التي تم البناء عليها ومتى ... بس خلاص ..
المهم لا نرغب في ظهور رواية بعنوان لا بحر في جدة.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1199