• ×

اكتئاب شديد وحاد

0
0
1430
 
* دكتوري الفاضل ؛ أنا سيدة في الرابعة والخمسين من العمر .أعاني من مرض الاكتئاب منذ سنواتٍ طويلة ، وأثرّ هذا المرض على حياتي من جميع مناحيها ؛ في العمل ، لم أعد أستطيع أن أقوم بالعمل كما كنت في السابق.

كنتُ موظفة ممتازة ، مواظبة على العمل بشكلٍ مُلفتٍ للنظر ، فليس لديّ اعتذارات أو تغيّب بدون عذر ، كنتُ أحب عملي وإنتاجيتي كانت ممتازة ، الآن أصبحتُ لا أستطيع الذهاب إلى عملي ، ومعظم أيام الدراسة وأنا إما غائبة أو في إجازة مرضية. أصبحتُ كذلك لا أستطيع القيام بأعباء المنزل ، فبعد أن كنتُ سيدة نشيطة ، ربة منزل ، أقوم بكل الأعمال المنزلية ورعاية زوجي وأولادي بكل اقتدار ، الآن لم يعد لي قدرة على عمل أي شيء . معظم وقتي أقضيه في السرير ، تركت كل أعباء رعاية المنزل لزوجي وأولادي ليقوموا بكل شيء. لم تعد لي شهية لتناول الطعام ، نقص وزني بصورة واضحة. تركيزي أصبح ضعيفا جداً فلا أستطيع تذّكر شيء إلا بكل صعوبة.

الانتباه عندي قل بشكلٍ كبير ، حتى أني لا أستطيع أن أستمر في محادثة لأكثر من دقائق قليلة ثم أعود بعدها إلى السرحان وعدم القدرة على الانتباه لمن يتحدث معي.

ذهبت إلى عدد كبير من الأطباء النفسيين والقرّاء ، وجميع من تتخيل أن يذهب لهم مريض نفسي ولكن الجميع أجمع على أني أعاني من اكتئاب شديد وحاد. تناولت تقريباً معظم الأدوية المضادة للاكتئاب بجرعاتٍ كافية ولمدة كافية ولكن ليس هناك أي تحسّن. حياتي كآبة طوال الوقت ، ولا أعرف كيف أخرج من هذه الدوامة ؟ . سمعت وقرأت في جريدة الرياض عن العلاج بالجلسات الكهربائية ، و أرغب في أن أتعالج بالجلسات الكهربائية ، فهل تصلُح لي؟ وما هي مخاطر العلاج بالجلسات الكهربائية وما هي فوائدها أيضاً؟ وهل يمكن لأي شخص أن يتعالج بالجلسات الكهربائية؟

تقبّل خالص تحياتي لك ولزملائك في جريدة الرياض.

- سيدتي الفاضلة ، الاكتئاب مرض مُزعج ، وفعلاً يجعل حياة الشخص بائسة من جميع النواحي العملية ، العلمية ، الاجتماعية والزوجية. الأعراض التي ذكرتها فعلاً تُشير إلى أن ما تُعانين منه مرض الاكتئاب الشديد والمزمن. برغم أن الاكتئاب مرض مُزعج ولكنه في كثير من الأحيان يستجيب للعلاج بشكلٍ جيد.

وتُشير الدراسات إلى أن أكثر من 50% من مرضى الاكتئاب يستجيبون بشكلٍ جيد للأدوية المضادة للاكتئاب. أدوية الاكتئاب متنوعة ؛ حديثة وقديمة. تتفاوت أيضاً قوة الأدوية ؛ فثمة أدوية أقوى مفعولاً من أدويةٍ آخرى ، وكذلك تتنوع الأعراض الجانبية للأدوية المضادة للاكتئاب ، فبعضها يُسبب زيادة كبيرة في الوزن ، خاصة الأدوية القديمة. وكذلك بعضها يُسبب بعض الاضطرابات في الجهاز الهضمي كمعظم الأدوية التي يُطلق عليها \" الأدوية المُثبطة للسيروتونين\". بعض الأدوية أيضاً له تأثير على الجنس ، فبعضها يبطئ عملية القذف بدرجة قد تكون مُزعجة.

مع خلال رسالتك يبدو أنكِ من المرضى الذين لم يستجيبوا للأدوية المضادة للاكتئاب ، أي من ال 50% الذين لا يستجيبون للعلاج بالدواء.

سؤالك جيد من حيث استخدام العلاج بالجلسات الكهربائية لك، بما انكِ لم تستجيبي للعلاج بالأدوية.

أولاً: يجب أن يتم تقييم حالتك من الطبيب المعالج ، لمعرفة مدى فائدة علاجات بالجلسات الكهربائية ، فليس كل مريض اكتئاب صالح لأن يُعالج بالجلسات الكهربائية. هناك أمور تحدّد مدى إمكانية استفادة الشخص من العلاج بالجلسات الكهربائية.

بالرغم من أن العلاج بالجلسات الكهربائية بدأ في عام 1938 في ايطاليا ؛ حيث كان طبيبان ايطاليان يحاولان علاج مرض الفُصام عن طريق الجلسات الكهربائية ، إلا أنهما وجدا بأن المزاج يتحسّن عند المرضى الذي يخضعون لجلسات علاج بالكهرباء . بدأ الطبيبان علاج مرضى الاكتئاب بالجلسات الكهربائية ووجدا أن هناك تحسّنا ملحوظا في مزاج المرضى.

من هنا بدأت قضية علاج مرضى الاكتئاب بالجلسات الكهربائية ، برغم الفارق الكبير بين الجلسات الكهربائية في ذلك الوقت وفي الوقت الحالي. فالآن تُعمل تحت التخدير العام ، ولا يشعر المريض بأي ألم ، بعكس في الماضي كانت تُعمل بدون تخدير عام وكان المرضى يُعانون من الآم شديدة نتيجة الجلسات الكهربائية التي يتعرضون لها دون تخدير.

بوجهٍ عام ليس هناك أضرار جسيمة للعلاج بالجلسات الكهربائية ، ولكن يحدث بعض الضعف في الذاكرة والذي ينتهي بسرعة بعد التوقّف عن العلاج بالجلسات الكهربائية.

وبرغم سهولة عمل الجلسات الكهربائية ، وأمانها ، حيث أنها أكثر أماناً من الأدوية المضادة للاكتئاب ، فإن بعض الولايات في أمريكا تمنع العلاج بالجلسات الكهربائية ، ولكنها ليست ولايات كبيرة ، وهي بضع ولايات فقط بينما معظم الولايات في أمريكا تسمح بالعلاج بالجلسات الكهربائية.

بالنسبة لكِ فيجب أن تُناقشي الموضوع بشكلٍ جاد مع طبيبك المُعالج ويجب أن تكون صحتك البدنية جيدة وليس ثمة أي مشاكل مرضية عضوية لديك تمنعك من التخدير العام.

نظرياً يمكن لأي شخص أن يتعالج بالجلسات الكهربائية ، لكن لابد من وجود مُبرر لتعريض شخص للتخدير العام وجلسات كهربائية ، لذلك لا يُنصح بها لكل شخص ولكن لأشخاص هم في حاجةٍ لها ويقرر ذلك الطبيب المعالج.ٍ

د. ابراهيم الخضير، الرياض - الصحة والحياة talalzari.com