• ×

الزهايمر مرض مجهول السبب

0
0
1116
 
يتهدد مجتمعاً لا يعرف الكثير عنه..

قرن وأربعة أعوام باتجاه الماضي باتجاه الماضي هي المدة التي تفصلنا عن اكتشاف مرض جديد بواسطة الطبيب النفسي والعصبي الألماني ألويس ألزهايمر الذي أصبح اسمه اسما لأحد أكثر الأمراض شيوعاً في العصر الحديث، كما لم تكن هذه المعلومة هي الوحيدة التي قدمتها الجمعية السعودية الخيرية للزهايمر في محاضرتها في ملتقى أمطار الثقافي، والتي تحدث فيها كل من الدكتور فهمي السناني رئيس قسم الأعصاب ومدير برنامج السكتة الدماغية في مدينة الملك فهد الطبية وعضو اللجنة الطبية العلمية في الجمعية، والدكتور هشام الخشان مدير إدارة طب الأسرة والمجتمع ورئيس لجنة مقدمي الرعاية في الجمعية، بحضور عضو اللجنة الإعلامية في الجمعية وأحد المشاركين في تأسيسها الدكتور عبدالرحمن الشبيلي، بجانب عدد من المثقفين والمختصين والإعلاميين.

ولأن الأمر يتعلق في جانب كبير منه بصحة المجتمع وتنمية الوعي تجاه أحد أهم الموضوعات الطبية إلحاحاً ، فقد كان الدور الثقافي لـ «ملتقى أمطار» حاضرا لتبني طرح الجمعية الناشئة وهي تلفت النظر إلى مسألة صحية وطبية مازالت دون مستوى مايجب من المعرفة الاجتماعية بها رغم انتشارها على نطاق واسع، فالزهايمر ليس داء النسيان أو مرض الشيخوخة كما تقتصر صورته النمطية لدى القلة الذين يعرفونه، بل هو تهديد تصل أضراره إلى خلايا الدماغ وتتوسع على نحو خطير لتقضي على كثير من القدرات الذهنية والشخصية حتى تحيل الإنسان إلى حالة يفقد فيها قدرته على ممارسة الحياة بشكل طبيعي. وقد كشفت المحاضرة التي سبقها فيلم وثائقي تعريفي بالزهايمر أن المرض الذي يصيب فئات عمرية مختلفة مازال غير معروف السبب وإن كانت ثمة عوامل يمكنها الإسهام فيه على درجات مختلفة ومن أهمها التقدم في العمر. وأوضحت الدراسات أن علامات مرض الزهايمر تبدأ في مرحلتها المبكرة بنسيان الأحداث وتكرار المواضيع وتغير الشخصية ثم تتطور لاحقا إلى حالات العصبية وتولد الأوهام والتخيلات بجانب الحاجة للمساعدة في أداء بعض الممارسات الطبيعية كالأكل وارتداء الملابس، قبل أن يفقد المريض في مرحلة متقدمة معرفته بأفراد عائلته ويصبح في حوجة دائمة للإشراف والمساعدة.

وقال الدكتور فهمي السناني أن الإحصاءات العالمية تتحدث عن وجود 27 مليون حالة مصابة بهذا المرض في عام 2006م وهي نسبة مرشحة للزيادة بمعدل أربعة أضعاف بحلول عام 2050 م ، مشيراً إلى عدم وجود إحصائية لمرضى الزهايمر في المملكة وإن كانت بعض الحسابات تتحدث عن 50 ألف مصاب كحد أدنى. وقال السناني إن كثيرا من أهل المصابين لا يملكون الدراية الكافية للتعامل مع المريض وذلك لعدم معرفتهم بأعراضه التي تأتي بشكل ماكر ومبهم وتشمل تغيرات واضحة على مستوى التفكير والسلوك والتصرفات الشخصية، إضافة إلى فقدان الذاكرة وضعف القدرة على التركيز وصعوبة القيام بالمهام الروتينية وانعدام المبادرة مع وجود مصاعب جدية في الكلام أو التعبير. وقد أكد الدكتور الخشان على أن الجمعية تسعى إلى رفع مستوى الوعي الصحي بهذا المرض وأعراضه وآثاره وطرق التعامل معه سواء على مستوى الأطباء أو المجتمع وأهل المرضى. وأشار إلى إمكانية أن تسهم الأبحاث العلمية المتواصلة حول الزهايمر في إيجاد علاج له خلال السنوات المقبلة.

في جانب آخر ذكر الدكتور السناني أن الزهايمر يتسبب بنسبة 60 في المائة في حدوث مايعرف بالخرف، وقال أن الأدوية المستخدمة له حالياً تعمل على حفظ استقرار الحالة والحد من مضاعفاتها، مشيرا إلى أن بعض الممارسات الصحية كالرياضة قد تعمل في تقليل فرص الإصابة بالزهايمر. كما تحدث عن مستقبل استخدام الخلايا الجذعية في علاج عدد من الأمراض وأنه لم يثبت فاعلية حتى الآن فيما يتصل بالأمراض العصبية. في حين ذكر الدكتور الخشان أن نسبة إصابة المتعلمين بهذا المرض تأتي بدرجة أقل من غيرهم موضحا أن أكثر الإصابات لا تحدث بأسباب وراثية رغم أن هذا العامل يلعب دورا في زيادة فرص الإصابة بالمرض بجانب تقدم السن وإصابات الراس والاضطرابات البروتينية في الدماغ. وأشار الخشان في محور آخر إلى أهمية أن يتم إبلاغ المريض بحالته معتبرا أن هذا يعد حقاً شخصياً له كما أن له ضرورته الشرعية والقانونية ، موضحا أن إبلاغ المريض يجب أن يتم وفق أساليب احترافية متخصصة لا تتسبب في إلحاق ضرر نفسي أو عصبي بالمريض. وقد شرح الطبيبان جوانب في التعامل مع مريض الزهايمر ومنها أهمية معاملته بشكل اعتيادي كما لو كان سليما، مع تشجيعه على الاعتماد على نفسه والاحتفاظ باستقلاليته، والمحافظة على روح الدعابة في مخاطبته وعدم التبرم من وضعه الذي لا ذنب له فيه بطبيعة الحال.

من ناحيته، تحدث الإعلامي الدكتور عبدالرحمن الشبيلي حول الجمعية التي لا يتجاوز عمرها العام الواحد في إشارات موجزة حول مراحل تأسيسها مشيرا في هذا الشأن إلى دور محوري للأمير أحمد بن عبدالعزيز بجانب تكاتف عدد من الأطباء والمهتمين والمتطوعين الذين استشعروا أهمية قيام الجمعية في وقت يعاني فيه المجتمع قلة المعرفة بأحد أكثر أمراضه شيوعا، وأضاف الشبيلي أن تطوع الشباب والشابات والأطباء والمتخصصين الاجتماعيين وطلاب العلوم الصحية وغيرهم سيكون السند الذي تراهن عليه الجمعية لضمان نجاحها واستمراريتها. وأشار إلى أن أبواب الانضمام إليها مفتوحة لكل من يجد في نفسه الرغبة والحماس لتحقيق أهدافها الخيرة وهي الدعوة التي استجاب لها مباشرة الإعلامي المعروف إدريس الدريس ، وركز الشبيلي على أهمية توفير الإحصاء والبيانات التي ترصد واقع انتشار المرض في المملكة، وكذلك مواكبة مايستجد من ابحاث حول طبيعة الزهايمر ومسبباته والتعامل معه.

الشبيلي الذي أكد أن المصابين داخل المملكة يتجاوزون العدد المتوقع، قال أن المرحلة المقبلة ستشهد مضاعفة الجهود عبر خطة توعوية للتعريف بالمرض وحفز الجهات المسؤولة على الاهتمام بأمراض المسنين وإنشاء عيادات خاصة ومؤهلة لهم ، منتقدا في هذا السياق ماوصفه بتقصير بعض الجهات الطبية في التعاون مع الجمعيات الخيرية المتخصصة مطالباً إياها ببذل المزيد من الجهد للتكامل معها ودعمها في حين أشاد بتعاون بعض جهات القطاع الخاص في هذا الجانب. وأشار الشبيلي إلى أن الجمعية عقدت منتديات كبرى في عدد من مناطق المملكة، وهي الخطوة التي سبقت اتجاهها لتقديم المحاضرات عبر الملتقيات والصالونات الثقافية. بدوره قال راعي الملتقى الكاتب نجيب الزامل إن قلة الوعي الاجتماعي تمثل مؤشرا خطيرا بالنظر إلى طبيعة هذا المرض وانتشاره المتصاعد، وهو مايدفع لتوسيع نظاق التعريف به، منتقدا عدم حرص الكثيرين على تنمية معرفتهم بجوانب طبية وصحية مهمة تتصل مباشرة بحياتهم وتمنحهم ثقافة التعامل مع المصابين بالطريقة الصحيحة. وأضاف الزامل أن هذه الندوة تدفع ملتقى أمطار لبذل المزيد من الجهد في دعم الجمعية السعودية الخيرية لمرض الزهايمر، ومتابعة أنشطتها خلال الفترة المقبلة إسهاما في إيصال هذه الرسالة التوعوية والإنسانية إلى شرائح المجتمع كافة.

هيثم السيد، الاقتصادية - الصحة والحياة talalzari.com