• ×
admin

عمـر أطـول

عمـر أطـول


خالد البسام

كنت حتى أيام قليلة أؤمن أن النجاح لا يصنعه إلا المثابرون والعباقرة، غير أن رجلا زارني في مكتبي أخيرا اعترف بأنه نجح في عمله بسبب غباء الآخرين !
ومع أنني لا أتذكر الآن الشروحات الكثيرة التي قدمها الرجل لشرح عبقريته في استغلال غباء من حوله وغرورهم أحيانا، إلا أن هذا الكلام صحيح ولا يحتاج إلى براهين ساطعة.
والنجاح اليوم هو المهم عند كل الوصوليين والانتهازيين ولكن الوسيلة ليست مهمة على الإطلاق. غير أن موضوعي اليوم هو ليس كيف تنجح ولكن هل هناك فوائد نجنيها من النجاح غير تلك التي نعرفها ؟
جوابي هو نعم فالنجاح اليوم يطيل العمر والفشل يقصره. فكلما كانت حياتنا أفضل ونجحنا فيها وحصلنا على جائزة ما وثروة بسيطة كلما طالت أعمارنا وتحسنت صحتنا.
وأكثر من هذا الكلام هو أن أي اختلاف بسيط في المكانة الاجتماعية والثروة والتعليم وغيرها يمكن أن يكون لها تأثير كبير على صحة الإنسان وطول عمره حسب تأكيد كتاب مهم يصدر هذه الأيام في لندن.
فبعد أبحاث استغرقت أكثر من عشرين عاما أجراها بروفيسور بريطاني في علم الأمراض والصحة العامة تبين من نتائجها مثلا أنه حتى الأشخاص المتعلمين والذين يعملون في وظائف ثابتة تزيد فرص وفاتهم باكرا عن الأشخاص الذين يحملون مؤهلات أعلى ويعملون في وظائف أفضل، فالذين يحملون شهادة الماجستير مثلا يتوقع حسب الكتاب أن يعمروا أكثر من حملة البكالوريوس. وحتى الترقية البسيطة التي ينالها الموظف في عمله يمكن أن تساعد في إطالة عمره. بل ومن يصدق أن بعض الاختلافات الصغيرة كامتلاك غرفة إضافية أو حديقة أكبر في المنزل تعزز الصحة وتطيل العمر..
ورغم أن الكتاب بحث في الاختلافات بالنظام الغذائي ونمط الحياة بين تلك الشخصيات والدرجات الوظيفية التي شملتها الدراسة إلا أنها صغيرة لدرجة لا يمكن معها اعتبارها مسؤولة عن هذا التناقض الكبير..
فالمدخنون مثلا في الدرجات والحلقات العليا أقل عرضة للإصابة بمرض القلب بالمقارنة بالمدخنين الموجودين في الحلقات الوظيفية الدنيا !
والتفسير الذي يقدمه البروفيسور البريطاني لكل هذا الكلام المهم هو أنه عندما يصعد الناس السلم الاجتماعي يكتسبون سلطة أو قوة أكبر تحدد كيفية عملهم أو معيشتهم، وهذا الاستقلال الذاتي أو قدرة الشخص على التحكم في حياته والفرصة للانشغال الاجتماعي الكامل والمشاركة هي أمور حاسمة للصحة النفسية والجسدية وطول العمر. كما أن الجوانب الصحية تستجيب بقوة للثراء وللوضع الاجتماعي، وكلما ارتقى الإنسان السلم الاجتماعي كلما ازدادت وقايته من الكثير من الأمراض.
وهكذا لم يبق سوى أن ندعو للقراء بالمزيد من الرقي والثروة مهما كانت صغيرة وطول العمر حتى يتذكرونا بالخير.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1324