• ×
admin

أغنياء.. كرماء..

أغنياء.. كرماء..


يوسف الكويليت

«بيل جيتس» شخصية عالمية وعبقرية في الابتكارات المعاصرة، ومن خلال هذا التفرد بالجهد والإبداع، صار أغنى أغنياء العالم من خلال تأسيس شركة «مايكروسفت»، الشيء المهم أن هذه الشخصية تخلت عن إدارة الشركة للتفرغ للأعمال الخيرية، والتبرع بكامل ثروتها خلال نصف قرن قادم، بل أغرى (بليونيراً) آخر هو «دارك بافيت» وصاحب ثاني ثروة في العالم إلى مشاركته في هذه الأعمال دون أن يوقفاها على جنس أو دين أو حدود مغلقة..

مؤسسة بيل جيتس استطاعت إقناع ثلاثين بليونيراً أمريكياً للتبرع بنصف ثرواتهم لهذا المشروع الإنساني، وهي خطوة فاجأت حتى الذين رأوا أنه بالإمكان انتزاع ولو نسب من أموال هؤلاء التجار لا تزيد عن ال٥٪ مثلاً، لأن يتبرعوا بنصف ثرواتهم، وبقناعة تامة من أخلاقية هذا العمل غير المسبوق..

إسرائيل بُنيت بثروات اليهود، ولا يزال السخاء في تبني المشاريع الكبيرة، من الاستيطان حتى المؤسسات العسكرية والاجتماعية تعتمد على ثروات الأغنياء، وبعدها الصين التي رحلت أموال الصينيين في جنوب شرق آسيا وأمريكا، وكل المهاجر إلى الوطن الأم للإسهام في بنائه، وكذلك فعلت الجالية الهندية وغيرها..

في الوطن العربي مئات الآلاف من المليونيرات ولا تقتصر على بلد ما، بعضهم نهب وهاجر وطور، ولكن أموالهم مثل الأمراض المعدية، أي أنها تأتي لتربح من فرص متاحة لا تؤسس لمشاريع عمل تنموي للبنية الأساسية وتطوير الإنسان ورفع مستواه، لأن الأصل في هذه الأموال وتراكمها؛ فساد مؤسسات الدول، وهي ظاهرة لا تغيب عن أي متابع لأصحاب هذه الثروات، وكيف تنامت وكبرت وتسرطنت..

في دول مجلس التعاون النسبة الأعلى من أصحاب الأموال ذات الأرقام الفلكية، يعتمدون على الربح السريع، والهروب من أي التزامات وطنية، ونحن هنا لا ندعو إلى اتخاذ مليونيرات أمريكا طريقاً أو نهجاً لمحتكري المال عندنا، بل باتباع منهجنا الإسلامي المتمثل بدفع الزكاة، أو التكرم بقبول التبرع بخمسة في المائة من تلك الثروات المتراكمة، والتي جاءت من خلال صفقات معظمها حصل بطرق غير مشروعة، ويستثنى من ذلك البعض، وليس الكل ممن عرقوا واجتهدوا وحصلوا على ثرواتهم بجهدهم الشخصي..

هذه الأموال، لو تم الحصول عليها بشكل أمين وصادق، فسوف تحل مشاكل المرضى والعاطلين عن العمل، ومن يفتقدون إلى السكن، وغرفة في مستشفى مرموق، أو الصرف على أبنائهم في الحصول على تعليم متقدم، لكن الرؤية المتعارف عليها كمسلمة ثابتة، هي تكمن في السؤال المتردد: «.. وأين دور الحكومة؟»، وكأن العيون لا ترى إلا السراب. فالدولة لم تنتظر من هؤلاء حسناتهم، بل لم تفرض عليهم ضرائب، لكنها المواطنة الناقصة، والبخل القاتل!!

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1618