• ×
admin

انتصار الثقافة التربوية!

انتصار الثقافة التربوية!


أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم

إن الإنسان بفطرته السوية أي كان منشأه وفي أي مدينة كان مولده، تقوده فطرته أن يحترم كل ما هو حسن، وأن يتخلى عن كل ما هو سيئ، وليس من مصدر يعرف الناس بالحسن ويحثهم على تطبيقه ويعرفهم بالسيئ ويحثهم على اجتنابه، إلا ما كان وحيا من عند الله، أو ما جربه الإنسان في حياته وتعارف على أنه حسن أو سيئ، القرآن الكريم والسنة النبوية يمثلان مصدر الوحي، وتجربة الإنسان من فجر التاريخ إلى يومنا هذا تمثل المخزون للثقافة التربوية عبر التجربة، ويسجل اليوم عبر التجربة الإنسانية في هذا المجال في أمريكا وأوروبا انتصارا للثقافة التربوية، حيث إن كثيرا من أخلاقيات الحياة الإنسانية متأصلة ونظاما معمولا به يرفع من قيمة الإنسان حقوقا وواجبات، وهذا حق يجب أن نذكره رضي به البعض أو رفضه يقابل ضياع الثقافة التربوية لدى شعوب معظم العرب والمسلمين مع العلم أن لديهم من الناحية النظرية أرقى ما يمكن أن يتمثلوا به في الحياة من الناحية التربوية والسلوكية، وهما كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتوجيهاتهما في ذلك مما حقق انتصارا للثقافة التربوية عند هذه الشعوب يوما من الأيام، ولقد تمثل هذا الانتصار في تربية النبي الكريم عليه السلام لصحابته رجالا ونساء مما رفع من شأنهم وانقادت لهم بقية الشعوب منبهرة بالثقافة التي سادت هذه النفوس فلم تعد تبطر الحق أو تغمط الناس.
إن الذي يحدث اليوم لأبناء وبنات العرب و المسلمين العكس تماما ألا وهو الانبهار بالثقافة التربوية الأمريكية والأوروبية وهو انتصار تحققه تلك الثقافة التربوية، سواء رضي به البعض أو رفضه وفي كثير من بنود تلك الثقافة التربوية ما يسنده من توجيهات القران الكريم والسنة المطهرة إلا أن التأثر به لشبابنا وشاباتنا بل ولكبارنا وصغارنا كان مصدره رقي حياة الناس ونظامهم الاجتماعي المعمول به في بلدانهم في أمريكا وأوروبا.
إن الثقافة التربوية ليست كلاما ولا ندوات أو أشعار فصحى وعامية، إنما هي سلوك حضاري تبرز من خلاله قيمة الإنسان وتتعزز فيه القيم ويتحول المجتمع إلى مجتمع قيمي، كل فرد فيه له احترامه وحقوقه، ليس لأبيض فيه على أسود ميزة، ولا لأعجمي فيه على عربي خصوصية، ولا تفاضل فيه في الدنيا إلا لمن كان هو الأفضل في العلم والعمل وفي الآخرة، إلا لمن كان هو لربه أتقى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وعندما سئل عليه الصلاة والسلام عن الأحسن، ذكر نبي الله يوسف عليه السلام فقال الصحابة ما عن هذا سألناك، ويقصدون أن المقصود ليس النسب، فقال عليه السلام عن التقوى تسألون قالوا: ليس عن هذا سألناك، قال: إذن عن معادن الناس تسألون، قالوا: نعم، قال: خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام إذن فقهوا، فالحاملون للصفات الطيبة والثقافة التربوية المتميزة هم المنتصرون سواء كانوا في الجاهلية أو في الإسلام، وسواء كانوا في عالمنا العربي والإسلامي أو العالم الغربي أو أي شعب من شعوب الأرض.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  1  1929