• ×
admin

مشروع الترجمة والتواصل العالمي

مشروع الترجمة والتواصل العالمي!


أ. د. صالح عبدالعزيز الكريِّم

طبيعة تلاقي الأمم الحضارية هو عبر نواحيها العلمية والثقافية، والإرث الحضاري في أساسه إرث تراكمي، فمنذ فجر الخليقة إلى يومنا هذا والأمم تستفيد من بعضها البعض، وذلك عبر لغاتها المختلفة والمتباينة والتي ذكر الله سبحانه وتعالى أنها آية من آياته (ومن آياته خلق السموات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآية للعالمين) سورة الروم. ولقد اقتضت حكمة الله أن يكرم جنس البشر كله (ولقد كرمنا بني آدم)، وجعل العلم مرتبطا بالإنسان بجميع فئاته ودياناته وأممه وأفكاره، وربط بين كلمة اقرأ وبين صفته سبحانه وتعالى بكونه هو الأكرم، كما قال تعالى: (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم).
إن الشفرة الوحيدة التي تفك لغات العالم على تعددها وكثرتها هي «الترجمة»، وما الحضارات السابقة للأمم منذ فجر التاريخ بتنوع لغاتها، وما بعد ذلك من لغات تم تدوينها مثل: الإغريقية واليونانية والهندية، وما تبع ذلك من حضارات خاصة الحضارة الإسلامية (حضارة اللغة العربية) في عصور ازدهار العلم، وكذلك حضارات اليوم حيث أنها متعددة اللغات، مثل: الإنجليزية والألمانية والفرنسية والروسية والصينية واليابانية والماليزية والهندية وغيرها من اللغات الأخرى، كلها تتلاقى عبر شفرة الترجمة.
إن مشروع الترجمة، الذي تبناه خادم الحرمين الشريفين ومنح التنافس فيه ليصبح مشروعا عالميا يتحقق من خلاله التواصل العالمي، لهو بحق مشروع العلم والثقافة والحضارة، خاصة أنه جعل التواصل عبر الترجمة من اللغة العربية وإليها، وهو فرصة لتوصيل صوت الإسلام من خلال ترجمات دقيقة لمقاصد الإسلام ومنهجه ورسالته العالمية، كما أنه فرصة لتوصيل ما بدأ في عالمنا الإسلامي من إنجازات علمية وبحثية، كما أن تنوع اللغات يقتضي تعدد الاستفادة من علوم الآخرين، خاصة أن هناك سبقا اليوم في مجال تقنية المعلومات لدى الهند، ومجال الصناعة لدى اليابان وماليزيا، ومجال الزراعة لدى أستراليا، وشيء من التقدم العلمي لدى الصين أو روسيا، وهكذا فإن الترجمة هي الشفرة التي تمنح التواصل والحيوية، وهي مشروع يتحقق عنه كذلك تأسيس الجامعات للتدريس باللغة العربية، وهي على صلة وثيقة بجديد العلوم، فجزى الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على هذا المشروع العملاق، وجعله في ميزان حسناته.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1717