• ×
admin

شقـا قـايم لقـاعـد

شقـا قـايم لقـاعـد !!


م. عبد الله يحيى المعلمي

ما أكثر المواقف التي ينطبق فيها هذا المثل الشعبي الذي يضرب ليصف حالة من يظل واقفاً يشقى ليحقق انجازاً لنفسه أو لأسرته أو لمجتمعه ووطنه حتى إذا حانت ساعة الحصاد تشاء الظروف أن يأتي من كان قاعداً طوال هذه الفترة ليجني ثمرة جهد الواقف و«شقاه».. والأمثلة على ذلك كثيرة فهناك من يعمل على تأسيس شركة ما ويجتهد في تطوير أعمالها ويعيش معها ظروف السنين العجاف أثناء الإنشاء وفترة بداية التشغيل حتى إذا ما تحققت لها أهدافها وتعاظمت أرباحها انتقلت راية العمل إلى من يجد أمامه نشاطاً ناجحاً وأرباحاً متتالية ومكافآت مجزية.. وهناك من ينتقل إلى عمل عام ويواجه حالة من الإحباط والخمول وغياب الرؤية فيعمل ويجتهد على رفع الروح المعنوية لمنسوبي الجهة التي يعمل بها ثم يضع الخطط والبرامج للتطوير والتحديث ويشقى لتأمين التمويل اللازم لها ثم يبدأ في تنفيذها فيأتي بعده من يتابع المسيرة بحظوظ متفاوتة من التوفيق ويبدأ في الاستفادة من كل ما بذل قبله من جهد، وقد تشاء الظروف أن يتكرر الحدث نفسه أكثر من مرة مع الشخص ذاته أو مع غيره من الناس فيقال : «شقا قايم لقاعد!!». أما أنا فأقول إن كان الرجل قد عمل واجتهد وسعى وتعب لكي يحقق لنفسه مجداً شخصياً أو ينسب لذاته جاهاً وصيتاً فلقد انطبق عليه المثل وضاع عليه ما بذل من جهد.. أما إن كان قد عمل بروح أداء الواجب محتسباً ، واجتهد منطلقاً من الرغبة في إرضاء الله سبحانه وتعالى ثم إرضاء ضميره ومسترشداً بالشعور بالمسؤولية والأمانة الشخصية والعامة، فلقد علم عن نيته وعمله من لا تخفى عليه السرائر والأسرار، ولا تضيع عنده الأجور، ولا يذهب عنده « شقا» أحد لغيره أبداً، والشاعر العربي يقول: من يفعل الخير لا يعدم جوازيه لا يذهب العرف بين الله والناس تتمة صـ(24)ــ ثم أنني أؤمن أنه لا يمكن لفرد من الناس أن يحقق انجازاً دون أن يستفيد من جهود من سبقوه واجتهاداتهم، سواء منها ما كان صحيحاً فيبني عليه أو ما كان منها خاطئاً فيتجنبه ويستفيد من آثاره، والحياة دائماً وأبداً هي سلسلة متعاقبة من الأشخاص والأحداث فلا ينبغي لأحد أن يحسبن أنها تبدأ عنده أو تنتهي إليه، كما أنني أثق في النقاء العام للناس فإذا جاء الخلل أو النقص أو النكران من أحدهم أو بعضهم فإن التاريخ كفيل بتحجيم مثل هذا الخلل، وفي النهاية كما يقول المثل الشعبي: لا يصح إلا الصحيح !!

المصدر: صحيفة المدينة
بواسطة : admin
 0  0  1101