الحب.. من المهد إلى اللحد
الحب.. من المهد إلى اللحد
نبيلة حسني محجوب
هل يعيشُ الإنسانُ بالخبز وحده؟!.
لحياة الإنسان معنى أكبر من العيش ليقتات الخبز!.
الحبُّ هو المعنى العميق للحياة، وهو الغذاء الحقيقيُّ الذي يطبع شخصيَّات البشر، هو أيضًا، الغذاءُ المعنويُّ الذي يحتاج إليه كلُّ البشر من الصرخة الأولى، فعندما يُوضع المولود على صدر أمه، تمنحه حُبَّها وحنانَها، حتى آخر لحظة في حياتها، عندما يلتفُّ حولَه أحبَّتهُ، يمنحُونه الحُبَّ، وهو في أوهن لحظة من حياته.
يُولد الإنسانُ واهنًا ضعيفًا هشًّا، ويموتُ وهو في قمَّة الوهنِ والضعفِ، والحاجة إلى رُؤية الحبِّ في عيون أهله وأحبَّته، الذين أنفق حياتَه وهو يُقدِّم لهم حُبَّه ورعايتَه واهتمامَه. بين الولادة والموت درجاتٌ وأشكالٌ وألوانٌ من الحُبِّ، لا أعرفُ لماذا اختزلنا الحُبَّ في العشق والغرام فقط، بينما الحياةُ من أوَّلها لآخرِها سيمفونيَّة حُبٍّ، تتبدَّل الألحانُ والمقاماتُ والأوتارُ، والآلاتُ والعازفُونَ، ويبقى الحُبُّ هو اللحنُ الخالدُ للوجود.
«كلُّ حالات الحُبِّ التي يمكننا رُؤيتها في الحياة الدُّنيا؛ تُولد وتعيش وتموت، أو ترقَى للخلود، تبعًا للقوانين نفسها».. (ستاندال «ماري هنري بيل»).
الحُبُّ يشبه ما ندعوه دربَ التبَّانة في السَّماء، مجموعة لامعة مُشكِّلة آلاف النجمات الصغيرة، التي كلٌّ منها -غالبًا- ما يكون سديمًا. «السديمُ: تجمُّعُ غازاتٍ مضيئةٍ». هو هذا السديمُ الذي أوقع بطلة فيلم «الحُب قبل الخبز أحيانًا»، وهو فيلمٌ مصريٌّ، شاهدتُه في مرحلة مبكِّرة من عمري، إلَّا أنَّ قصَّته لا تزال تُعشِّشُ في ذاكرتِي، الفيلم يحكي عن فتاةٍ تبحثُ عن الحُبِّ، لكنَّها تسقط نتيجة أفكارها المتحرِّرة، وسعيها للبحث عن الحُبِّ.
اختلافُ مفهوم الحُبِّ فيما ترغب هي فيه، وفيما يرغب به الطَّامعُونَ في شبابها وجمالها، أدَّى بها إلى السقوط المدوِّي.
كلُّ البنات تبحثُ عن الحُبِّ، خصوصًا إذا لم تجده في البيت، بحثت عنه خارجه، وهي لا تعلم بمزالقهِ ودروبهِ الوعرة، وأنَّه يُمثِّل الصعود إلى الهاوية، وأنَّ ما تراه لامعًا برَّاقًا لا يعدو كونه «سديمًا».
الحبُّ بمفهومه الشَّامل كما عبَّر عنه العنوان: «من المهدِ إلى اللَّحد»، هو الذي نتحدَّث عنه في هذه المقالة، الحُبُّ الذي يُعمِّر القلوب، ويبسط سلطانه بكلِّ عنفوان دقَّاتها، فلا يسمح للأمراض التي تصيب القلوب بالنَّهش فيها، يمنحها مناعةً، وراحةً، واستقرارًا نفسيًّا، وأمنًا وأمانًا.
يقولُ د. عادل صادق في كتابه «الحب أحسن دواء»، إنَّ العلاقة وثيقة بين الصحَّة والحُبِّ.
الصحَّةُ ليست الخلو من المرض، ولكنَّ الصحَّة هي السعادة، والمصدر الأساس للسَّعادة هو الحُبُّ، والمصدر الأساس للأمن النفسيِّ هو الحُبُّ.
كما يحتاج الصغار للحُبِّ، وبيئة خصبة تستنبت شجر الحُبِّ، وتمدُّ أغصانه تُظلِّل حياتهم في مسيرتهم الحياتيَّة، يحتاج الكبارُ أيضًا إلى الحُبِّ من أبنائهم، كلَّما تقدَّمُوا في العُمر احتاجُوا إلى مزيدٍ من الحُبِّ، ليس فقط المادة، أو توفير حياة كريمة، بل هم بحاجة إلى لمسِهم، تقبيلِهم، منحِهم المزيد من الوقت، الإنصات إلى همومِهم وشكواهم، حكاياتِهم القديمة والمكرَّرة دونَ تبرُّمٍ أو ضيقٍ، بل منحهم مزيدًا من الحُبِّ.
هو الحبُّ الذي يجعلك تهنأ بصحبتهم، تقهقه من قلبِك لقفشاتِهم أو نكاتِهم، حتَّى لو لم تكن ترقَى إلى ذلك. حتَّى الأصدقاء بحاجةٍ إلى الحُبِّ، الحُبُّ يعني الأنسَ بصحبتهم، التَّغاضي عن زلَّاتهم، الوقوف معهم، ومساندتهم في أفراحِهم وأتراحِهم.
الحُبُّ ليسَ مقصورًا على البشر، بل حتَّى الأشياء تمتلكها؛ لأنَّك تُحبُّها، وإذا خمد الحُبُّ تخلَّصت منها، لا يدهشك تعلق بعض البشر بكلابهم أو قططهم، ربما لم يجدوا الحب لدى البشر، أو أنهم لم يتمكنوا من مبادلة الآخرين محبتهم، فوجدوا الحب مع كائنات أخرى تمنحهم دفء الحب.
يقول ستاندال: «الحُبُّ أشدُّ أنواعِ السِّحرِ فاعليَّةً». هو الذي يجمِّل حياتنا، ويمنحها التألُّق والجَمَال.
بعض النَّاس يُحبُّ اللَّيل، يشعرُ فيه بالهدوء والرَّاحة، وبعضهم يُحبُّ النَّهار بنورِهِ وضجيجهِ، فللنَّاس فيمَا يَعشقُونَ مَذَاهِبُ!.
المدينة
نبيلة حسني محجوب
هل يعيشُ الإنسانُ بالخبز وحده؟!.
لحياة الإنسان معنى أكبر من العيش ليقتات الخبز!.
الحبُّ هو المعنى العميق للحياة، وهو الغذاء الحقيقيُّ الذي يطبع شخصيَّات البشر، هو أيضًا، الغذاءُ المعنويُّ الذي يحتاج إليه كلُّ البشر من الصرخة الأولى، فعندما يُوضع المولود على صدر أمه، تمنحه حُبَّها وحنانَها، حتى آخر لحظة في حياتها، عندما يلتفُّ حولَه أحبَّتهُ، يمنحُونه الحُبَّ، وهو في أوهن لحظة من حياته.
يُولد الإنسانُ واهنًا ضعيفًا هشًّا، ويموتُ وهو في قمَّة الوهنِ والضعفِ، والحاجة إلى رُؤية الحبِّ في عيون أهله وأحبَّته، الذين أنفق حياتَه وهو يُقدِّم لهم حُبَّه ورعايتَه واهتمامَه. بين الولادة والموت درجاتٌ وأشكالٌ وألوانٌ من الحُبِّ، لا أعرفُ لماذا اختزلنا الحُبَّ في العشق والغرام فقط، بينما الحياةُ من أوَّلها لآخرِها سيمفونيَّة حُبٍّ، تتبدَّل الألحانُ والمقاماتُ والأوتارُ، والآلاتُ والعازفُونَ، ويبقى الحُبُّ هو اللحنُ الخالدُ للوجود.
«كلُّ حالات الحُبِّ التي يمكننا رُؤيتها في الحياة الدُّنيا؛ تُولد وتعيش وتموت، أو ترقَى للخلود، تبعًا للقوانين نفسها».. (ستاندال «ماري هنري بيل»).
الحُبُّ يشبه ما ندعوه دربَ التبَّانة في السَّماء، مجموعة لامعة مُشكِّلة آلاف النجمات الصغيرة، التي كلٌّ منها -غالبًا- ما يكون سديمًا. «السديمُ: تجمُّعُ غازاتٍ مضيئةٍ». هو هذا السديمُ الذي أوقع بطلة فيلم «الحُب قبل الخبز أحيانًا»، وهو فيلمٌ مصريٌّ، شاهدتُه في مرحلة مبكِّرة من عمري، إلَّا أنَّ قصَّته لا تزال تُعشِّشُ في ذاكرتِي، الفيلم يحكي عن فتاةٍ تبحثُ عن الحُبِّ، لكنَّها تسقط نتيجة أفكارها المتحرِّرة، وسعيها للبحث عن الحُبِّ.
اختلافُ مفهوم الحُبِّ فيما ترغب هي فيه، وفيما يرغب به الطَّامعُونَ في شبابها وجمالها، أدَّى بها إلى السقوط المدوِّي.
كلُّ البنات تبحثُ عن الحُبِّ، خصوصًا إذا لم تجده في البيت، بحثت عنه خارجه، وهي لا تعلم بمزالقهِ ودروبهِ الوعرة، وأنَّه يُمثِّل الصعود إلى الهاوية، وأنَّ ما تراه لامعًا برَّاقًا لا يعدو كونه «سديمًا».
الحبُّ بمفهومه الشَّامل كما عبَّر عنه العنوان: «من المهدِ إلى اللَّحد»، هو الذي نتحدَّث عنه في هذه المقالة، الحُبُّ الذي يُعمِّر القلوب، ويبسط سلطانه بكلِّ عنفوان دقَّاتها، فلا يسمح للأمراض التي تصيب القلوب بالنَّهش فيها، يمنحها مناعةً، وراحةً، واستقرارًا نفسيًّا، وأمنًا وأمانًا.
يقولُ د. عادل صادق في كتابه «الحب أحسن دواء»، إنَّ العلاقة وثيقة بين الصحَّة والحُبِّ.
الصحَّةُ ليست الخلو من المرض، ولكنَّ الصحَّة هي السعادة، والمصدر الأساس للسَّعادة هو الحُبُّ، والمصدر الأساس للأمن النفسيِّ هو الحُبُّ.
كما يحتاج الصغار للحُبِّ، وبيئة خصبة تستنبت شجر الحُبِّ، وتمدُّ أغصانه تُظلِّل حياتهم في مسيرتهم الحياتيَّة، يحتاج الكبارُ أيضًا إلى الحُبِّ من أبنائهم، كلَّما تقدَّمُوا في العُمر احتاجُوا إلى مزيدٍ من الحُبِّ، ليس فقط المادة، أو توفير حياة كريمة، بل هم بحاجة إلى لمسِهم، تقبيلِهم، منحِهم المزيد من الوقت، الإنصات إلى همومِهم وشكواهم، حكاياتِهم القديمة والمكرَّرة دونَ تبرُّمٍ أو ضيقٍ، بل منحهم مزيدًا من الحُبِّ.
هو الحبُّ الذي يجعلك تهنأ بصحبتهم، تقهقه من قلبِك لقفشاتِهم أو نكاتِهم، حتَّى لو لم تكن ترقَى إلى ذلك. حتَّى الأصدقاء بحاجةٍ إلى الحُبِّ، الحُبُّ يعني الأنسَ بصحبتهم، التَّغاضي عن زلَّاتهم، الوقوف معهم، ومساندتهم في أفراحِهم وأتراحِهم.
الحُبُّ ليسَ مقصورًا على البشر، بل حتَّى الأشياء تمتلكها؛ لأنَّك تُحبُّها، وإذا خمد الحُبُّ تخلَّصت منها، لا يدهشك تعلق بعض البشر بكلابهم أو قططهم، ربما لم يجدوا الحب لدى البشر، أو أنهم لم يتمكنوا من مبادلة الآخرين محبتهم، فوجدوا الحب مع كائنات أخرى تمنحهم دفء الحب.
يقول ستاندال: «الحُبُّ أشدُّ أنواعِ السِّحرِ فاعليَّةً». هو الذي يجمِّل حياتنا، ويمنحها التألُّق والجَمَال.
بعض النَّاس يُحبُّ اللَّيل، يشعرُ فيه بالهدوء والرَّاحة، وبعضهم يُحبُّ النَّهار بنورِهِ وضجيجهِ، فللنَّاس فيمَا يَعشقُونَ مَذَاهِبُ!.
المدينة