• ×
admin

واشنطن 18 نوفمبر.. تأريخ جديد

واشنطن 18 نوفمبر.. تأريخ جديد

حمود أبو طالب

الذي حدث في واشنطن يوم 18 نوفمبر كان أكثر من كل التوقعات، فرغم برودة الطقس كان دفء الإثارة ينبعث في كل شرايينها ترقباً لما سيحدث عند وصول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. كان واضحاً أن الاستعدادات غير عادية، بل غير مسبوقة، وحرص الرئيس ترمب على التأكيد أنه رجل المفاجآت، فقرر أن يؤكد لأمريكا والعالم خصوصية ضيفه والبلد الذي يمثله بذلك الاستقبال المشهود في السماء وعلى الأرض، وبالذراعين الممتدتين وتعبيرات الاحترام الكبير. منذ تلك اللحظات تأكد نجاح الزيارة، لكن ولي العهد أراد أيضاً أن يضفي لمساته الخاصة على النجاح بذلك الحضور الكارزمي الطاغي في كل تفاصيل زيارته للبيت الأبيض، وخصوصاً خلال المؤتمر الصحفي الذي كان الحدث العالمي.

ذهب ولي العهد إلى أمريكا وهو يعرف تماماً ماذا يريد وكيف يحصل عليه وما هي أوراق القوة التي يملكها. وكان مستعداً تماماً لمواجهة الآلة الإعلامية الأمريكية التي تنتظر هذه الزيارة بالذات لتمارس شغبها ومناكفاتها. تعامل معها بذكاء وثقة ودبلوماسية رفيعة، وتصدى للأسئلة التي لم يكن يريد الرئيس أن تُطرح في ذلك المقام. لا شيء يخفيه محمد بن سلمان ولا شيء يتحرج منه ولا سؤال لا يملك الإجابة عليه.

وخلال ساعات حصد ولي العهد أهم إنجازات في تأريخ العلاقات بين المملكة وأمريكا، إنجازات نوعية لم تسبق لدولة أن حصلت عليها في حزمة واحدة وخلال زيارة واحدة. اتفاقيات ومذكرات وصفقات في مجالات حساسة تمثل التفوق الأمريكي العلمي والتكنولوجي الذي لا تسمح بسهولة مشاركة غيرها فيه، لكن المملكة استطاعت ذلك لأسباب منطقية تعرفها أمريكا قبل غيرها، من أهمها الثقة التامة بأن المملكة تسخر كل ما لديها من إمكانات ذاتية، وما تحصل عليه من تسليح وتقنيات متقدمة، من أجل تطور وازدهار ورخاء شعبها، والمساهمة في تقدم العالم واستقراره وأمنه.

نحن الآن نتحدث عما تم توقيعه والاتفاق عليه يوم الثلاثاء 18 نوفمبر في ما يخص البرنامج النووي السلمي، والرقائق الإلكترونية، والذكاء الاصطناعي، واتفاقية الدفاع الإستراتيجي، وصفقة مبيعات الأسلحة التي تمثل مقاتلات F35 أبرز ما فيها، لكن يوم الأربعاء (أمس)، سيشهد أكبر منتدى للاستثمار الأمريكي السعودي يعقد في واشنطن، حيث ستوقع شراكات ومذكرات تعاون استثمارية ضخمة في مختلف المجالات التي تهم البلدين.

لقد غير ولي العهد قواعد اللعبة العالمية في السياسة والاقتصاد، هذه حقيقة وليست مبالغة أو انحيازاً عاطفياً، ولولا ذلك ما حدث الذي حدث في واشنطن. هل سمعتم قائداً يقول في البيت الأبيض: لست هنا من أجل إرضاء أمريكا أو رئيسها، بل من أجل تلبية احتياجاتنا ومصالحنا المشتركة؟

عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  6