• ×
admin

ومن يواسي هذه المرأة؟

ومن يواسي هذه المرأة؟

خالد بن حمد المالك

ضجت أمريكا ودول أوروبا منددين ومستنكرين لحادث المتحف اليهودي في واشنطن الذي قُتل فيه اثنان من موظفي السفارة الإسرائيلية، ونحن نتفهم ونتضامن مع كل من ندد واستنكر الحادث، وكل عمل مماثل له، سواء تعرضت له أجناس من اليهود أو المسلمين أو المسيحيين أو غيرهم، ولكننا نستغرب أن يغيب مثل هذا الغضب حين تطال الجريمة فلسطينيين أبرياء، ونستغرب أن تختفي العدالة في التعامل، والمساواة بين الأديان، ويكون التعاطف مع ديانة دون أخرى، ومع دولة لا مع جميع الدول.

* *

قُتل إسرائيليان اثنان، فكان الحدث الجلل، ويقتل يومياً العشرات في غزة في حرب إبادة، ويظل الاعتراض خجولاً، إن لم يكن غائباً، وكأننا أمام موازين مختلفة في التعامل والتعاطي مع الجرائم أياً كان مكانها وزمانها، ومن هو المتضرر منها، فبعد يومين من مقتل الإسرائيليين الاثنين في هجوم مدان، وغير مقبول، وتعبير أمريكا ودول أوروبا ومؤسساتها عن غضبها وتنديدها بالحادث وعن تعازيها لأسرتي الضحيتين. قتلت إسرائيل تسعة أشقاء دفعة واحدة في تفجير منزلهم في خان يونس، هم أبناء الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، ضمن العشرات، وأحياناً المئات ممن تقتلهم إسرائيل يومياً، ولم نسمع صوتاً جهورياً واحداً، يدين إسرائيل على هذه الجريمة التي فقدت فيها أم تسعة أطفال في لحظة واحدة.

* *

ومما يلفت النظر بعد حادث المتحف اليهودي سرعة ربط الحادث بكراهية السامية، وتوظيفه على أنه ضدها، مع أن المتهم يحمل الجنسية الأمريكية، ومن أصول لاتينية، واسمه إلياس رودريغيز، وهتف باسم فلسطين، وطالب بالحرية الفلسطينية، أي أنه لا توجد علاقة من قريب أو بعيد للحادث بكراهية السامية، وإنما هو رد فعل من المتهم لما شاهده من قتل إسرائيل لعشرات الآلاف من الفلسطينيين، ومثلهم من المصابين، وتهديم 90 % من قطاع غزة، ولا معنى للقول: إن هذا الفعل دافعه كراهية المتهم وغير المتهم للسامية!.

* *

ومع أننا مع إدانة من قتل الإسرائيليين الاثنين، ومع ما صرح به المسؤول الأمريكي بأن المتهم سيحاكم، وسينال أشد العقوبات، إلا أننا في المقابل نستغرب أن يكون موقف أمريكا من صدور إدانة و مذكرة اعتقال لرئيس وزراء إسرائيل نتنياهو من المحكمة الجنائية الدولية بسبب ما تأكد للمحكمة بأنه مارس حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني بغزة، ليكون الموقف الأمريكي غريباً برفض هذه الإدانة، وعدم الاعتراف بها، وزيادة على ذلك بإصدار عقوبات أمريكية على القضاة.

* *

إن تجريم كل أساليب الإرهاب مسؤولية جميع الدول، دون تفرقة، أو تلمس الأعذار وافتعال الأسباب لإخلاء سبيل الفاعلين من المسؤولية، بما في ذلك ما يجري في فلسطين والسودان واليمن وليبيا، وروسيا وأوكرانيا وغيرها، وأن تكون العدالة ماضية ونافذة على الجميع، وأن لا حماية لقاتل، أو دفاع عنه.

* *

نريد تصفير الأعداد الكبيرة من الإرهابيين، وحفظ حقوق الشعوب والدول، وفرص العدالة والمساواة في التعامل مع أي عدوان، حتى لا يتحول العالم إلى محرقة للبشر، وحتى لا تكون هناك قدرة لكائن من كان لاستمراء الاعتداءات غير الإنسانية، وتشجيع الحروب الكريهة، بينما هناك فرصة لتطويق ونبذ كل ما يمس البشر بسوء.

الجزيرة
بواسطة : admin
 0  0  20