• ×
admin

هِلاَلُ العِيدِ

هِلاَلُ العِيدِ

د. فهد إبراهيم البكر

نعود إلى الهلال، وما أجمل الحديث عن الأهلّة، وما أعظم شأنها، فتبارك الله خالقها أحسن الخالقين الذي قال: «يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج ..»؛ فالحكمة فيها - والله أعلم – أن يعرف الناس من خلالها مواقيت العبادة من صيام، وحجٍّ، وزكاة، ونحوها من العبادات التي ترتبط بالوقت؛ ولذلك فالحديث عن الهلال حديث ذو أهمية، إضافة إلى منظره الجميل الذي جاء وصفه في القرآن الكريم في غير موضع، كقوله تبارك وتعالى: «والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم»، وقوله تعالى: «والقمر إذا اتسق»، وقوله تعالى: «وجعل القمر فيهنَّ نوراً»، وقوله تعالى: «فلما رأى القمر بازغاً»، وآيات أخرى كثيرة تشير إلى عظمة خلق الله جل وعلا لهذا القمر المنير في عليائه، وضيائه، وبهائه، وسطوعه، ووضوحه، وشروقه، وغروبه، ومواقيته، وغير ذلك من الدلالات والحكم التي لا يعلمها إلا الله.

ولقد جاء ذكر القمر في أحاديث المصطفى - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع أيضاً، ففي صحيح البخاري: «كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نظر إلى القمر ليلة البدر، قال: إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تُغلَبوا على صلاةٍ قبل طلوع الشمس، وصلاةٍ قبل غروب الشمس فافعلوا»، كما جاء ذكر الهلال في أحاديثه صلى الله عليه وسلم، كقوله في الحديث الصحيح على شرط مسلم: «أحصوا هلالَ شعبان لرمضان»، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري: «لا تصوموا حتى تروا الهلال»، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: «إذا رأيتم هلال ذي الحجة، وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره»، وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه: «إذا رأيتَ هلال المحرّم فاعدُد..».

وتباين وصف القمر عند أهل الأدب كثيراً بين الهلال، والبدر، وسلك ذلك الوصف مسلكاً جمالياً يشير إلى الضياء والنور، والجمال والسرور، وربما انعطف إلى معانٍ أخرى، ودلالات مختلفة، غير أن الحضور الأكثر كان لطابعه الجمالي، وإيحاءاته البهيجة؛ ولهذا تناول الأدباء هلال العيد تناولاً مختلفاً؛ إذ خصّه بعضهم بأوصافٍ جميلة، كقول ابن الرومي مثلاً: «ولما انقضى شهـر الصيـام بفضله // تجلَّى هـلالُ العيـدِ من جانبِ الغربِ»، وقول ابن المعتز: «وانظـرْ إليـه كزورقٍ من فِضَّــةٍ // قـد أثقلتْـهُ حمـولـةٌ من عَنْبَـرِ»، وقريب منه قول البحتري: «فانعم بعيد الفطرِ عيدًا إنه // يوم أغرُّ من الزمانِ مُشهَّر».

إن لهلال العيد جمالاً وجلالاً؛ وهو أحد الأهاليل التي ينجذب إليها الناس، وتميل إليه نفوسهم، قال أحد أهل الأدب: «هلال شوال، وهو أحب الأهاليل إلى الناس بعامة، وإلى الشعراء بخاصة؛ لأنه يرفع عنهم قيود الصيام، ولأنه يأتي بعيد الفطر الحبيب لديهم. وهلال شوال، يُضرب به المثل للشيء البهيج الذي يُسرّ به الناس، ويحتفلون بالنظر إليه، وفي هذا المعنى يقول أبو تمام: (رمقوا أعالي جذعه فكأنما / رمقوا الهلال عشية الإفطار)، ويقول ابن المعتز: (فخلته والعيون تنظره / من كل فجٍّ هلال شوال)، ويقول البطليوسي: (كأنَ هلال الفطر لاحَ بوجهه / فأعيننا شوقاً إليه تميلُ)، وقال آخر: (ما رأينا الهلالَ حتى رأينا / كلَّ شخصٍ منا شبيه الهلالِ).

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  66