• ×
admin

الاعتزال

الاعتزال

يوسف القبلان

بعيدا عن السياسة ومن زاوية إدارية أقرأ خبر قرار رئيسة وزراء نيوزلندا ترك المنصب لأنها حسب تصريحها لم تعد قادرة على تقديم المزيد للبلاد ولا تملك الطاقة للاستمرار.
تقول ذلك رغم أنها ليست كبيرة في السن ولديها الفرصة للاستمرار، هذا القرار ليس الأول من نوعه ولكنه ليس الحالة السائدة أو المتوقعة، في سجل التاريخ من سبقها ومنهم الرئيس عبدالرحمن سوار الذهب الذي كان رئيسا للسودان من 6 أبريل 1985 إلى 6 مايو 1986، وهناك حالات أخرى يحدث فيها العكس فيستمر المسؤول في المنصب رغم المشكلات والعقبات أو يقاوم المغادرة كما فعل الرئيس الأميركي نيكسون الذي وجد نفسه مجبرا على الاستقالة بسبب قضية ووترجيت.
لا شك أن لكل حالة ظروفها وما يحكمها من أنظمة سواء على مستوى الدول أو المنظمات. القيادي المتميز يتمسك فيه الناس حتى لو طلب الرحيل، ومن الحالات النادرة أن يقرر المسؤول مغادرة المنصب معترفا بأنه لم يوفق في تحقيق الأهداف المرسومة، مهما كانت الحالة فإن لكل دولة ثقافتها وظروفها وأنظمتها الخاصة بها التي لا يجوز التدخل فيها، وفي منظمات العمل قد تتطلب كل مرحلة فكرا إداريا يتفق مع طبيعة المرحلة وأهدافها.
في حالة رئيسة وزراء استراليا بررت مغادرة المنصب بأنها لا تملك الطاقة للاستمرار وبالتالي لن تقدم المزيد، هذا تقييم ذاتي نتج عنه قرار حاسم بصرف النظر عمن يؤيد أو يعارض هذا القرار، هي حالة تشبه حالة المبدعين في مجالات مختلفة حين يقرر نجم لامع في مجال معين الاعتزال وهو في قمة عطائه فيقال عنه إنه اختار القرار الصحيح في الوقت المناسب، ولكن هل هذا القرار الذي يوصف بأنه الصحيح المناسب، هل هو مناسب في كل المجالات ومختلف الظروف؟ هل يقارن اعتزال الكاتب أو الشاعر أو الرسام باعتزال القيادي؟ أليست المسؤوليات مختلفة؟
نعم لكل حالة ظروفها ومنها استقالة المسؤول نتيجة اختلاف في التوجهات والأساليب كما يحدث داخل المنظمات، هذا المستقيل قد يكون لديه طاقة ولكنه سيبحث عن مكان آخر لاستثمار هذه الطاقة. ومن أسباب الاعتزال أيضا الحاجة إلى قضاء وقت أطول مع العائلة والبحث عن حياة جديدة بلا قيود زمنية ومسؤوليات رسمية، مكافأة الإنسان لنفسه بعد خدمة طويلة.
تتعدد أسباب مغادرة العمل أو الاعتزال ومنها شعور الإنسان بأنه قدم ما لديه ولن يضيف شيئا جديدا، لا شك أن تمديد التكليف بأي منصب هو تعبير عن الثقة، ثقة المنظمة بالرئيس، وثقة الحكومة بالمسؤول، أما من يقرر الرحيل فينظر إلى القرار بأنه ثقة بالنفس، في المجال الإداري سيكون رحيل المسؤول خيبة أمل للموظفين الذين يشعرون معه بالأمان والثقة ويشاركونه النجاح، ولكن من الخطأ ربط أداء الموظفين المتميز واستمرار نجاحهم بشخص معين.
على أي حال، القيادي الناجح هو الذي يكتشف المهارات القيادية لدى الآخرين ويطورها ويستثمرها على المدى القريب والمدى البعيد.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  52