• ×
admin

دراسة عن التعصب الرياضي

دراسة عن التعصب الرياضي

يوسف القبلان

ما يدور في كثير من هذه الحوارات ليس له علاقة بالنقاش الموضوعي أو الطرح المهني، هو عبارة عن حرب كلامية تتحول فيها الحقائق إلى أكاذيب والأكاذيب إلى حقائق وينتصر فيها الصوت العالي والحجة الضعيفة..

الإعلام والتعصب الرياضي في المجتمع السعودي هو عنوان دراسة تحليلية وصفية من إعداد الاستاذ خالد بن محمد الدوس صدرت في كتاب من إصدار دار الحضارة للنشر والتوزيع، أصل هذا الكتاب دراسة علمية حصل بموجبها الباحث على درجة الماجستير بامتياز من قسم الدراسات الاجتماعية بجامعة الملك سعود العام 1432 .

يقول المؤلف عن هذا الكتاب إنه يتحدث من منظور سوسيولوجي عن التعصب الرياضي وعلاقته بالإعلام الرياضي في المجتمع السعودي، وأساليب مواجهة هذه الظاهرة المجتمعية المؤثرة على الفكر والقيم والعاطفة والسلوك.

الكتاب حسب المؤلف هو محاولة علمية متواضعة لتناول ودراسة قضية التعصب ودور الإعلام الرياضي بمختلف قنواته وأشكاله في نشر ثقافة التعصب في المجتمع السعودي.

الكتاب يتكون من خمسة فصول، لن أتطرق للجانب النظري للدراسة ولا الإجراءات المنهجية، من يرغب في هذه التفاصيل يرجع إلى الكتاب، سوف أقفز إلى الفصلين الرابع والخامس حيث النتائج والمناقشة والخلاصة والتوصيات.

تطرح الدراسة تساؤلا عن أكثر الفئات تأثيرا من حيث زيادة التعصب الرياضي، وتشير النتائج أن 54 % من أفراد العينة يرون أن الإعلاميين هم الأكثر تأثيرا في التعصب الرياضي، وفي سؤال آخر يتضح أن 67 % من أفراد العينة يرون أن الإعلام الرياضي يساهم بدرجة كبيرة في زيادة التعصب الرياضي، ماذا عن الدور الرقابي الإعلامي؟ يرى 85 % من أفراد العينة أن ضعف الدور الرقابي الإعلامي يؤدي إلى زيادة مساحة التعصب الرياضي.

أما عن الآثار السلبية للتعصب الرياضي فتشير نتائج الدراسة إلى أن 43 % من أفراد العينة يرون أن أكثر الآثار السلبية هي الكراهية، وتتفاوت النسب حول السلبيات الأخرى مثل الاتجاه العدواني وإثارة الشغب.

وسائل الإعلام هي أيضا حسب 63 % من أفراد العينة أكثر مصادر التعصب الرياضي.

تتطرق الدراسة إلى مدى مساهمة الأسرة والمدرسة والحي والأصدقاء في زيادة التعصب الرياضي ولكنني في هذا المقال ركزت على الجوانب ذات العلاقة بالإعلام الرياضي؛ لأنها الأقرب لوصف الواقع الحالي، كما أنها تتفق مع عنوان الدراسة.

النتائج التي توصلت إليها الدراسة في الجانب الإعلامي ليست بعيدة عن الواقع، ما يتابعه المتلقي في برامج الحوارات الرياضية هو إعلام رياضي خاضع للميول تتفاوت فيه الآراء الفنية من حالة إلى أخرى بتأثير العاطفة.

ما يدور في كثير من هذه الحوارات ليس له علاقة بالنقاش الموضوعي أو الطرح المهني، هو عبارة عن حرب كلامية تتحول فيها الحقائق إلى أكاذيب والأكاذيب إلى حقائق وينتصر فيها الصوت العالي والحجة الضعيفة، ولهذا كانت أول توصية للباحث هي (الإعداد الموضوعي للبرامج الرياضية لا سيما البرامج الحوارية في الفضائيات والتي تقدم البرامج الرياضية؛ لأنها متابعة من قبل الغالبية وذات تأثير مباشر على فكر وثقافة ووعي المتلقي، ووضع حوافز للبرامج والمعدين والمقدمين الذين يساهمون في نبذ التعصب الرياضي).

من حيث الإعداد الموضوعي للبرامج التي أشارت لها التوصية يلاحظ أن الموضوعات التي تطرح في بعض هذه البرامج هي موضوعات سطحية وجدل عقيم بحثا عن الإثارة، وحفلة من التشكيك في كل شيء لأن هذه البرامج تستضيف مجموعة من مشجعي الأندية غير القادرين على التحرر من ميولهم وبالتالي يغيب الطرح الموضوعي وتغيب الفائدة، وتصل للمتلقي في كل مكان صورة إعلامية لا تليق بمكانة المملكة وتقدمها.

يطرح الباحث في نهاية الدراسة عددا من التوصيات المفيدة في نبذ ومحاربة التعصب الرياضي. نأمل من الجهات ذات العلاقة وفي مقدمتها وزارة الإعلام، ووزارة الرياضة، ومركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني، واتحاد الإعلام الرياضي دراسة هذه التوصيات والخروج بتنظيم جديد لتطوير الإعلام الرياضي بما يواكب تطور المملكة في كافة المجالات. وكما أشار الباحث في الفصل الأول: (يتعين على من يمتهن للإعلام أن يلتزم في مهنته بقواعد النظام العام والآداب فلا يجب أن يخرج عنها ولا أن يخالف مضمونها انطلاقا من الأمانة المهنية والنزاهة الإعلامية).

أخيرا، هذه الدراسة أنجزت العام 1432، ولا تزال مشكلة التعصب الرياضي تتفاقم وتنتظر الحلول.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  90