• ×
admin

كي لا تصبح (مت .. قاعد)

كي لا تصبح (مت .. قاعد)


محمد عبدالعزيز السماعيل

التقاعد لا يعني نهاية مرحلة بقدر ما يعني بداية مرحلة أخرى ، ربما بذلك أبدو متفائلا وإيجابيا ، وهو في اعتقادي ما ينبغي أن ننظر له في حالة هذا المفهوم ، لأن النهايات دائمة ما تكون مزعجة وتبعث على التشاؤم ، ولكن للأسف ذلك هو الواقع المسيطر على التقاعد لدينا ، فالحال أشبه بالإناء الممتلئ الى نصفه ، يقول عنه المتفائل انه مملوء الى نصفه بينما يقول عنه المتشائم أن نصفه فارغ ، ولكن بمنظور أكثر إيجابية فإن المتقاعد في أبسط مفاهيمه ومعانيه عبارة عن كنز بشري من الخبرات يقدم مجهودا ضخما للأجيال التالية لحمل رسالة سامية للوطن والمجتمع ، ويمر تلاقح الأجيال عبره وذلك مهم لأي مجتمع ، ولا يمكن عزل المتقاعد أو أن يتقاعد باختياره عن دوره الوطني والاجتماعي.
وفي الواقع هناك إهدار كبير لطاقات المتقاعدين، وذلك لعدم الاستفادة من خبراتهم ، والتعامل السطحي مع أهميتهم في صياغة حاضر ومستقبل الوطن والمجتمع ، وما نراه من جمعيات خاصة بهم إنما هو من الاجتهاد المحمود الذي ينبغي أن يتسع بمظلته لاستيعاب كل المتقاعدين وترسيخ دورهم الوطني والانتقال بالمفاهيم السائدة عنهم الى فضاء المشاركة في صناعة الواقع الجديد ، فهم ركيزة أساسية للأجيال ولديهم القدرة على التفاعل معها لحمايتها من مجاراة التطور المتسارع الذي يحمل كثيرا من الزبد ، فهم أشبه بجهاز استشعار للخطر وإرشاد لما فيه مصلحة الأجيال ، هذا هو دورهم الحقيقي الذي ينبغي أن يرتقي اليه الفهم الاجتماعي.
بالنظر الى غيرنا من الأمم والشعوب التي تطورت وأسهمت في تسارع الزمن ، نجد أن هناك احتفاء كبيرا بالمتقاعدين وتقدم لهم كل المساعدات الضرورية ليواصلوا حياتهم كرجال أو نساء أسهموا في تطور بلدانهم ، كنوع من رد الجميل الضمني ، ففي بعض الدول المتقدمة يمنح المتقاعد تخفيضات في وسائل النقل جميعها ، وله مميزات أخرى كثيرة في المجالات الصحية والترفيهية وغيرها ، حتى أن بعض الجهات هناك تمنح المتقاعدين رحلات ترفيهية لقاء ما قاموا به طوال فترات خدماتهم لبلادهم ، وذلك كل يفتح تساؤلا كبيرا وهو: هل نحذو حذوهم؟!.
ليس الغرض من ذلك أن يبدو المتقاعدون ( مطلبيين ) أو يسعون لمكاسب قد يراها البعض غير مستحقة لهم ، ان ذلك في حقيقته ينطوي على نوع من العرفان ورد الجميل لمن خدموا الوطن وأفنوا سنوات أعمارهم في تلك الخدمات ، وأقل القليل أن يتقاعدوا دون ارتباك في معاشهم ، ولذلك يجب أن نسعى جميعا لتأهيل منظمات المجتمع المدني الخاصة بالمتقاعدين وتطوير أدواتها لتوفير خدمات موازية لما تقدمه الدولة وبدعمها من أجل توفير حياة كريمة لهذه الفئة لقاء ما قدمت وما يجب أن تواصل تقديمه لخدمة الوطن والمجتمع حتى لا تفتر عزيمتها وينتهي بها المطاف دون أعمال ذات قيمة وضنك في المعيشة ، فهم يستحقون أكثر من رواتب منقوصة لا تكفيهم مع اتساع نطاق التزاماتهم ومسؤولياتهم مع ارتفاع مستوى المعيشة .

المصدر: صحيفة اليوم
بواسطة : admin
 0  0  1919