• ×
admin

حكمة الرحمن في بلاء الإنسان

حكمة الرحمن في بلاء الإنسان

محمد بشير كردي

تصوُّر لنا كتبُ التفسير أنَّ الصِّراعَ الذي دارَ بين ابنَي آدم (قابِيل وهابِيل) كان عاطفيًّاً، ناشئًاً عن عدم رضا الأخ الأكبر (قابِيل) بالزَّواجِ من شقيقةِ الأصغر (هابِيل)؛ لعَدم اقتناعه بجمالها، ولرغبته في الزَّواج من شقيقته الأُخرى الجميلةـ وذَكَر المفسرون أنَّ حوَّاء كانت تُنجب في كلِّ بطنٍ تَوأمًاً من ذَكَرٍ وأُنثى، وكان محرَّمًا على أبناء البطن الواحد الزواج بتوأمه.

من هنا نشأ أصلُ الاختلاف بين الأَخوَين، فقرَّرا أن يقرِّبا قربانًا؛ ليُظهرا بقَبوله أيُّهما يستحقُّ الزواجَ من الشقيقة الجميلة.. وتروي الأساطير بأنَّ (قابِيل) الذي كان صاحبَ زَرعٍ، قرَّب حفنةٍ من طعامٍ رديءٍ! وكان (هابِيل) راعي غنمٍ، فقرَّب أفضل ما عندَه منها.. نَزلت نارٌ من السماء أتت على قربان َ(هابيل) وتركت قربان (قابيل)؛ فقَتَل (قابيل) أخاه (هابيل) حسدًا وغيرة.. ثمَّ إنَّ (قابيل) بقي يحمل جثَّةَ أخيه ولا يعرف ماذا يفعل بها مدَّة من الزمن، حتَّى بعث الله تعالى إليه غُرابَيْن أَخَوين فاقتتلا أمامَ نَظَره، ثمَّ بدأ الغرابُ القاتل بحفر حفرةٍ في الأرض دَفن فيها أخاه المقتول.. عندها لرؤيته لذلك، ندم (قابيل) على قَتله أخاه، وفعل الأمر ذاته.. وهذا مصير كلِّ بني البشر لتوفَّى كلُّ نفس حسابها يوم التَّلاقِ.

ومن يومها وإلى يومنا هذا، وإلى ما شاء الله من زمن، يستمرّ الحسد والضغينة وسفك الدماء بين البشر... صراع مستمرٌّ بين (مَن يملك ومَن لا يملك) من أسباب القوة والسلطة.. وحسد بين الفقراء والأغنياء.. تباعد بين الجهلةً والعلماء.. فأرسل الله رسلًا وأنبياء إلى المجموعات البشريَّة التي تكوَّنت زمن عصر الزراعة والصيد والرعي تهديهم سبل الرشاد والتعايش.. كان آخرهم نبيُّنا الكريم؛ خاتم الرسل والأنبياء عليه الصلاة والسلام.. فأقام أوَّل دولة للعدل والإحسان، شملت معظم سكَّان العالم القديم... وماهي إلَّا عقود معدودة من الزمن حتَّى انقسم المسلمون فرقًا وأحزابًا يكفِّرون بعضهم بعضًا، ويعملون على استئصال من لا يتَّفق معهم في المعتقد.. وحصل ذلك أيضًا مع اتباع الديانات الأخرى.. فقامت حروب دامية ومجازر قتل وتمثيل بالقتلى فيما بينهم.. ومن بعد، بينهم وبين معتنقي الديانات الأخرى طمعًا في السيطرة والتسلُّط على ثروات الأمم والشعوب.

وكان للغرب سجلٌّ دموي في كلِّ ما تقدَّم ورافقه فيه تقدم علمائهم في البحوث والدراسات، قصد مجاراتهم الخالق جلَّت قدرته في استنساخ الأعضاء البشريَّة وفي اختراق كوكب الأرض للوصول إلى الكواكب والأقمار... وكذا في أعماق المحيطات، على أمل تملُّكها ونقل البشر إليها .. صاحب ذلك التمادي استهلاك الغازات في مجالات التصنيع ممَّا سبَّب رتقًا في محيط الكرة الأرضيَّة وارتفاعَ درجات الحرارة وإذابةَ الجبال الجليديّة في قطبيِّ الكرة الأرضيَّة مما رفع منسوب مياه الأنهر والمحيطات مهدِّدًا باختفاء العديد من البلدان المطلَّة عليها.

وهنا يتبادر إلى الأَذهان ما إذا كان وباء (الكورونا) المنتشر في بلدان العالم كافَّة والمهدِّد بالقضاء على حياة الملايين من المخلوقات قد عاد ليرسم العلاقات بين الأرض والسماء بعد أن توقفت حركة المصانع ووسائل الإنتاج عن العمل! لنشهد عصرًا جديدًا للبشريَّه يسوده الإيمان والعدالة وتكريم بني الإنسان! وما ذلك على الله بعزيز.

المدينة
بواسطة : admin
 0  0  200