• ×
admin

الأطفال شبه محصنين من «كورونا»

الأطفال شبه محصنين من «كورونا»
نظريات طبية تفسر ظاهرة قلة إصابة الأطفال بالأمراض الوبائية

د. هاني رمزي عوض

لا شك أن المتابعة اليومية لأحدث تطورات الإصابة بفيروس كورونا المستجد(COVID-19) ، وأعداد المصابين، ومعدلات الوفاة، والاستعدادات الاستثنائية في معظم دول العالم، أصابت الجميع بحالة من التوتر والترقب، خصوصاً مع تواتر المعلومات أن الأشخاص الأقل مناعة هم الأكثر عرضة للإصابة بالمرض ومضاعفاته.

- إصابات الأطفال

بطبيعة الحال، فإن قلق الآباء على أطفالهم منطقي ومتوقع، وربما يكون الشيء المطمئن لهؤلاء الآباء حقيقة أن الأطفال هم أقل الفئات تأثراً من تبعات المرض حتى الآن، وأعداد الأطفال المصابين (الأشخاص الأقل من 19 عاماً) لا تتعدى 2 في المائة من مجموع المصابين في العالم كله، ولا يوجد أي وفيات تحت عمر 9 سنوات حتى الآن، وهي ظاهرة لافتة للنظر لا يستطيع العلماء تفسيرها، بشكل كامل، ولكن هناك بعض النظريات الطبية التي تشرح تلك الظاهرة.

وفي الحقيقة، وخلافاً للتصور العام، فإن الجهاز المناعي للأطفال يتمتع بكفاءة ربما تتفوق على البالغين. والأطفال دائماً الأقل تأثراً بالأمراض التي تحمل الشكل الوبائي، خصوصاً الفيروسية، منها مثل مرض «سارس» أو الالتهاب الحاد في الجهاز التنفسي (SARS) (severe acute respiratory syndrome)، أو التهاب الشرق الأوسط للجهاز التنفسي، ويعرف اختصاراً (MERS). ، وحتى بقية الأمراض التقليدية الفيروسية مثل الحصبة والجديري المائي يتعافى الأطفال منها بشكل سريع وكامل، بينما يمكن أن تسبب مضاعفات بالغة الخطورة للبالغين تصل إلى الوفاة.

على سبيل المثال، فإن البالغين أكثر عرضة للموت جراء الإصابة بالجديري المائي، بمقدار 25 ضعف النسبة ذاتها في الأطفال، وكذلك فإن البالغين عرضة أكثر 10 مرات للموت من الأنفلونزا الموسمية أكثر من الأطفال.

- فرضيات علمية

> تعتبر فرضية ما يمكن تسميته المناعة الناشئة أو الغريزية «innate) «immune response) من الأمور التي تفسر سبب عدم تأثر الأطفال بالأوبئة، وذلك لأن الجهاز المناعي الذي يتعرف على العدوى للمرة الأولى يتفاعل بشكل سريع جداً، وشامل، حيث تستجيب الخلايا المناعية، بشكل فوري، لأي عدوى من ميكروب خارجي، سواء كان فيروسياً أو بكتيرياً. وعلى النقيض من ذلك، فإن الجهاز المناعي للبالغين، الذي تم تدريبه على ميكروبات معينة سابقة (من خلال الإصابات المتعددة) يستجيب ببطء، ولكن بشكل أكثر خصوصية لكل ميكروب أو فيروس، على حدة. ولذلك تكون الأعراض أقل حدة في الأطفال عنها في البالغين، لسرعة التعامل مع الميكروب الجديد الوافد إلى الجسم والأجهزة المناعية غير مدربة على تركيبته الجينية.

وأوضح الخبراء أن الأطفال المصابين بـ«كورونا» يعانون من الأعراض نفسها، ولكنها تكون أشبه بالأعراض العادية للأنفلونزا الموسمية. وحتى في حالة تطور الأمر، وحدوث مضاعفات أدت إلى التهاب رئوي، يكون الالتهاب الرئوي فيروسياً، وليس بكتيرياً، ويقوم الجهاز المناعي بمقاومة الفيروس والتغلب عليه (الالتهاب الرئوي يمكن أن يحدث كمضاعفات لالتهاب الجزء الأعلى من الجهاز التنفسي). وفي الأغلب يأخذ المريض الفترة اللازمة نفسها للتعافي بشكل تام من الفيروس.

> هناك نظرية أخرى توضح سبب عدم تفاقم المرض في الأطفال حتى في حالة التعرض للفيروس، وهي أن الجهاز التنفسي لديهم أكثر صحة من البالغين، بفعل عدم التعرض لدخان السجائر أو التلوث البيئي لفترات طويلة، حتى في المدن الصناعية، بسبب العمر، وهو الأمر الذي يجعل الوسائل المقاومة للعدوى في الجهاز التنفسي تقوم بدورها بشكل كامل (الأغشية المخاطية المبطنة للقصبة الهوائية والشعب)، فضلاً عن أن الأطفال في الأغلب لديهم صحة أفضل من البالغين، نظراً لندرة الأمراض المزمنة التي تضعف مناعة الجسم بشكل عام مثل مرض السكرى من النوع الثاني، أو ارتفاع ضغط الدم، وتأثيره على العديد من أجهزة الجسم الحيوية أو أمراض القلب.

ومن المعروف أن كبار السن الذين لديهم تاريخ مرضي من الأمراض المزمنة هم الأكثر عرضة لحدوث الوفاة، في أوقات ظهور أوبئة مثلما حدث في فيروس «سارس» عام 2003، و«فيروس الشرق الأوسط» في 2012، و«كورونا» المستجد الآن. وربما يلعب التزام الأطفال بالتطعيمات بما فيها تطعيم الأنفلونزا أكثر من البالغين دوراً في الحفاظ على الأطفال بصحة جيدة.

- إجراءات الوقاية

أوضح الخبراء في مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، أن الأطفال يجب أن يخضعوا لنفس إجراءات الوقاية التي يخضع لها البالغون، مثل غسل الأيدي بالصابون باستمرار، والابتعاد عن الأشخاص المصابين بنزلات البرد، واستخدام المناديل عند السعال أو العطس. وبالنسبة للأطفال الذين يعانون من ضعف المناعة لسبب أو لآخر، يمكن أن يرتدوا القناع الواقي من العدوى. وأوضحوا أن الأعراض في الأطفال في الأغلب هي أعراض البالغين نفسها، ولكن بشكل أقل حدة مثل السعال والعطس وارتفاع درجة الحرارة، وبعض الأطفال عانوا من قيء وإسهال. وعلى الرغم من أن هناك بعض الحالات تطورت وحدث فيها مضاعفات مثل الصدمة نتيجة للعدوى (septic shock)، إلا أنها كانت نادرة الحدوث جداً.

حتى الآن لا يوجد علاج للفيروس أو لقاح مضاد له، ومعظم الحالات التي تم علاجها تكون عبارة عن علاج للأعراض، مع إعطاء أدوية أو أغذية تزيد من المناعة، ولذلك فإن الوقاية من الإصابة يعتبر ضرورة، وعلى الآباء الذين يعاني أولادهم من الأمراض المزمنة، مثل مرض السكري من النوع الأول، أو بعض الأورام، وأيضاً أمراض الجهاز التنفسي، والأزمة الربوية تجنب الوجود في محيط أطفال مرضى. وفي المقاطعات التي يوجد بها عدد مكثف من الحالات يمكن الانقطاع عن الدراسة لفترة معينة، وهو الأمر الذي حدث بالفعل في العديد من الدول تجنباً لانتشار المرض بين الأطفال.

الشرق الأوسط
بواسطة : admin
 0  0  219