• ×
admin

مكة أرض الإنسانية

مكة أرض الإنسانية

محمد الحمزة

يرجع تاريخ تأسيس مكة المكرمة إلى ما قبل ميلاد النبي إسماعيل وقيامه مع أبيه النبي إبراهيم برفع أساسات الكعبة، وكانت في بدايتها بلدة صغيرة سكنها بنو آدم إلى أن دمرت أثناء الطوفان، الذي ضرب الأرض في عهد النبي نوح، وأصبحت بعد ذلك واديًا جافًا تحيط به الجبال من كل جانب، ثم بدأ الناس في التوافد عليها والاستقرار، وذلك عندما تفجر بئر زمزم عند قدمي النبي إسماعيل، بعدما ترك النبي إبراهيم زوجته هاجر وولده إسماعيل في هذا الوادي الجاف. وبعد ذلك جاء ركْب من قبيلة جرهم، وهم أول من عُرف بسكنها، وقاموا خلال فترة حكمهم لمكة بدفن بئر زمزم، وأكلوا مال الكعبة، الذي يُهدى لها، واستمرت جرهم في مكة حتى نهاية القرن الثالث الميلادي، تولت بعد ذلك قبيلة خزاعة حكم مكة واستمرت كذلك ما يقارب ثلاثمئة سنة.

انتقل أمر مكة بعد ذلك من يد قبيلة خزاعة إلى قبيلة كنانة ثم إلى قريش تحت إمرة "قصي بن كلاب" الجد الرابع للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقام ببناء دار الندوة ليجتمع فيها مع رجال قريش، وقام قبل وفاته بتقسيم أمور الحرم على أولاده الأربعة، فكانت سقاية البيت والرفادة والقيادة من نصيب ولده "عبد مناف بن قصي"، وبعد وفاته تولى قيادة قريش ابنه "هاشم بن عبد مناف"، وبعد وفاته تولى القيادة وسقاية الحرم "عبد المطلب بن هاشم"، الذي قام بحفر بئر زمزم مرة أخرى.

وبانتقال زمني سريع للوقت الحاضر، نجد أن مكة تستقبل الحجاج والزائرين في فترة الحج من خلال أكثر من 300 ألف موظف عسكري ومدني، وأهل مكة ما زال يضرب بهم المثل في العمل الدؤوب لخدمة الحجاج، واستقبال الزائرين عبر مؤسسات الطوافة وحملات الحج، هذا غير النشاط التطوعي والخيري المنظم، الذي يصطبغ بالروح الإنسانية العالية، والذي برعت فيه مؤسسات المجتمع المدني وجهات شبه رسمية، مثل: الهلال الأحمر، والكشافة السعودية.

والكشافة من الجهات التي لها تاريخ إنساني حافل في الحج، والتي تعود خدمتهم للحجاج إلى أواخر السبعينيات الهجرية بمجموعة اجتهادية من كشافي العاصمة المقدسةو بلغ عددهم 100 كشاف، كان عملهم مقتصرًا حين ذاك على التعاون مع جهاز وزارة الحج، ثم شاركهم مجموعة من كشافي محافظتي جدة والطائف إلى عام 1382هـ؛ حيث بدأت الخدمة رسميًا برعاية جمعية الكشافة العربية السعودية، واتسعت دائرة الخدمة لتشمل الإسهام مع جمعية الهلال الأحمر السعودي في تقديم الخدمات الطبية، وبعد أن انتشرت الحركة الكشفية في المملكة واشتد عودها، وتنوعت المراحل الكشفية فيها، كانت الانطلاقة سعودية خالصة سنويًا منذ عام 1395هـ حتى الآن، حيث يتوقع أن يُشارك 4500 قائد وكشاف ورائد بمعسكرات الخدمة العامة بمكة المكرمة والمشاعر المقدسة، و1500 كشاف وقائد ورائد في المدينة المنورة، والمنافذ البرية والجوية والبحرية، ومدن الحجاج، وما زال الخير متدفقًا في أهل البلاد، وأرواحهم تهفو إلى خدمة الناس.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  339