• ×
admin

لماذا نجح الابتعاث؟!

لماذا نجح الابتعاث؟!


ممدوح المهيني

يذكر التاريخ عند الحديث عن النهضات الفكرية والتنموية التي تمر بها المجتمعات مرحلة النهضة التي صعدت فيها اليابان . أحد الأسباب الرئيسية لهذا الصعود هو موجة الابتعاث التي ازدهرت في عصر المايجى ( التي تعني الحكم المستنير) التي أرسلت الكثير من الطلاب اليابانيين إلى الغرب للدراسة والتعلم واكتساب المعرفة من أجل منافسة الغرب المتفوق في مجاله وميدانه كما يقول المفكر جورج طرابيشي . الآن كلنا يعرف ماهي اليابان وماذا صنعت , وتحولت الشخصية اليابانية إلى معنى مرادف للذكاء والابتكار والإبداع والالتزام .

نحن نمر الآن بانعطافتنا الهامة . أكثر شيء يعبر عنها , أو على الأقل يمنحنا الأمل بتحقيقها هي موجة الابتعاث الضخمة التي لا مثيل لها . عظمة هذا المشروع مستمدة في البداية من عظمة الرؤية التي يملكها ملكنا الغالي بهدف نهضة البلاد وازدهارها ودخولها في سباق التنافس الحضاري . الملك عبدالله يحمل رؤية واضحة وعميقة لدور السعودية في المستقبل . يسود الاعتدال الديني , ويزدهر العلم , وتصبح السعودية مقراً للعلوم والإبداع ( تذكروا فقط جامعة الملك عبدالله كمثال فقط)و وكذلك أيضا مشروع الابتعاث الهائل . إنه يوفر للطلاب كل الفرص لكي يحققوا نجاحهم الخاص عندما يوفر لهم فرص التعلم واكتساب المعرفة وتعلم لغات حديثة , والدراسة بأفضل الجامعات . إن تحقيق مثل هذا النجاح الخاص لهم هو نجاح أكبر للوطن الذي سيمثلون روحه في المستقبل .

ولكن دعونا نتأمل كيف نجحت كل تفاصيل هذا المشروع . هذا أمر هام لأن المشاريع إذا تضخمت يصعب إدارتها( كلنا يعرف مشاريع أصغر من ذلك بكثير فشلت) , ولكن هذا المشروع الضخم جدا يزداد تألقاً مع مرور السنوات . لو قال لنا أحد قبل سنوات معدودة فقط إن عدداً هائلاً من السعوديين سيدرسون ويعيشون بالمجان , وتدفع لهم مرتبات فقط من أجل أن يحصلوا على المعرفة فإن أحداً لن يصدق . ولكنه يحدث الآن وحتى بأفضل الطرق روعة.

دعونا فقط نتعرف على مسببات النجاح , حتى ندرك أيضا كيف يمكن للمشاريع الأخرى أن تنجح أو تفشل . هذا المشروع وطني بامتياز وهذه حقيقة على أرض الواقع وليس شعاراً . وطني بحيث إنه يشمل جميع أبناء الوطن ومن كافة المناطق والمستويات المادية المختلفة، وأنه لم يقتصر على فئة دون أخرى , أو يشمل مجموعة دون اخرى . . هذا أمر رائع عندما تتساوى الفرصة امام جميع أبناء الوطن وتتوفر لهم مثل هذه الفرصة الكبيرة والهامة في الدراسة والتعلم . الأمر الآخر أن ذلك سيساعد العائلات التي تعيش مستويات مادية متردية من الصعود بسبب صعود ابنها الذي يحمل شهادة من أهم الجامعات العالمية التي لن تتوفر له لو لم يوجد مثل هذا المشروع الوطني الذي منحه مثل غيره فرص الصعود والازدهار . في وقت آخر ومكان آخر سيكون هذا بمثابة الحلم.

أيضا الرجال الذين يقومون على الابتعاث الآن يلعبون دوراً كبيراً يجب أن يشكروا عليه كثيراً . لقد تحملوا المسؤولية وقد أثبتوا أنهم بالفعل نجحوا , والدليل:هذا المشروع الذي سيعتبر من أكبر المشاريع التي ستؤثر على مستقبلنا . إنهم يملكون حس الإدارة والرؤية والوطنية المخلصة . مؤخراً قابلت أحد هؤلاء الرجال وهو الملحق الثقافي السعودي بواشنطن الدكتور محمد العيسى الذي يصنع نجاحاً كبيراً للابتعاث في الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر من أنجح الأماكن التي يحقق فيها الابتعاث أكبر أهدافه . العيسى الذي يعمل ساعات طويلة كسر كل الحواجز الإدارية التي يمكن أن تعيق من انسيابية مشروع الابتعاث . يميل المسؤولون في العادة إلى عزل أنفسهم وسط دائرة من السكرتارية والمستشارين ولكن هذا مالا يفعله العيسى الذي يفتح بابه للجميع ويتعامل شخصيا مع الطلاب ,ويزيل كل العقبات المعيقة . العيسى ذو عقلية إدارية حديثة , ووطني , ويملك رؤية عميقة للمستقبل . مثل هذه الصفات جديرة بأن يحقق صاحبها الأهداف التي نريدها , وهؤلاء هم المسؤولون الذين يمكن الثقة بهم والاعتماد عليهم في المساهمة بخلق مستقبل ناجح .

هناك أيضا فضيلة كبرى للابتعاث , إنها فضيلة الانفتاح على الثقافات والشعوب المختلفة . من المفيد لنا أن نعيش ونختلط مع غيرنا فهذا سيجعلنا أكثر انفتاحا وسيصقلنا أكثر , ويعمق من تجربتنا الحياتية . كما أنه سيمدنا بروح التفاهم والتسامح والتعايش .

لكل هذه الأسباب وغيرها بالتأكيد يحقق الابتعاث مثل هذا النجاح الكبير . وهو نجاح سيمتد ويكبر ويتواصل في المستقبل .

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1941