• ×
admin

غاب الرقيب.. فتلاعب التاجر!

غاب الرقيب.. فتلاعب التاجر!

يوسف الكويليت

خادم الحرمين الشريفين يوجه ويتابع، لكن المسؤولين من مختلف الرتب ليسوا بمستوى طموحاته، بل بعضهم من يخلق العراقيل لأي إنجاز يتصل بإدارته، لنأخذ قضية احتكار السلع ورفع أسعارها كقضية يتحكم بها التاجر الذي لا يخضع للمساءلة، أو العقوبة.

فإذا طرأت زيادة على الراتب، أو حصل الموظف على مكافأة ما، فالتاجر يملك القدرة على سلبها بأساليب وذرائع عديدة، والأغرب أن أجهزة الرقابة والتفتيش، وتحديد السلع المغشوشة من الصحيحة، كل جهة تدير عملها بالاتجاه الذي لا ينسق مع الآخر.

فلا وزارة التجارة، وحماية المستهلك، والجمارك، وإدارات الرقابة التي تحمي حق المواطن تؤدي دورها بشكل نظامي وعلمي، حتى أصبحنا أكبر سوق للغش في الأدوية وحليب الأطفال وقطع غيار المعدات والمحركات المختلفة، حتى أن جريدة عكاظ نشرت أمس على لسان الرئيس السابق للغش التجاري التابعة لغرفة جدة (حسين فهد العيدي) أن ٨٠٪ من بضائع الأسواق مغشوشة، وإذا كانت هذه رؤية مختص من قلب العمل، فما هي الأدوار المطلوب القيام بها لتلك الإدارات حين يعاقب المواطن بقطع الإشارة، أو التلفظ بما يخدش الحياء، بينما ما يتعلق بغذائه وسلامته لا يحميه منهما سوط التاجر ولا قانون وأنظمة الدولة.

فرغم ما قيل عن غسل أموال وتلاعب بالجودة من المصدر، وسحب بضائع الماركات الشهيرة وتبديلها بمقلدة، لا نجد نشر عقوبات، أو تشهيراً، حتى أن أحد المبررات أنه لو جرى مثل هذه العقوبات سوف تجعل التاجر عرضة لإنقاص حسبه ونسبه، وهي حالة مضحكة، وإلا كل من يحتكر التجزئة عمالة آسيوية لم نستوردها لأرومتها، أو أصولها وأعراقها!!

فالتسعير ممنوع لأي سلعة بحجة أننا سوق حرة ومن أسسوا حرية السوق والسلعة وإطلاقها في العالم المتقدم، لا يتركون البضاعة حرة للعرض والطلب، بل تقنن الأسعار ويحدد سعرها، وإلا فالعقوبات ستكون الرادع، وهذا الخلل، أعطى الفوضى، لا الحرية، أن يتصرف التاجر على هواه.

وقضية الغش هي الأخطر، لأن الثمن كبير صحياً وأماناً، حتى أن الاتفاق مع شركات تصنيع يختارها التاجر، قالت إنه هو من يحدد المواصفات السيئة لرخص سعرها، ومع ذلك تعبر لسوقنا بالرغم من التجهيزات لفحصها، ومع ذلك تختلف السلعة ومن نفس الصنف وشركة التصنيع بين ما يصل إلينا وجيراننا في دول الخليج العربي، لأن الرقيب بعيد عن حماية المستهلك.

هل نحن استثناء بنظمنا وقوانيننا، وهل حرية التجارة تأتي على سلامة البضاعة ليترك المستهلك وحده يقاوم الغلاء والغش، والتلاعب المكشوف، أم أن هذا الخلل سوف يعالج بروادع حقيقية، لأن الأمور تجاوزت حدودها لتطرح السؤال، هل التجار والموردون الذين لا تتجاوز نسبتهم الخمسة في المئة من مجموع السكان، مخولون التحكم بمداخيله واستهلاكه، ومن يجب أن يوضع تحت المساءلة التاجر أم الأجهزة الحكومية التي إن عملت فهي لا تطبق نظام الغرامات والتشهير، وقفل المحلات أسوة ببلدان نامية قبل المتقدمة؟!

أصحاب الدخول المتدنية، وهم النسبة العليا من المواطنين، هم من يواجهون جشع التاجر وضعف الرقيب، وعملية التلاعب بقوت وضرورات هذا الإنسان، قد تخلق معها سلوكاً مضاداً كتجاوز الأنظمة بالتعديات، بمعنى أن الأمن الوطني، مرتبط عضوياً بحق المواطن وهو ما يجب أن نعيه ونتعامل معه بجدية وصرامة.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1967