• ×
admin

السيف وغمده

السيف وغمده

حمود أبو طالب

«افرحوا.. غنوا.. ارقصوا..»
حفلة، فرح، «هيصة»..
هكذا يعتقدها أي إنسان عندما يسمع هذه الدعوة إلى الفرح والغناء والرقص.. لكنها مفارقة قاتلة عندما يعرف أنها تأتي في وقت يباد فيه شعب، ووطن بأكمله على شفير الضياع.
«جرذان.. صراصير..»..
من يسمع هذه المفردات يتبادر إلى ذهنه فورا أن عامل نظافة يتحدث عن مستودع مهمل لم يدخله منذ زمن طويل، وليس نظاما يطلق على بشر هذه الأوصاف.. بشر لهم وطن، ووطن مخزونه النفطي يقارب 36 مليار برميل، لكنه، بفعل النظام، يعيش في قرون غابرة.. «أي ليبي، وأي عربي، وأي مسلم لا يحب الحاكم، لا يستحق الحياة!!»
أي لغة هذه؟
أي قاموس هذا؟
وأي فكر هذا؟
أي فكر يخاطب العالم هكذا، ولو كانت لديه أدنى درجات الإحساس لعرف أن العالم ينقل بالصوت والصورة، لحظة بلحظة، أبشع المجازر الإنسانية.
قبح الله مجد الكرسي، وقبح الله صلف العظمة!
لنفرض يا «ملك الملوك» ويا «إمام المسلمين» أن كل هؤلاء القتلى، والمعترضين، لنفرض أنهم عملاء، وخونة، من أجل من، وما هو ثمن العمالة الذي يستحق كل هذه التضحية؟
ولنفرض يا أيها «السيف» أن كل مطالب الشعب المعذب كانت ستلبى لو صبر قليلا، فما الذي كان سيضمن له أنها ستلبي وهو ينتظر أكثر من 40 عاما؟
لقد عاش هذا الشعب تحت «خيمة» من الوهم، وتحت «متافيزيقيا» لا يمكن أن يتصورها خيال.. عاش مقهورا كل هذا الزمن، فما الذي جعلك تشعر به الآن، والآن فقط؟ وما الذي يقنعه أن عليه أن يثق بك؟
ها هي القرارات تصدر بإجماع لم يشهده العالم في أية قضية أخرى.. ها هو العالم بأجمعه يتفق على أن ما يحدث في ليبيا أشد من مجزرة، ها هو يجمع على أنها إبادة بشرية، وها أنت ــ أيها النظام ــ الذي يدعي حماية الوطن تسارع باستباحة الوطن، وتهيئته لكي يكون مفتوحا لكل الاحتمالات، وأسوأ هذه الاحتمالات أن يكون محتلا بشكل أو بآخر، بعد أن قدم رقاب الأحرار من أجل استقلاله.. تبا لزمن يجعل الحماقة تحكم وطنا.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1376