• ×
admin

غرق المسؤولية

غرق «المسؤولية»!

خالد السليمان

عندما اقترحت الأسبوع الماضي صرف قارب لكل جداوي لم أكن أمزح كما ظن البعض أو أسخر وأتهكم كما ظن وعاتب البعض الآخر، فجدة أصبحت فعلا مدينة تحت خط الغرق كما وصفت الصحيفة الحال في عنوانها أمس الأول ولم يعد الإنسان فيها يضمن أن يجد بقعة تراب يقف عليها عند هطول المطر!!
أما موقف الملك الحازم من القصور وحالة الارتخاء في تحمل المسؤولية في المدينة الغارقة فيغني عن توجيه أي نقد، ويبعث بالرسالة الصريحة التي لا تحتمل لبسا بأن التسامح مع التقصير وعدم الكفاءة في تحمل المسؤولية لم يعد واردا!!
لذا لن أهاجم اليوم أحدا .. لن أهاجم الفساد ولن أهاجم سوء التخطيط ولن أهاجم التقصير ولن أهاجم الإهمال.. لن أهاجم النائمين ولا المهملين ولا الفاسدين ولا المجرمين ولا غير المؤهلين، فقد فعلت ذلك العام الماضي حتى جف حبر قلمي دون أن يغير ذلك من واقع الحال شيئا!!
لكنني سأذكر بحق أبناء جدة في معرفة الحقيقة، والتعرف على الأسباب التي جعلت مدينتهم تبدو أمس الأول كما لو أنها قرية تصارع الفيضانات في وديان بنغلادش أو سهول استراليا!!
سأذكر بحقهم في أن تأخذ العدالة مجراها في محاسبة الذين استغلوها على مدى عشرات السنين .. الذين امتصوا الماء وسفوا التراب وباعوا الموت للأبرياء!!
سأذكر بحقهم في أن يعتذر لهم كل مسؤول قصر بحق عروسهم وأخذ منها أكثر مما أعطاها .. منحها الوهم وأخذ الوجاهة .. منحها الفشل وأخذ الرفاهة!!
لقد غرقت جدة وغرق إنسانها الذي قالوا له في الغرق السابق إن مثل هذا الغرق لا يتكرر إلا كل 50 عاما، فهل ننقذ على الأقل «المسؤولية» من الغرق!!

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1348