التخفيف من معاناة الحياة
التخفيف من معاناة الحياة
د. أيمن بدر كريّم
- الحياة تبدو كسلسلة متشابكة من الآلام والخيبات، غير أنَّ العقل الإنساني بقدرته على التسامي فوق النزوات الزائلة، والأهواء المتقلِّبة، يمكنه التخفيف من ثقلها على نفس الإنسان. فحين نغترف من حكمة المفكِّرين والمتأمِّلين والعباقرة والفلاسفة، ونستفيد من تجاربنا وخبراتنا الشخصيَّة، يمكننا تحصيل السعادة النفسيَّة، والتعاطي الصحي مع هذا العالم بما فيه من واجبات وعلاقات ومعاناة، دون أنْ نذوب فيه.
- وللفن مكانته العُظمى في عزاء الإنسان. فالفنون الجميلة تأخذنا إلى بُعد آخرَ خارج صخب الزَّمان، وضوضاء المكان، إلى مساحة صفاء يجد فيها القلب راحته، وتسكن معها الروح. إنَّ الفن يخفف من وحشيَّة الواقع، ويعيد صياغته في معانٍ ساميةٍ تساعد على تحمُّل العيش فيه. إنَّ عملية «التطهير» أي الشعور بالرَّاحة بعد انفعالات حزن أو خوف أو قلق.. عبارة عن تحرُّر لتلك المشاعر من خلال التعبير المكثَّف عنها عند التعرُّض لمشاهدة أفلام رعب أو تراجيديا محزنة جدًّا.. وقد وصفها (أرسطو وفرويد) في أدبياتهما.. وهي بمثابة تنفيس نفسيٍّ، ومكافأة إيجابيَّة.
- أمَّا النوم، فهو من أنجع العلاجات الطبيعيَّة المساعدة على ترتيب فوضى الرُّوح، ووسيلة للتخفيف من حدَّة الغضب، وفرط القلق والحزن. ولا يغيب فضل العلم عن هذا الطريق الروحانيِّ: فما أبدعه من مضادات الاكتئاب والألم، ليست خصمًا للرُّوح، بل من مظاهر الرَّحمة الإلهيَّة التي تحفظ التوازن النفسيَّ لكثيرين، وتمسح بقدرتها الحانية على مواضع الألم لديهم، فتسكن نفوسهم، وتعود صافيةً مطمئنةً.
- والحب بدوره عزاءٌ وجوديٌّ في غاية الأهميَّة؛ فاندماج شخصين في علاقة حُبٍّ صحيَّة، يشتِّت الانتباه عن فرط الوعي بالذَّات، ويذيب الشعور بالعزلة الوجوديَّة.. إنَّه وعد بالخلاص من ثقل العدم، وسجن الوحدة القاسي، وهو يمنحنا طمأنينة المعيَّة، ودفء المشاعر.
- إنَّ جوهر القوَّة يكمن في التخلِّي.. في التخفف من الثَّروة، من المجد، من الشُّهرة، من العلاقات، من الأوهام. فحين يُلقِي الإنسان عن كاهله أثقالها، تتكشَّف له حريَّة حقيقيَّة، ويقترب أكثر من معنى الحياة. إنَّ العلاقات الإنسانيَّة أساس لكثير من الأضرار النفسيَّة والاضطرابات الوجدانيَّة، واعتبارها أعباءً يجدر بنا التخفيف منها، يُعدُّ من أرقى ثمرات الحكمة والفهم الصحيح.
المدينة
د. أيمن بدر كريّم
- الحياة تبدو كسلسلة متشابكة من الآلام والخيبات، غير أنَّ العقل الإنساني بقدرته على التسامي فوق النزوات الزائلة، والأهواء المتقلِّبة، يمكنه التخفيف من ثقلها على نفس الإنسان. فحين نغترف من حكمة المفكِّرين والمتأمِّلين والعباقرة والفلاسفة، ونستفيد من تجاربنا وخبراتنا الشخصيَّة، يمكننا تحصيل السعادة النفسيَّة، والتعاطي الصحي مع هذا العالم بما فيه من واجبات وعلاقات ومعاناة، دون أنْ نذوب فيه.
- وللفن مكانته العُظمى في عزاء الإنسان. فالفنون الجميلة تأخذنا إلى بُعد آخرَ خارج صخب الزَّمان، وضوضاء المكان، إلى مساحة صفاء يجد فيها القلب راحته، وتسكن معها الروح. إنَّ الفن يخفف من وحشيَّة الواقع، ويعيد صياغته في معانٍ ساميةٍ تساعد على تحمُّل العيش فيه. إنَّ عملية «التطهير» أي الشعور بالرَّاحة بعد انفعالات حزن أو خوف أو قلق.. عبارة عن تحرُّر لتلك المشاعر من خلال التعبير المكثَّف عنها عند التعرُّض لمشاهدة أفلام رعب أو تراجيديا محزنة جدًّا.. وقد وصفها (أرسطو وفرويد) في أدبياتهما.. وهي بمثابة تنفيس نفسيٍّ، ومكافأة إيجابيَّة.
- أمَّا النوم، فهو من أنجع العلاجات الطبيعيَّة المساعدة على ترتيب فوضى الرُّوح، ووسيلة للتخفيف من حدَّة الغضب، وفرط القلق والحزن. ولا يغيب فضل العلم عن هذا الطريق الروحانيِّ: فما أبدعه من مضادات الاكتئاب والألم، ليست خصمًا للرُّوح، بل من مظاهر الرَّحمة الإلهيَّة التي تحفظ التوازن النفسيَّ لكثيرين، وتمسح بقدرتها الحانية على مواضع الألم لديهم، فتسكن نفوسهم، وتعود صافيةً مطمئنةً.
- والحب بدوره عزاءٌ وجوديٌّ في غاية الأهميَّة؛ فاندماج شخصين في علاقة حُبٍّ صحيَّة، يشتِّت الانتباه عن فرط الوعي بالذَّات، ويذيب الشعور بالعزلة الوجوديَّة.. إنَّه وعد بالخلاص من ثقل العدم، وسجن الوحدة القاسي، وهو يمنحنا طمأنينة المعيَّة، ودفء المشاعر.
- إنَّ جوهر القوَّة يكمن في التخلِّي.. في التخفف من الثَّروة، من المجد، من الشُّهرة، من العلاقات، من الأوهام. فحين يُلقِي الإنسان عن كاهله أثقالها، تتكشَّف له حريَّة حقيقيَّة، ويقترب أكثر من معنى الحياة. إنَّ العلاقات الإنسانيَّة أساس لكثير من الأضرار النفسيَّة والاضطرابات الوجدانيَّة، واعتبارها أعباءً يجدر بنا التخفيف منها، يُعدُّ من أرقى ثمرات الحكمة والفهم الصحيح.
المدينة