• ×
admin

لمملكة النحل أسرار عجيبة

لمملكة النحل أسرار عجيبة

عبدالعزيز صالح الصالح

إن ما يحدث في هذا الكون العظيم من كائنات حية متعددة الأطوار والألوان والأشكال منها المفيد ومنها الضار، فإنها تدعو الإنسان إلى التأمل والتفكر والتدبر في كل زمان ومكان في هذا المخلوق العجيب الذي يتغذى على تلك النباتات ذات الأزهار والثمار الملونة بالألوان المختلفة والزاهية، فهي مقصد ذلك المخلوق الصغير أولاً وأخيراً، فهو يسلك تلك الأجواء الواسعة عبر المسافات الشاسعة طلباً للرزق عبر السبل المتعددة والطرق المتباعدة، التي هيأها الله تعالى بحكمته، وذللها وسخرها، وأعدها لهذا المخلوق العجيب.

كما أن الباري عزوجل قد جعل أعدادا عديدة من النحل تسكن تلك الخلايا، وجعلها منقادة ومطيعة إلى (الملكة) التي لا ينازعها (ملك)، فالبعض من العاملات تقوم بتنظيف الخلية وتهويتها من كل جانب، وبعضها يجمع رحيق الثمار والأزهار، وبعضها يقوم بتغذية اليرقات وهي إحدى مراحل النمو - والبعض يقوم بالدفاع عن الخلية من كافة الأعداء أمثال - النمل، والزنابير، وبعض الطيور والوزغ، والضفادع.

ومن حكمة الباري عزوجل في خلقه: إن جعل موسم جمع الرحيق يبدأ في اوائل فصل الصيف، حيث تنشط العاملات في الانطلاق طوال النهار لجمع رحيق الأزهار، وتتوزع على المزارع والغابات والمسطحات الخضراء، ثم تعود إلى الخلية فتفرز عسلاً يتغذى به سكان الخلية صغاراً وكباراً كما تفرز الشمع الذي تبني به بيوتها السداسية.. التي لا يمكن لأبرع المهندسين المعماريين أن يقيم مثلها أبنية إلا باستخدام أدق الآلات كالمسطرة والفرجار!

حيث إن هذا العسل فيه شفاء لعموم البشر كافة، فقد روي عن ابن عمر رضى الله عنه أنه إذا شكى قرحة أو شيئاً جعل عليه عسلاً، حتى الدمل إذا خرج عليه طلى عليه عسلاً، وقال النقاش عن أبي وجره: أنه كان يكتحل بالعسل ويستمش بالعسل ويتداوى بالعسل» ما أورد القرطبي في تفسيره.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب العسل بالماء على الريق، وذلك سر بديع في حفظ الصحة لا يدركه إلا الفطن الفاضل.


ومن خلال هذه المقدمة القصيرة آنفة الذكر عن هذا المخلوق العجيب - صغير الحجم يعطي مادة ذات فوائد عديدة لعموم الخلق فقد أتيحت لي الفرصة المناسبة أن التقي بالأخ الكريم - المهندس الزراعي حامد عبد المجيد علم الدين المشرف والمتابع الدائم على العديد من المناحل المتنقلة بين أطراف عاصمتنا الحبيبة الرياض للأستاذ خالد بن صالح العثيم وفقه الله.

وقد طرحت سؤالاً واحداً، على حامد فقلت له حدثني عن هذا المخلوق العجيب، فأجاب مشكوراً على الفور قائلاً - إنه مخلوق صغير الحجم يسلك جميع السبل القريبة والبعيدة، والسهلة والوعرة للبحث عن الزهور والثمار في كل مكان فإن التجارب العديدة تحقق ما أخبر به كتاب الله العظيم (من اختلاف ألوان العسل باختلاف أنواع الزهور والورود التي أمتصها النحل) فتارة يكون العسل أبيض، وتارة يكون العسل أصفر، وتارة يكون العسل أحمر.. وذلك بحسب اختلاف المرعى.

ومن حكمة الباري عزوجل في خلقه: أن تنوع ألوان العسل يحدث في خلية واحدة، ويحتوي على ألوان النحل. ويقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم: {ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} سورة النحل آية (69).

وهناك نوع من النحل يسمى النحل الملكي له قدرة فائقة على إبادة جميع أنواع الجراثيم - ومن الأخبار العلمية أن أحد كبار الجراحين الانجليز في إحدى المشافي في ذلك الحقبة الزمنية أستخدم عسل النحل في تغطية آثار الجروح الناتجة عن العمليات الجراحية وإزالة آثارها فلا تترك ندوباً أو تشويهاً بعد العملية كما أن العسل يساعد على نمو الأنسجة من جديد فتلتئم الجروح بطريقة مستوية.

ومن الأدلة الأخرى على أن في العسل من أسباب الشفاء ما ليس في غيره من الأغذية - ويوجد مادة مجهولة في عسل النحل وشمعه، لها قدرة على شفاء تصلب المفاصل فقد جمع الإمام.. (ابن القيم) يرحمه الله بين الطب البشري والإلهي، وبين طب الأبدان وطب الأرواح، وبين الدواء الأرضي والدواء السماوي) ثم جمع الإمام بين البلاغة كلها في الإيجاز الذي صاغ به تلك العبارة التالية:

(وهو غذاء مع الأغذية، ودواء مع الأدوية، وشراب مع الأشربة، وحلو مع الحلو، وطلاء مع الاطلية، ومفرح مع المفرحات، فما خُلق لنا شيء في معناه أفضل منه ولا مثله ولا قريب منه).

الجزيرة
بواسطة : admin
 0  0  9