• ×
admin

مع بدء المدارس: نقص النوم يقلل من القدرة على التحصيل العلمي!

مع بدء المدارس: نقص النوم يقلل من القدرة على التحصيل العلمي!
اضطرابه يؤدي إلى النشاط المفرط ونقص التركيز والانتباه والعدوانية أحياناً

أ.د. أحمد سالم باهمام

تظهر الأبحاث كل يوم أهمية الحصول على نوم كاف للمحافظة على صحة أجسامنا، وهذا الموضوع يبدو أكثر أهمية عند الحديث عن الأطفال وخاصة أننا على أبواب المدارس، وسنتحدث اليوم عن أهمية الحصول على نوم كاف للأطفال، من المثبت علميا أن نقص النوم يؤدي إلى اختلال في فسيولوجية الجسم وكثير من وظائفه الحيوية، وهذا يؤثر في كثير من وظائف الجسم المهمة، في هذا المقال سنستعرض بعض الآثار السيئة لنقص النوم وسيتم التركيز في تأثير نقص النوم عند الأطفال في زيادة الوزن، والتحصيل العلمي، والتغير السلوكي.

نقص النوم وزيادة الوزن

سنبدأ حديثنا عن التأثيرات السلبية لنقص النوم عند الأطفال بالحديث عن تأثير نقص النوم على زيادة الوزن، حيث يؤثر نقص النوم في عدد من الوظائف الحيوية في الجسم ومنها عمليات الأيض (حرق الطعام) ووظائف الغدد وإفراز الهرمونات. وسنستهل حديثنا في هذا الموضوع باستعراض دراسة جديدة نشرت هذا الأسبوع في مجلة "النوم"، المجلة الرسمية للأكاديمية الأمريكية لطب النوم، حيث درس الباحثون 304 طفلا بين سن السادسة إلى الثانية عشرة وتابعوهم لمدة محددة وتم قياس نومهم بصورة موضوعية بإجراء دراسة للنوم لتحديد مدة النوم.

ووجد الباحثون أن الأطفال الذين ناموا أقل من 7.5 ساعة بالليلة كان احتمال إصابتهم بالسمنة ثلاثة أضعاف الذين ناموا أكثر من تسع ساعات بالليلة، كما أن نسبة التوتر والاكتئاب كانت أعلى عند الذين ناموا أقل من 7.5 ساعة وكذلك كان أداؤهم الأكاديمي أضعف.

وقد أظهرت هذه الدراسة الموضوعية بوضوح أن الأشخاص الذين ينامون ساعات أقل هم أكثر عرضة لزيادة الوزن، وفي بحث طبي حديث آخر نشر هذا العام (مايو 2011) في المجلة الطبية البريطانية درس الباحثون علاقة مدة النوم بزيادة الوزن عند الأطفال، فقد تابع مجموعة من الباحثين النيوزيلنديين 244 طفلا من سن 3 سنوات حتى بلغوا سن 7 سنوات وقاموا بجمع معلومات البحث كل ستة أشهر خلال فترة الدراسة، وقام الباحثون كذلك بجمع معلومات عن جميع العوامل التي تؤدي لزيادة الوزن مثل نوع الطعام والمستوى الاجتماعي للعائلة ومستوى تعليم الوالدين وغيرها.

كما قاس الباحثون عدد ساعات النوم بصورة موضوعية عن طريق وضع حزام حول خصر الطفل يقوم بقياس ساعات النوم. وبعد التحكم في جميع العوامل التي قد تزيد الوزن، وجد الباحثون أن الأطفال الذين ناموا ساعات أقل كانت أوزانهم أكبر. وقد قدر الباحثون أن كل ساعة نقص في النوم نتج عنها زيادة الوزن بمعدل 0.7 كيلو جرام (سبعة بالعشرة من الكيلو) وهي نسبة كبيرة بالنسبة للأطفال كما أن استمرارها على سنوات طويلة قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن.

نقص النوم والاضطرابات السلوكية

وتقدر الإحصاءات أن نسبة الأطفال الذين يعانون مشكلات سلوكية من أكثرها شيوعًا تشتت الانتباه والإفراط في النشاط تبلغ ما بين 4 إلى 12 في المئة بين الأطفال ممن هم في عمر المدارس، وكانت عدة دراسات قد حددت وشخّصت وجود صلة بين الخلل في سلوك الأطفال ومشكلات النوم.

ويبدو أن نقص النوم عند الأطفال أيًا كان سببه يؤدي إلى النشاط المفرط ونقص التركيز والانتباه والعدوانية أحيانا، لذلك يجب على الوالدين والمعالجين أخذ الحيطة واستكشاف نظام النوم عند الأطفال الذين يعانون اضطرابات سلوكية مثل اضطراب نقص الانتباه (Attention Deficit Disorder) أو من فرط النشاط قبل بدء أي علاج لأن اضطرابات النوم قد تسبب هذه الأعراض والاضطرابات، وعلاج اضطرابات النوم قد يحل المشكلة، فقد تؤدي معالجة الشخير ومشكلات النوم الأخرى مثل صعوبة التنفس إلى معالجة بعض المشكلات العامة التي تواجه الأطفال وخصوصًا تلك المتعلقة بسلوكهم.

نقص النوم والتحصيل العلمي

ويعتقد كثير من الباحثين والتربويين أن اضطراب ونقص النوم يؤديان إلى نقص القدرة على التحصيل العلمي والأداء بصورة جيدة.

وقد أظهرت بعض الدراسات أن التحصيل العلمي للطلاب الذين يشخرون أو يعانون مشكلات التنفس أثناء النوم أقل من قرنائهم، وتحسن الأداء الدراسي للطلاب المصابين بالشخير بعد علاجهم. وفي دراسة سابقة أجريناها على عينة من طلاب المدارس الابتدائية في مدينة الرياض مع مجموعة من الباحثين من كلية الطب بجامعة الملك سعود في إحدى المجلات العالمية المتخصصة في طب النوم (Sleep and Hypnosis).

وهدفت الدراسة إلى تقييم تأثير اضطرابات النوم وعادات النوم السيئة في أداء الطلاب في الامتحانات وتحصيلهم العلمي، وشملت العينة أكثر من 1000 طالب وطالبة من كل صفوف التعليم الابتدائي، وقد أظهرت الدراسة نتائج مهمة قد تفيد الآباء والأمهات وكذلك المربين والمعنيين بالتربية والتعليم. ولتقويم الأداء المدرسي تم استخدام التقارير الشهرية التي تصدرها المدارس.

وأظهرت الدراسة أن الأداء الأكاديمي للطلاب الذين كانوا يعانون من تقطع النوم، الكوابيس، التبول اللاإرادي أثناء النوم، أو الشخير، أو صعوبة إيقاظهم أثناء الصباح والخمول بالنهار، أقل بكثير من الذين لم يعانوا تلك المشكلات، كما أن الطلاب الذين كانوا يرفضون الذهاب للنوم عند حلول وقت نومهم حصلوا على نتائج أقل من قرنائهم الذين لم يعانوا المشكلة نفسها، وعندما تم تقييم عادات النوم لدى الطلاب حصلنا على نتائج مهمة قد يؤدي تعديلها إلى تحسن الأداء الدراسي للطلاب. فقد وجدنا أن الأداء الدراسي كان أقل عند الطلاب والطالبات الذين عندهم العادات الآتية:

عدم الانتظام في مواعيد النوم، النوم مع الوالدين في نفس الغرفة، مشاهدة التلفزيون بعد الساعة الثامنة مساء أو حتى حلول موعد النوم، اللعب بألعاب الكمبيوتر بعد الثامنة مساء أو حتى وقت النوم، وكذلك الطلاب الذين ينامون في الفصل. وكانت فترة النوم أطول عند الطلاب الممتازين مقارنة بالطلاب المتوسطين.

وهذه النتائج تتوافق مع بعض الدراسات التي أجريت في الدول الغربية فقد أظهرت بعض الدراسات أن مشاهدة التلفاز قبل النوم أو حتى ساعة متأخرة تؤثر في التحصيل العلمي، كما أن وجود جهاز تلفاز في غرفة الطفل قد يؤثر عكسيًا في تحصيله العلمي. وما سبق قوله ينطبق على ألعاب الكمبيوتر وأجهزة البلاك بيري والآي فون والآي بود والآي باد الشائعة بين الأطفال. كما أن دراسات أخرى أظهرت أن الأطفال المتفوقين ينامون 15 إلى 30 دقيقة ليليًا أكثر من غير المتفوقين. لذلك على الآباء والأمهات أخذ كل ما سبق في الاعتبار.

ونظرا لأهمية النوم عند الأطفال فقد وضع معهد الطب (Institute of Medicine) في الولايات المتحدة حديثا كودا خاصا لتعزيز أهمية النوم عند الأطفال والساعات اللاتي تحتاجها كل فئة عمرية كهدف أساسي للوقاية من السمنة عند الأطفال. كما أن هناك حرصا عند المختصين في الدول المتقدمة على دمج النوم السليم والملائم للطفل ضمن برامج الوقاية من السمنة عند الأطفال وكذلك برامج الصحة العامة للأطفال.

المصدر: صحيفة الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1357