• ×
admin

الكتابة اليدوية لن تزول

الكتابة اليدوية لن تزول

محمد الحمزة

كل من يتعامل مع المعلومات لم يعد بحاجة إلى الكتابة اليدوية إلا نادراً وعند الضرورة فقط، فكتابة المذكرات اليومية أو بضعة أسطر في دفتر الملاحظات أو كتابة هوامش وملاحظات على كتاب، وهي عادة متأصلة عند العديد من المفكرين والكتّاب، فقد حلت التقنية محل الأوراق.

في نهاية المطاف كل شيء يتغير في الحياة ويتطور بمضي الزمن، فهل نتحسر اليوم على اختفاء طرق الكتابة القديمة على ألواح الطين، وأوراق البردي، والجلود، والنقش على الصخور، أو نتحسر على انتفاء الحاجة إلى الفاكس أو الأسطوانات الموسيقية؟ فالمهم هو المحتوى وليس الوسيلة، وما هو مكتوب باليد ليس سهلاً إرساله أو تخزينه، وإضافة إلى ذلك فإن الكتابة اليدوية ليست سهلة، ولكن من المبكر القول إن الكتابة اليدوية في طريقها إلى الزوال. ففي الماضي القريب؛ كانت تعد الكتابة باليد تطويراً للذات ومفتاحاً لفهم الآخرين، وكان البعض يعتقد أن الكتابة اليدوية الجميلة والصحيحة عامل مساعد للتقدم الوظيفي والنجاح في الحياة. مثل هذه الأفكار قد تبدو اليوم عتيقة لمن اعتاد على استخدام الكمبيوتر والهواتف الذكية، ولكن التجارب العلمية أثبتت أن للكتابة اليدوية مميزات لا تتوفر في الكتابة الرقمية.

يقول العلماء: إن الكتابة اليدوية، كما الرسم، تسهم في تطوير القدرة العقلية لأنها مرتبطة بالدماغ، أما استخدام لوحة المفاتيح فهي عملية سلبية لا تنشط التفكير الإبداعي، لأن الأصابع تتحرك على لوحة المفاتيح بشكل عشوائي بلا إيقاع والدماغ يتلقى فقط الضوضاء التي تمنع التفكير، والكتابة اليدوية أبطأ وتتناسب تماماً مع سرعة التفكير وضرورية للتعلم، لأنها تتيح للإنسان معرفة أعمق وأكثر رسوخاً.

فريق (فيلاي) البحثي في مرسيليا أثبت بالتجربة كيف يتم تنشيط أجزاء مختلفة من الدماغ عندما نقرأ حروفاً تعلمناها من خلال الكتابة بخط اليد، عن تلك التي يتم تفعيلها عندما نتعرف على حروف تعلمناها من خلال كتابتها بواسطة لوحة المفاتيح، فعند الكتابة باليد تترك الحركات المعنية (ذاكرة حركية) في الجزء الحسي الحركي من الدماغ، الذي يساعدنا على التعرف على الحروف، وهذا يعني وجود علاقة بين القراءة والكتابة، وأن النظام الحسي الحركي يلعب دوراً في عملية التعرف البصري أثناء القراءة.

وفي بحث علمي عام أنجز في جامعة "فرجينيا" جاء فيه أن بعض المدارس الأميركية قامت بمحاولة تحسين الخط الرديء لعدد من طلابها ونجحت في ذلك، وهذا أدى في الوقت نفسه إلى تعزيز عملية التعلم، وقدرة الطلاب على القراءة الصحيحة، وتشكيل العبارات والجمل، وتذكر النصوص بشكل أفضل.

الكتابة اليدوية منذ الصغر تسهم في تشكيل الطبع الإنساني، وتطوير القدرات، والخط اليدوي ينم عن شخصية كاتبه، يماثل تماماً الميزة الفردية لبصمات الأصابع، والكتابة هندسة الروح، ونظافتها من نظافة الروح، والخط الجميل سمة للإنسان الواثق، وبفقدانه نفقد كل روعة وجمال الأحرف والتي تشكل الجزء الأهم من تراث الشعوب.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  476