• ×
admin

ابن سينا.. عالم الجيولوجيا

ابن سينا.. عالم الجيولوجيا

أحمد عبد القادر المهندس

هو أبو علي الحسين بن عبدالله بن سينا، ولد في أفشنه قرب خرميش وتوفي في همذان، عاش بين سنتي 371 ــ 428 هـ (980 ــ 1036 م). كان ابن سينا معاصراً للبيروني وابن الهيثم. ووالد ابن سينا من بلخ ووالدته من بخارى. توفي والده وهو في الثانية والعشرين من عمره. وبعد أن تتلمذ ابن سينا على كبار علماء عصره بدأ يشق طريقه بنفسه حتى حاز مكانة مرموقة في عصره.

تميز ابن سينا في جميع فروع المعرفة، وعلى وجه الخصوص برز في معظم العلوم البحتة والتطبيقية ومنها علوم الأرض.

اشتهر ابن سينا بين زملائه وتلاميذه بالذاكرة العظيمة وسرعة الفهم وكثرة الانتاج العلمي.

اهتم ابن سينا بعلوم الأرض، فساق تفسيرات كثيرة لبعض الظواهر الطبيعية وجاءت آراؤه في هذا المضمار غير متعارضة مع بعض النظريات العلمية الحديثة، حتى اعتبره الكثيرون مؤسساً لعلم الأرض.

يقول هولميارد في كتابه (صانعو الكيمياء): "ان علماء أوروبا يصفـون ابن سينا بأنه أرسطوطاليس العرب". ولاريب في أنه عالم فاق غيره في علم الطب وعلم طبقات الأرض. وكان من عادته اذا استعصت عليه مسألة علمية أن يذهب الى المسجد لأداء الصلاة، ثم يعود الى المسألة بعد الصلاة بادئا من جديد فيوفق في حلها.

وقد تكلم ابن سينا عن الفلزات وطريقة تكوينها، وتعرض لكثير من المعادن ومميزات كل معدن، وذكر أن المعادن تحتفظ بصفاتها الطبيعية. ويذكر لنا ابن سينا في كتابه الشفاء (جزء الطبيعيات) الفن الخامس المعادن والآثار العلوية: "إن كل معدن من المعادن يحتفظ بصفاته الذاتية التي تميزه عن غيره من المعادن". ويقول ابن سينا في كتابه المذكور أعلاه عن الفلزات: "إن لكل منها تركيبا خاصاً لا يمكن أن يتغير بطرق التحويل المعروفة، وانما المستطاع هو تغير ظاهري في شكل الفلز وصورته؛ ولذلك يمكن صبغ النحاس بلون أبيض فيبدو كالفضة، والفضة بلون أحمر فتظهر كالذهب. وقد يصل هذا التغير حدا من الاتفاق يظن معه أن الفلز قد تحول إلى غيره، ولكن الصبغ في حقيقته لا يحول فلزاً إلى غيره".

وتحدث ابن سينا في عدد من الموضوعات الجيولوجية وله في بعضها آراء لا تكاد تختلف عما نعرفه اليوم. فابن سينا له نظريات في تكوين الصخور والمعادن. وقد استفاد علماء الغرب من نظريات ابن سينا في تكوين الصخور والجبال، حتى انهم حاولوا أن يترجموا جميع انتاجه.

ويمتدح الدكتور محمد يوسف حسن ابن سينا كجيولوجي في بحث له بعنوان "أثر الفكر الاسلامي في تقدم علم الجيولوجيا" قائلاً: "إن أساطين مؤرخي الجيولوجيا في الغرب، قالوا في ابن سينا ــ كرائد من رواد الجيولوجيا ــ انه أول من كتب في أصل الجبال والصخور والمعادن بنظرة جد حديثة ممتازة امتيازاً بينا عن أفكار ارسطو ومعاصريه، مما كان سائداً حتى عصر ابن سينا". وان أول الكتابات عن أصل الجبال والأحجار ظهرت في أوروبا مع نهاية العصور الوسطى، وفتحت الطريق أمام جيولوجيي عصر النهضة، وان مؤلفي تلك الكتابات قد استعانوا بأفكاره، بل استعاروا بحرية ونهم من كتابه (الشفاء).

واذا لم يكن قد قيل في ابن سينا غير هذه، فإنها تكفي تخليداً له في ابراز تاريخ العلوم الذي نحتاج إلى إعادة كتابته من وجهة النظر العربية والإسلامية..

فمتى يعاد النظر في كتابة تاريخ العلوم ومتى يعود العصر الذهبي للعلوم والتقنية في العالم العربي والإسلامي؟!

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  13382