• ×
admin

شهور ثلاثة صعبة

شهور ثلاثة صعبة

هاشم عبده هاشـم

لم يكن وزير النقل فقط هو الذي يشكو من تعطل مشاريع وزارته وتعثر بعضها وتوقف البعض الآخر.. لأن أكثر الوزراء إن لم يكن جميعهم سبق لهم أن جأروا بالشكوى..
وإذا كان كبار المسؤولين يشكون..
وإذا كانت الوزارات المختصة والجهات المعنية «تولول» و«تصرخ».. فمن الذي سيوفر الحل.. ويقضي على مشكلة واحدة متكررة تواجه البلد..
وأخشى أن أقول.. إن تعاظم الشكوى من مسألة عجز شركات المقاولات - وأكثرها وطني بحت - قد ارتفع منذ أغلقنا الباب أمام الشركات الصينية والكورية واليابانية التي أنجزت في بلادنا أعمالا كبيرة وعلى مستويات عالية.. وركنا إلى تحالفات (وهمية) بين شركات سعودية وعالمية.. انتهت في الحقيقة إلى شركات من الباطن أكثرها لا وجود حقيقيا له على الأرض.. بسبب اعتمادها على «تجميع» مئات العمال غير المهرة من الأزقة والشوارع وتحت الكباري من العمالة السائبة لتنفيذ أعمال كبيرة وضخمة قد تقودنا - في النهاية - إلى كوارث مريعة بفعل مستويات التنفيذ المتدنية لعدم توفر الخبرات أو المهارات الكافية للتصدي لمشاريع على هذا المستوى من الضخامة والأهمية والخطورة.
وأنا بهذا لا أشكك في قدرة شركاتنا الوطنية.. وإنما أشير إلى حقيقة أن اعتماد الكثير منها على العمالة غير المدربة كبير للغاية.. بدليل أن أكثرها يكاد يغلق أبوابه جراء منع تشغيل عمالة على كفالة غير مكفوليهم.. وبدء الجهات المختصة حملات واسعة في هذا الاتجاه.. وتوقف العديد من الشركات عن العمل لأنها تعتمد عليهم بصورة أساسية.
وأنا متأكد بأن هذه المشكلة ستظهر بصورة كبيرة خلال الثلاثة أشهر القادمة بعد أن تتوقف معظم المشاريع.. وهذا لا يعني ولا يبرر السماح لهذه الشركات بأن تعتمد على هذه العمالة.. وإنما أشير فقط إلى أن هناك وضعا خاطئا ومعقدا تشارك فيه أكثر من جهة وفي مقدمتها وزارة العمل.. ووزارة التجارة والصناعة والغرف التجارية.. وتتحمل البلاد تبعاته.. نتيجة غياب الحلول والبدائل لمعالجة مشكلة عدم نظامية إقامة معظم العمالة.. أو مشروعية وجودهم في البلاد ولكن على كفالة غير من يعملون معهم حقيقة.. أو صعوبة الحصول على تأشيرات كافية لاستقدام عمالة ماهرة تفي بالتزام الشركات وتعاقداتها لإنجاز الكثير من المشروعات.
كل هذه الأمور تشير إلى أن القضية بدأت تتضح.. ونحن بدأنا نركز على العقوبات ولا نعالجها من الأساس..
وحتى العقوبات أو التنظيمات التي شرعنا في تطبيقها ومنها «نطاقات» سوف لن تحد من هذه العمالة السائبة وغير الماهرة .. إذا نحن لم نعالج المشكلة من الجذور.. وندرس أوضاع البلد واحتياجات مشاريع التنمية وكفاءة سوق العمل وطلباته.. ونصمم على أساسها خططا وبرامج موضوعية تحيط بكل جوانب المشكلة وتحول دون استمرار ظاهرة تعثر المشاريع وتوقفها..
وما أتمناه هو أن تلتقي كل جهات الاختصاص وأن تشارك في رسم خطوط عريضة لاستراتيجية شاملة لمعالجة مشكلة العمالة.. والتوفيق بين حاجة خطة التنمية إلى استمرار العمل وانتظامه.. وبين حرص المجتمع على توطين الوظيفة.. ومعالجة مشكلة ضعف مخرجات التعليم.. مقارنة بالقدرة الاستيعابية للاقتصاد الوطني بشكل عام.
***
ضمير مستتر:
أن نحل مشكلة.. ونخلق ألف مشكلة أخرى.. فذلك ليس هو الطريق السليم إلى تصحيح الأوضاع الخاطئة أبداً.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  17481