• ×
admin

نقص الغذاء

نقص الغذاء


أ. د. طلال علي زارع

يعد نقص الغذاء بمثابة أزمة عاصفة تضرب دول العالم دون سابق إنذار، وتنشر البؤس وسوء التغذية في أرجاء العالم، وتشكل تهديداً خطيراً للاستقرار، فقد أثارت هذه الأزمة أعمال شغب في عدد من دول العالم مثل مصر وإندونيسيا والكاميرون وهاييتي.. وأضافت عشرات الملايين من البشر إلى قائمة الفقراء، يعيش أغلبهم على مصروف يبلغ حوالي نصف دولار يومياً، ولا يوجد لديهم مصدر آخر يسدون به رمقهم، وفي الوقت الحاضر تصرف للكثير منهم معونات غذائية من قبل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، مما أدى إلى ارتفاع كلفة المعونات الغذائية لدرجة أن ميزانية برنامج المساعدات يعاني الآن من عجز حاد، ويعني ذلك أن بعض المعونات قد تنخفض في قيمتها، ويحدث تقليص لبعض الحصص الغذائية التي يتم تقديمها لهؤلاء الفقراء.
ولكن لماذا ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى هذا الحد؟ يعود ذلك إلى عدد من العوامل منها: ارتفاع تكلفة الوقود وخاصة البترول، والتوسع في الأراضي المخصصة للحصول على الوقود الحيوي، وسوء الطقس وخاصة في الدول الرئيسة في إنتاج الغذاء، وزيادة الطلب على الغذاء وخاصة من قبل الطبقات المتوسطة المتنامية في الهند والصين، بالإضافة إلى انخفاض الإنتاج في المجال الزراعي بسبب حدوث إهمال للزراعة إلى حد كبير، كما يلعب دوراً في ذلك جشع التجار وعدم مراقبة الأسعار... فأي ارتفاع في أسعار الحبوب مثل القمح أو الأرز، يسبب قلقاً وخوفاً عند الناس يجعلهم يتخذون الحيطة والحذر، فيقوم المضاربون بشراء المواد الغذائية وتكديسها وبيعها فيما بعد بأسعار باهظة، مما يستدعي أن تقوم الدول المنتجة للغذاء بفرض رقابة على صادراتها من أجل سد حاجة شعوبها من هذه الأغذية، وينتج عن ذلك نقص في الغذاء في الأسواق لتصديره إلى الدول المستوردة.
ويجب أن يشكل ارتفاع الأسعار صرخة توقظ العالم وتدفعه للاستثمار بشتى الطرق في مجال الغذاء، ولا يستطيع صغار المزارعين على إنتاج وتوريد المزيد من المواد الغذائية من دون ذلك الاستثمار.. فعلى سبيل المثال، ارتفاع أسعار السماد إلى أكثر من الضعف في السنة الحالية أدى إلى تقليص الأراضي الزراعية في منطقة الوادي المتصدع في كينيا إلى أقل من ثلثي المساحة المزروعة عما كانت عليه سابقاً.
فما هو الحل لهذه الأزمة؟ يبدو أن أفضل حل لهذه الأزمة يكمن في تلافي الأسباب بقدر الإمكان التي أدت إلى حدوثها وتم ذكر معظمها فيما سبق.. ويتفاءل بعض المسؤولين بأن العالم سيتمكن من إنتاج الكميات الكافية من الغذاء في يوم ما، فالمشكلة في نظرهم هي مجرد التمكن من تجاوز هذه الظروف العصيبة باتخاذ الإجراءات المناسبة للعثور على مصادر يمكن استثمارها.. ودعا كثير من المسؤولين وخبراء التغذية إلى إعادة النظر عالمياً في سياسة إنتاج الوقود الحيوي، فهم يدركون بأن ارتفاع أسعار المواد الغذائية يشكل خطراً على الرخاء والازدهار، ويزيد من عدد الفقراء في العالم.
وعلى كل فرد أن يسأل نفسه أيهما أهم للبشرية استخدام المحاصيل الزراعية لإنتاج الوقود الحيوي أم للغذاء خصوصاً بعد بدعة تحويل المحاصيل الزراعية المهمة كالقمح والأرز والذرة وقصب السكر إلى وقود حيوي كبديل للبترول الذي غلا ثمنه؟

المصدر: صحيفة الجزيرة
talzari@yahoo.com
بواسطة : admin
 0  0  1422