• ×
admin

المتسلقون على أكتاف المهمشين

المتسلقون على أكتاف المهمشين


د. هلال محمد العسكر

هناك ما يعرف في عالم الإدارة وفي مجال الأعمال بحسد الأقران، وهو عبارة عن شعور ينتاب «المدير المباشر» تجاه موظف يعمل معه وتحت إدراته وفي مجال تخصصه، ويخشى أن ينافسه على المنصب، خاصة إذا كان متميزا أو يحمل مؤهلات لا يملكها هو شخصيا، ويدفعه بالتالي إلى مواجهته بصورة أو بأخرى، فيمارس ضده كافة أنواع وسياسات التهميش والتطفيش والإقصاء وهضم الحقوق والتفرد بالسلطة وبالقرار وبالرأي والتحكم في مصيره ومعاملتهم بشكل تعسفي وغير إنساني ويعمل على تجيير ما يقوم به ذلك الموظف من جهد ونشاط لصالح نفسه، ويحرص على الظهور أمام المسؤولين في العمل أنه الوحيد القادر على أداء المهمة من خلال تهميش ومصادرة دور الموظف والترويج بأن لا دور ولا مهمة له، ويثبت ذلك رسميا من خلال كتابة التقارير التي تطعن في كفاءته والتزامه، وتشكك في قدرته على القيام بمهامه الأساسية فضلا عن أن تضاف له المزيد من المهام والمسؤوليات. هذه النظرة التي قلما تخلو مؤسسة عربية منها مع الأسف الشديد تسيطر على كثير من المديرين ممن لا يعرفون الإنصاف والعدل، وليس لديهم الإيمان الكامل بالله تعالى فيما يتعلق بقضية الأرزاق، فيظن من باب الحقد أو الحسد المبطن أنه بتهميش غيره وتشويه صورته وعدم إعطائه الفرصة المناسبة سيضمن لنفسه القرار والاستقرار والديمومة في مجاله. وهو أسلوب إداري اعتدنا عليه منذ نعومة أظافرنا، لأن أمثال هؤلاء يصلون للهرم الإداري بالعلاقات لا بالتأهيل والتجارب والخبرات والشهادات ولا حتى بالأقدمية، وهذا ما جعل حال الإدارة في عالمنا العربي «مكانك راوح». إن لم تكن «للخلف سر» وأفقد الناس لذة الولاء والانتماء والعمل بجد وإخلاص ووفاء بعكس الدول المتقدمة، فالمسؤول المباشر هناك يحرص على إنصاف العاملين معه وإعطاء كل ذي حقه ولا يمكن أن ينسب جهد غيره له ويحرص على إثبات جدارة العاملين تحت إدارته لقيادات الجهة التي يعمل بها، وهو ما أفضى إلى التطور الكبير الذي وصلت إليه تلك الدول في مختلف المجالات.

المصدر: صحيفة عكاظ

بواسطة : admin
 0  0  1479