• ×
admin

تغير المناخ، التصحر، ندرة المياه.. قضايا لا يمكن تأجيلها

تغير المناخ، التصحر، ندرة المياه.. قضايا لا يمكن تأجيلها


إد ميليباند

لم يتبق الآن سوى ستة أشهر على اللحظة الحاسمة بالنسبة لكوكبنا. خلال شهر ديسمبر المقبل سيقوم العالم في كوبنهاغن بمحاولة إيجاد اتفاق بشأن تغير المناخ، ولابد أن ننجح في ذلك. أما إذا كنا سنحقق ذلك أم لا، فإنه ليس بإمكاننا ترك الأمر حتى فصل الشتاء، كما ليس بإمكاننا تركه للسياسيين وحدهم. وكجزء من مساهمتنا، ولفتح باب المناقشة، تقوم الحكومة البريطانية بنشر السؤال المتعلق بما الذي ينبغي أن تتضمنه الصفقة.
قد تبدو مواقف الحكومة في بعض المفاوضات وكأنها تتعامل مع سر من أسرار الدولة. إننا نتخذ نهجا معاكسا ـ نحن نقوم بإرسال الأمر إلى المدارس، ووضعه على شبكة الإنترنت، ومناقشته بقدر ما نستطيع ـ لأن محادثات تغير المناخ هذه ليست كغيرها من مفاوضات التاريخ الحديث. فهي سوف تؤثر أكثر من غيرها من المفاوضات على حياة الجميع. وأكثر من أي مفاوضات أخرى، قد تقوم الحكومات بالتوقيع على الاتفاق، إلا أن الحكومات والشعوب سيتعين عليهما معا القيام بتنفيذه.
وفي حالتنا هذه، داخل بريطانيا وكذلك بالنسبة للعالم، نحن نسترشد بالعلم والخبرة والأخلاق.
والعلم يقول لنا إن عواقب العمل بدون حماس ستكون كارثية، لا بد لنا من أن نكون طموحين. لقد تحدثت إلى المسؤولين في الصين الذين يصارعون الصحراء على الجانبين، وتغير المناخ يجعل من قريتهم واحة في بحر من الرمال المتزايدة. ونحن نعلم أن نسبة الأراضي الجافة جدا في جميع أنحاء العالم قد تضاعفت منذ عام 1970، والعمل بلا حماس قد يعني نقصا في المياه بما يؤثر على ما بين 75 و 220 مليون شخص في أفريقيا وحدها بحلول عام 2020.
لذا، ولكي نكون طموحين ولسنا فاترين، فإن الاختبار الذي وضعناه للاتفاق يتمثل في ما إذا كنا نستطيع الحد من تغير المناخ إلى درجتين، وهي بداية نقاط التحول الأسوأ والأضرار التي لا يمكن عكسها. وهذا يعني، التحول عن ازدياد انبعاثات الغازات الدفينة العالمية خلال هذا العقد القادم، وليس لاحقا. يجب أن تبدأ الانبعاثات في الانكماش بدلا من النمو، ومواصلة الانكماش حتى تصل إلى أكثر من نصف مستوياتها في عام 1990 وذلك بحلول العام 2050.
وفي بريطانيا، قمنا بالفعل بخفض الانبعاثات بمقدار الربع تقريبا مقارنة مع عام 1990، كما قمنا فعليا بكتابة التزاماتنا في شكل قانون لنعمل على خفض الانبعاثات أكثر. وسوف تؤدي «ميزانية الكربون» الوطنية إلى خفض الانبعاثات بنسبة الثلث عن مستوى العام 1990 وذلك بحلول عام 2020، و 80 في المائة على الأقل بحلول عام 2050، ونحن نتعامل مع الخيارات التي يفرضها هذا الالتزام. وفي وقت سابق من هذا العام، على سبيل المثال، قمت بإطلاق مقترحات جديدة تمنع أي محطات جديدة لتوليد الطاقة باستخدام الفحم في حال عدم قيامها باحتجاز وتخزين نسبة كبيرة من الكربون co2.
ويحدونا الأمل في قيام بلدان أخرى برفع درجة طموحها أيضا. وقد قام الكثيرون بذلك بالفعل، ولكن الحقيقة هي أن العروض المطروحة حاليا على طاولة المفاوضات ليست كافية.
حتى لو قامت الدول المتقدمة بخفض انبعاثاتها اليوم إلى الصفر، فإن العالم لا يزال يخرق درجتين ما لم تتحرك البلدان النامية أيضا من الزيادة في نسبة الكربون المرتفع إلى الزيادة في نسبة الكربون المنخفض، ولذلك فإن اتفاقية المناخ الطموحة سيكون عليها أن تشرك الجميع في العمل.
كما تعلمنا الخبرة، في الوقت نفسه، درسا مستقلا، لا ينبغي أن يكون الاتفاق طموحا فحسب، وإنما فعال أيضا. فقد حقق اتفاق كيوتو، وهو أول اتفاق يتعلق بتغير المناخ، الكثير من الأمور ولكن لا أحد يستطيع أن يدعي أن جميع البلدان ارتقت إلى مستوى التزاماتها. ولم تتحقق كل الوعود بتخفيض الانبعاثات. ولم تصل جميع التدفقات المالية لمساعدة البلدان الأكثر فقرا إلى أهدافها على الإطلاق. كما أن الإجراءات التي اتخذت لم تكن عبر استخدام أكثر الطرق فعالية.
وحتى يكون اتفاق كوبنهاغن فعالا، وهو ما أطلق عليه البعض كيوتو (2)، فإن هناك حجة للمتابعة القوية والتحقق مما تقوم به البلدان. إنه يحتاج إلى أن يكون فعالا في كيفية القيام بالتخفيض، عن طريق ربط أسواق الكربون بين البلدان المتقدمة، لكي يتم توجيه كل دولار يتم إنفاقه إلى المكان الذي يمكن أن يكون له أكبر أثر محتمل على الانبعاثات. وبالنسبة للبلدان النامية، لن يكون من الممكن إيجاد سوق كامل للكربون على الفور وإنما قد يعني القيام بإيجاد أنظمة تجارية لكل قطاع على حدة، لكي نتمكن من الحصول على المزيد من العمل الفعال، والمزيد من التدفقات المالية إلى حيث هناك حاجة.
وهذا ينقلنا إلى المصدر الثالث لدروسنا الخاصة بنوع التعامل الذي نحتاج إليه، الأخلاقيات، والالتزامات التي تدين بها الدول الغنية تجاه البلدان الأكثر فقرا. وهناك مسألة أخلاقية أساسية في صلب النقاش تتعلق بما إذا كنا نرى أنفسنا جيرانا وأصدقاء لشعوب ولمواطني البلدان الأخرى، وإذا ما كنا نهتم بالتركة التي سنتركها لأطفالنا. إنه سؤال حول ما إذا كنا سنختار الحفاظ على الروابط التي تقول بأن الأرض محفوظة بالثقة من قبل كل جيل إلى الجيل التالي أم سنقوم بكسرها، والقبول أو عدم الاكتراث بقدرتنا على تغيير حياة الآخرين.
وفي الوثيقة التي قامت بريطانيا بنشرها اليوم، نريد أن نرتقي إلى مستوى ذلك التحدي الأخلاقي، لذا فإن الاتفاق الذي نتطلع إليه يجب أن لا يكون طموحا فحسب بل عادل وفعال. وقد جعل تباطؤ الاقتصاد العالمي الميزانيات محدودة بالنسبة للكثير من البلدان، وبريطانيا من ضمنها، ولكن دولة رئيس الوزراء السيد جوردون براون، لديه التزام شخصي عميق بالحصول على التمويل الصحيح والعادل للتعامل مع تغير المناخ، وهذا ليس بدلا عن المساعدات الخارجية الحالية، وإنما بالإضافة إليها.
وهذا الأسبوع، حث دولة رئيس الوزراء البلدان على العمل من أجل الوصول إلى رقم عالمي بنحو 100 بليون دولار سنويا بحلول عام 2020 لمساعدة البلدان النامية، مع استخدام آليات مالية جديدة تجعل الأمر ممكنا.
ولقد شهدنا، خلال الأشهر الستة الأخيرة، كيف من الممكن أن يتحول الحوار. فقد غير الرئيس أوباما مسار اللعبة. وقامت الصين برفع حجم طموحها وبات من الواضح أنها تريد التوصل إلى اتفاق. ولا يزال أمامنا، خلال الستة أشهر التالية، طريق أطول نسيره وحاجتنا للإسراع بذلك ملحة. إن اللحظة الحاسمة أمامنا، ومن الممكن إيقاف التغير المناخي الخطير من خلال اتفاق طموح وفعال وعادل، ومن الممكن التوصل إلى ذلك الاتفاق عبر تكاتف الحكومات والمواطنين في كل بلد.

المصدر: صحيفة عكاظ
بواسطة : admin
 0  0  1786