• ×
admin

سرٌ يعرفه الجميع

سرٌ يعرفه الجميع

عبدالرحمن السلطان

نعيش حياتنا كما لو كنا سوف نعمّر إلى ما لا نهاية، نعرف سر الحياة أنها لن تتكرر ولن تستمر لكننا نفعل عكس ما نعرفه حق اليقين، كما لو كان سراً نجاهد أن لا يعرفه أحد!

نظرة علوية من خارج محيطنا تكشف أننا نعيش لتحقيق أهداف ليست لنا، فالسعادة والرضا الداخلي ليس هدفنا الأخير، بل تحقيق النجاحات التي ترفع من قيمتنا أمام الأخرين، حتى لو كان ذلك على حساب صحتنا وجودة حياتنا، المهم أن يرضى عنا أولئك الآخرين مهما كانوا بعيدين عن يومنا وعن التأثير على حياتنا.

تبدأ المأساة من اختيار التخصص الجامعي، إذ يكاد يكون صاحب الشأن آخر من يقرر ماذا يريد! وهو ما يحدث في الزواج لاحقاً، وهكذا في أغلب مناحي الحياة، حيث يتحول المرء من مسلوب القرار إلى سالبٍ لقرار الآخرين مع تقدمه في العمر، وهنا مكمن الخطر وأثره السلبي، فهو في كلا الوضعين لم يختر ما يريد لنفسه، لأن مجتمعنا الشرقي دائماً ما يضع مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد، فلا عجب أن فقد روحه وضل طريقه عن السعادة.

لا بد أن تشارك سر الحياة مع من تحب، ليدرك أنك لست أنانياً ولا نرجسياً حينما تطلب أن تعيش حياتك أنت أولاً قبل أن تعيشها لصالح محبيك، أيضاً ليدرك أنك لست انتهازياً فقط لأنك وضعت نفسك قبل الآخرين، ولعل نظرة خاطفة على سير الناجحين والمبدعين لتجد أنهم عاشوا حياة كانوا هم رقمها الأول، وأنهم شقوا طريقاً هم اختاروه، وبه صعدوا إلى القمة، وأنهم لو وهبوا حياتهم للآخرين لما تميزوا عما سواهم من البشر، ولما استطاعوا تحقيق المختلف والمميز، فأنت مثلاً حينما تدرس ما تحب وتعمل فيما ترغب؛ حتماً سوف تبدع وتبرز، أو على الأقل سوف تشعر بالسعادة الحقيقية، وليست تلك المغلفة برضى وتقدير الآخرين.

تذكر دوماً أنه لا أسوأ من ساعات الشيخوخة وأنت تقضيها متأسياً على ما فات، وحزيناً أنك أضعت وقتك لغيرك، وكنت رجع صدى لما يرغبون، وهو ما نسمعه دوماً ممن ضيّع حياته في ملاحقة السراب، أو تقليد الناجحين في وصفة لن تنجح إلا مع صاحبها.

بالتأكيد أن تعيش لحياتك أولاً ليس بالأمر الهيّن، ففيها مخالفة لتوقعات المجتمع، لكنها لذة لن تستمتع بها ما لم تتشجع وتتخذها أسلوب حياة.. تحرك اليوم وأصنع حياتك بما ترغب أنت، حينها سوف تعلم أنك تأخرت كثيراً.. لكن الوصول متأخراً خيرٌ من ألاّ تصل أبداً.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  436