• ×
admin

نقطة التحول من السمنة

نقطة التحول من السمنة

خالد منصور عجارم

لم تكن الحياة كما أتمنى، دائماً كان هناك شيء ما ينقصني، ما هو؟.. لا أعرف، ولكني أعاني من زيادة الوزن، وأعاني من إحساسي أنني غير لائق اجتماعياً، كشكل ومظهر، وزنك زائد، خفف، مارس رياضة، لماذا لا تستخدم ريجيم؟، كانت هذه تعليقات وملاحظات وأسئلة أسمعها بشكل متكرر، أبتسم لها، وأناقشها بمرح، ولكن تبقى في القلب غصة، وأعيش مع السمنة قصة، بل هي مأساة، فإحساسي أنني سمين تجعلني أعتقد أن لا شيء مناسب ولا شيء مرضٍ، دائماً هناك شيء ما غير صحيح.

قد نقابل السمنة بالمرح والضحكات والأساليب الهزلية، ولكن الأمر خطير، ومرعب، ولا تجد سميناً إلا ويتمنى أنه يوماً ما سيفقد الوزن الزائد وسينحف، إنه مثل المدخن، فلا يوجد مدخن إلا ويتمنى الإقلاع عن التدخين، ولكن ما المانع؟

إنها الإرادة، قوة اتخاذ القرار المناسب، ووضع الخطط لتنفيذه، والإصرار والتحدي في التنفيذ، فهو ليس بالأمر السهل أن تتخلى عن كل الأكلات اللذيذة والمفضلة لديك، عشرات الأصناف المغرية من الأطعمة، عليك أن تقرر أن تلغيها من حياتك، والغريب أن الأطعمة عندما تنقطع عنها تبدأ في صنع الصور لها وليست صوراً مبهمة، وهذا الغريب في الأمر إنها صور بالشكل والطعم والرائحة، وكأن كل حاسة من حواسك الخمس تتخيل المأكولات بصورة متناغمة مع الحاسة الأخرى، إنها معاناة مضاعفة بعدد الحواس الخمس.

نعم كنت سميناً، ولكن وفي لحظة ما أدركت أنني أسير نحو الهاوية، إنه طريق مبهم وغامض ومخيف، ولأنني تلقيت علوماً طبية فإنني أعرف تماماً ما هي النهايات المحتملة، وكلها خطيرة ومؤلمة، فأما التعرض للذبحة الصدرية وانسداد الشرايين، أو الوقوع في براثن مرض السكري، والضغط، أو أمراض المفاصل والفقرات، وربما تساعد في حدوث أمراض أخرى، ناهيك عن الآثار النفسية مثل الأرق والتوتر، والآثار الاجتماعية التي يعاني منها كل من يزداد وزناً، بمعنى آخر السمنة هي مظلة للعديد من الأمراض، وهي مدمر شامل للحياة وبهجتها، فلا الحركة سهلة ورشيقة، ولا النوم مريح وهادىء، ولا الملابس تصبح مناسبة وأنيقة، ولا حتى الصلاة والقيام والقعود، ولا شيء يصبح له طعم أو بهجة، إنها السمنة القاتلة لكل مباهج الحياة.

ومن هذا الإدراك لواقعي المرير كان لا بد من خطوة ما نحو القرار الصحيح، إن المشكلة مهما كانت كبيرة فإنه إن لم يدركها الشخص فإنه لا يمكن حلها، لذلك قال علماء النفس إن أول خطوة في حل أي مشكلة هو إدراكها ثم الاعتراف بها، نعم أنا لدي مشكلة (سمنة)، إنها اللحظة التي أعتبرها اللحظة الحاسمة هي تلك اللحظة التي أدركت فيها مشكلتي واعترفت بها، إنها اللحظة التي بدأت معها أول أفكار البحث عن حلول، ومع كثرة الخيارات والاحتمالات وصراع المغريات كان لابد من أن اعتمد طريقة معينة في الحل.

إن العقاقير والأدوية والعمليات الجراحية والتدخل الطبي رغم أنها من الحلول المطروحة ولكني لم أفكر بها، بل اعتمدت طريقة أخرى، تنبع من الإيمان الكامل بحجم المشكلة وفداحة الضرر، لذلك وهو الأمر الذي أنصح به من واقع تجربة، إن لم تكن السمنة لديك بسبب مرض آخر، فلا تلجأ للتدخل الطبي، فهناك أنواع من السمنة تسببها أمراض مثل الغدد أو الاستخدام الطويل لبعض الأدوية مثل الكوارتيزون، فهذه أمور أخرى تحتاج ربما لتدخل طبي لمعالجة السمنة الناتجة عنها، أما سمنتي والتي هي مثل سمنة الكثير من الناس التي سببها أصلاً الخلل في النظام الغذائي وعدم إدراك ضرر بعض المأكولات وتسببها في تراكم الدهون والشحوم وقيمتها الغذائية المدمرة، فإن الحل هو نفس السبب، فداوها بالتي كانت هي الداء، بمعنى إن كان سبب السمنة لديك هي تناول غير منظم للمأكولات فالدواء يكون بالامتناع التام عن هذه المأكولات.

هذا لا يعني أنك لست بحاجة استشارة طبية وفحص شامل قبل البدء بالحمية الغذائية، بل أنت بحاجة الاستشارة الطبية وبحاجة لاستشارة أخصائي تغذية، لحساب السعرات الحرارية التي يفترض أن تستهلكها وتلك التي عليك التخلص منها، كما أنك بحاجة لبرنامج رياضي، أو ممارسة نشاط بدني معين ومنظم ليساعدك في التخلص من الكثير من السعرات الحرارية ولتحافظ على رشاقتك غير أن الرياضة في الأصل مفيدة للدورة الدموية ولتنشيط خلايا الدماغ والجسم ككل.

وسيزودك الطبيب أو أخصائي التغذية بالعديد من النصائح ومن أهم النصائح هو كم من الوقت تحتاج لممارسة الرياضة، وكم من السعرات الحرارية عليك التخلص منه يومياً، وكم من المياه عليك شربها في اليوم، وذلك حسب الوزن والطول وعوامل جسدية (فسيولوجية) تختلف من شخص لآخر.

إن ما يهمني في هذا المقال هو ليس إعطاءك عزيزي القاريء نصائح غذائية، بقدر ما يهمني أن تعرف أن الخطوة الأولى هي لحظة التحول، اللحظة التي تدرك فيها أن لديك مشكلة، وتعترف بها، وتبدأ في التفكير الجاد والمركز على البحث عن حلول سليمة وآمنة.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  490