• ×
admin

العمــر المطلق

العمــر المطلق

أحمد عبد القادر المهندس

لا يوجد عمر مطلق لأي كائن حي، فالأعمار نسبية. لكن العمر المطلق مفهوم فيزيائي-جيولوجي لتحديد أعمار بعض المعادن والصخور بدقة. ويمكن تحديد ذلك باستخدام طرق تعتمد على التفتيت الذري للعناصر المشعة، فقد اكتشف العالم الفرنسي هنري بيكريل أن اليورانيوم عنصر له القابلية للإشعاع التلقائي، وأن الأشعة التي تنطلق من هذا العنصر تحرق الأفلام الفوتوغرافية وتؤين الغازات.

وتؤدي هذه الإشعاعات أيضاً إلى تضوّء بعض المركبات الكيميائية في الظلام مثل كبريتيد الزنك. وقد أطلق بيكريل اسم الإشعاع الذري على قابلية اليورانيوم وبعض العناصر الأخرى لانبعاث هذا الإشعاع منها.

وينتج الإشعاع الذري لعنصر معين من عدم ثبات التركيب النووي لنظير أو أكثر من نظائره.

وهنالك أنواع من الإشعاع الذري هي:

ــ الإشعاع بانبعاث أشعة جاما، حيث ينتقل العنصر نتيجة لهذا النوع من الإشعاع من حالة ذات طاقة عالية إلى حالة ذات طاقة منخفضة، بدون أي تغيير في الرقم الكتلي أو الذري للعناصر. وأشعة جاما التي تنبعث من هذا النوع من الإشعاع الذري هي موجات كهرومغناطيسية، أطوالها قصيرة جداً أقصر من موجات الأشعة السينية، ولذلك فلأشعة جاما القدرة على اختراق الأجسام الصلبة أكبر بكثير من قدرة اختراق الأشعة السينية لها، والجدير بالذكر أن الأشعة السينية والضوء وموجات الراديو موجات كهرومغناطيسية أيضاً تتزايد أطوال موجاتها تدريجيا وبالتالي تقل طاقتها.

ــ الإشعاع بانبعاث جسيمات إلفا، وجسيمات إلفا هي نوى عنصر الهيليوم، وتتكون كل نواة من هذه النوى على بروتين ونيوترون وفي هذا النوع من الإشعاع ينخفض الرقم الذري للعنصر المشع بمقدار رقمين ورقم الكتلة أربعة أرقام، وبذلك يتحول العنصر إلى عنصر آخر، فاليورانيوم 238 برقم ذري 92 يتحول إلى ثوريوم 234 برقم ذري 90. ويحدث التحلل الذري عادة بانبعاث أشعة إلفا في حال النوى الكبيرة جدا التي تكون غير ثابتة لكبر حجمها وكتلتها.

ــ الاشعاع بانبعاث جسيمات بيتا، وجسيمات بيتا هي الكترونات حبيسة في نوى بعض العناصر، وتوجد في النيترونات التي يمكن أن تتحول إلى بروتونات ذات شحنة موجبة نتيجة لهذا النوع من الإشعاع، وبذلك يكتسب العنصر عند فقدان جسيم بيتا رقماً ذرياً بدون أن يتغير رقم كتلته، فيتحول الروبيديوم 87 رقم ذري 37 إلى استرونشيوم 87 رقم ذري 38 بفقدان جسيم بيتا.

ــ اكتساب إلكترون، ويمكن أن يكتسب بروتون إلكترونا ليتحول إلى نيوترون، وفي هذه الحالة ينقص الرقم الذري واحداً بدون أن يتغير رقم كتلته، فالبوتاسيو، م 40 رقم ذري 19 يتحول إلى أرجون 40 رقم ذري 18 حينما تكتسب نواة البوتاسيم إلكترونا.

وأحياناً تتطلب بعض النظائر عدة مراحل من التحلل الذري للوصول إلى حالة الثبات فيتحلل اليورانيوم 238 ثماني مرات بفقدان جسيمات إلفا وست مرات بفقدان جسيمات بيتا ليصبح رصاصا 206.

ولا تتغير سرعة تحلل النظائر المشعة مهما تغيرت الظروف الفيزيائية والكيميائية التي تحيط بهذه النظائر وتعتمد كمية النوى التي تفتت على الكمية الكلية للنظير المشع في لحظة معينة.

ويعبر العلماء عن سرعة تحلل النظائر بالزمن الذي يمر لكي تنخفض أي كمية من المادة المشعة للنصف، إذ إن هذه الفترة من الزمن ثابتة لكل عنصر، ولا تعتمد على الكمية الأصلية للعنصر عند بداية التحلل، وتسمى هذه الفترة الزمنية بزمن عمر النصف للعنصر المشع.

وقد أمكن بهذه الطرق الفيزيائية معرفة الأعمار المطلقة للصخور والمعادن. أما عمر الأرض فيصل إلى حوالى 4600 مليون عام.. وعندما ينظر الإنسان العادي إلى هذه الأعمار المطلقة ينتابه كثيرا من الشك والحيرة.. لكن هذه الأعمار المطلقة مسجلة في ذاكرة المعادن والصخور، وهي تدل على قدرة الله على تعليم الإنسان ما لم يعلم. كما أنها توضح بدقة عمر الأرض الطويل مقارنة بعمر الإنسان والحضارات البشرية المحدود جدا!

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  11976