• ×
admin

انظر لمستوى أطفالنا كي تُخمن مستقبلنا

انظر لمستوى أطفالنا كي تُخمن مستقبلنا

فهد عامر الأحمدي

قد يكون من العنصرية وصف شعب بالغباء والبلاهة، ولكن من الجميل (والمعقول أيضا) وصفه بالذكاء والألمعية..

فمن العنصرية الاعتقاد أن شعبا أذكى من شعب كون الله خلقنا سواسية (كأفراد).. غير أن الأمر يختلف حين نتحدث عن "متوسط ذكاء الشعب" أو نُقارن مستوى الابداع بين الأمم..

بكلام آخر؛ حين تختبر شابين من اليابان والصومال أو من ألمانيا والسنغال قد لا تكتشف بينهما فروقات فردية في اختبارات الذكاء.. ولكن حين تتحدث عن محفزات الابداع أو متوسط الذكاء العام، ستكتشف حتما تفوق المجتمع الياباني والألماني على الصومالي والسنغالي..

ومتوسط الذكاء بين شعوب العالم يمكن قياسه من خلال اختبار عينة عشوائية مكونة من مئة أو ألف شخص.. وفي حال فعلت ذلك ستكتشف أن الشعوب الآسيوية تتفوق كثيرا على الشعوب الأفريقية بفضل المحفزات الاجتماعية وجودة النظام التعليمي..

وليس أدل على وجود علاقة بين الطرفين، من الارتفاع المتواصل في متوسط ذكاء الأطفال في جميع الأمم تقريبا.. ويعود السبب وراء ذلك إلى انتشار التعليم، وسعة الاطلاع، وقوة المنافسة الأكاديمية..

وكانت دراسات أوروبية كثيرة قد لاحظت ارتفاع متوسط ذكاء الأجيال الجديدة باطراد.. فالهولنديون مثلا ارتفع متوسط ذكائهم بين عامي 1952 و1992 لأكثر من 21 نقطة. كما ارتفع معدل ذكاء الأسبان (خلال الثلاثين عاما الماضية) بمعدل 9,5 نقاط. أما في أميركا فارتفع متوسط ذكاء الأطفال السود بمعدل 6 نقاط منذ عام 1972 (كما اتضح أن نتائج اختبارات الذكاء التي أجريت لأطفال المدارس عام 1937 تعد بمقاييس اليوم منخفضة وتصل لمستوى الغباء)!

.. وفي العقود الأخيرة لوحظت نفس الظاهرة في دول النمور الآسيوية (تايوان وسنغافورة وهونج كونج وكوريا الجنوبية) حيث ارتفع متوسط الذكاء بين الطلاب إلى مستويات قياسية لم تشهدها من قبل. ويعود السبب مجددا إلى جودة النظام التعليمي في تلك الدول (بدليل احتلال طلابها المراكز الأولى في اختبارات العلوم والرياضيات العالمية)!

وكنت شخصيا قد اطلعت على دراسة ميدانية أجراها البروفيسور ريتشارد لين من جامعة ألستر في أيرلندا الشمالية تفيد بأن الألمان هم الشعب الأكثر ذكاء في أوروبا.. فبعد مقارنة متوسط ذكاء عينات عشوائية من مختلف الشعوب الأوروبية على مدى عامين متتاليين اتضح من خلالها أن متوسط ذكاء الشعب الألماني يبلغ 107,1 نقاط متقدمين بفارق طفيف على الهولنديين (107) والبولنديين (106) والسويديين (104) والإيطاليين (102)..

أما الشعب البريطاني فأحرز متوسط ذكاء قدره (100) نقطة متقدما على الأسبان بنقطتين وعلى الفرنسيين بأربع نقاط، فيما حلت شعوب بلغاريا ورومانيا وتركيا وصربيا في آخر الترتيب!

ومرة أخرى؛ قد لايكون لائقا استغلال هذه الدراسات لإثبات ذكاء أو غباء شعوب بعينها؛ ولكنها بالتأكيد توضح دور الأنظمة التعليمية والمحفزات الاجتماعية في رفع متوسط ذكاء الأجيال القادمة..

وعلى ذكر "الأجيال القادمة" انظر هذه الأيام لمستوى تعليمنا، وطبيعة محفزاتنا، لتخمن مستقبلنا ومستوى إنجازاتنا خلال العقود القادمة.

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  3394