• ×
admin

مشكلات خاصة بالأثرياء فقط

مشكلات خاصة بالأثرياء فقط

فهد عامر الأحمدي

الأميركان يدعون من باب المبالغة أن الأغنياء يعيشون في كوكب آخر.. فهم يفكرون بطريقة مختلفة، ويتصرفون بطريقة مختلفة، ولا يفهمهم معظم الناس.. لهم مشكلاتهم الخاصة، وأمراضهم الخاصة، ودوافعهم الخاصة، بحيث يصعب على الطرفين الاتفاق على أشياء كثيرة في مقدمتها المال وسبب وجوده في الحياة!

فحين يكون لديك مثلا خمسون مليونا ثم تتحسر على عدم امتلاكك مئة مليون فهذه مشكلة خاصة بالأثرياء فقط!

وحين تملك مئة مليون ثم تتملكك الغيرة لماذا يملك شاب مثل زوكربيرج (مؤسس الفيس بوك) عشرين مليارا فهذه مشكلة خاصة بالأثرياء فقط!

وحين تملك مالاً يكفي قرية صغيرة ثم تتحسر كيف تركت أبناءك بلا رصيد كاف (مثل عائلة فلان وفلان) فهذه بدون شك مشكلة خاصة بالأثرياء فقط!!

.. وفي الحقيقة، يمكنني الاستمرار في هذه القائمة الى الأبد؛ ولكنك في النهاية ستكتشف أن الأثرياء يملكون هموماً ومخاوف أكثر من البسطاء (فالبسطاء لا يملكون ما يخافون عليه أصلا)!

.. دعونا إذاً ننتقل الى جانب آخر من الموضوع وهو مالا نعرفه عن الأثرياء فعلا:

- هل تعرف مثلا أن هناك نوعين مختلفين منهم.. الأول أفضل مني ومنك كونه عصاميا مجتهدا صعد من الصفر دون أن ينسى جذوره القديمة.. أما الثاني فجيل تال ورث المال ولم يعرف طعم الحاجة ولا يفهم لماذا يفعل الفقراء هكذا بأنفسهم (تماما مثل ماري انطوانيت التي قالت لفقراء باريس: إن لم تجدوا الخبز تناولوا الكعك)!

- وأغلب الأثرياء يهتمون بمقدار المال الذي يملكه منافسوهم أكثر من المال الذي في حوزتهم.. لديهم رغبة شديدة في معرفة ثروة فلان وفلان دون الإفصاح عن ثرواتهم الشخصية (لدرجة أن أندرو كارنيجي في أميركا كلف عالم نفس يدعى نابليون هيل بالبحث عن أسرار منافسين مثل فورد ومورجان وبيل وروكفلر بدعوى تأليف كتاب عن قوانين النجاح/ وابحث في النت عن مقال سابق بنفس العنوان)!

- أيضا الأثرياء يفقدون بمرور الزمن الشعور بقيمة النقود نفسها.. فعامل النظافة مثلا يُقيم (الخمسمئة ريال) كجهد وطاقة بذلهما خلال شهر كامل.. وفي المقابل لا ينظر الثري لذات "الخمسمئة" بنفس الطريقة ويتعامل معها كرقم تافه ناله دون جهد أو طلب وبالتالي يصرفها على أمور أبسط بكثير.. ونفس الأمر ينطبق على الموظف البسيط الذي يشعر بقيمة راتبه فيصرف كل ريال في موضعه، في حين يفتقد الثري هذه الميزة فيرى رصيده مجرد أرقام بنكية وعقد الصفقات مجرد.. ألعاب أرستقراطية!

- وكما ذكرت في مقدمة المقال؛ يملك الأثرياء أيضا مشكلاتهم الخاصة، وأمراضهم الخاصة، ودوافعهم الخاصة.. فهم مثلا يتزوجون ويطلقون ويخطئون بنسبة أكبر.. وفي مجتمعنا بالذات يملكون أكثر من زوجة وبيت وذرية، الأمر الذي يرفع نسبة المشكلات الأسرية والصراعات المالية.. كما أن لديهم نسبة أكبر من أمراض الضغط والسكر والسمنة والوفاة بالقلب وتليف الكبد ناهيك عن ارتفاع نسبة الإحباط والقلق والاكتئاب والشك بنوايا الآخرين..!

... ولكن.. في النهاية؛ لا يجب أن نخدع أنفسنا ونتجاهل الجانب الايجابي والجميل في حياة الثراء.. فالأثرياء أقدر على الاستمتاع بمباهج الحياة، والتأثير على محيطهم، ونيل مساعدة المسؤولين، وتوفير تعليم راق لأبنائهم ورعاية صحية لأنفسهم وبالتالي يعيشون لعمر أطول، ويرون أبناءهم في مناصب أفضل، وتتحقق مصالحهم بطرق أسرع وأسهل..

.. وبدون شك.. من يسلم من السلبيات السابقة يعش حياة نعيم وسعادة ويتحقق فيه قول المصطفى صلى الله عليه وسلم "نعم المال الصالح للرجل الصالح".

الرياض
بواسطة : admin
 0  0  1484